وقفات "النهار" الانفصال والحرب الأهلية اليمنية 1994: الجنوب جنوب... والشمال شمال

اُعلِنَ رسمياً عن توحيد اليمن بتاريخ 22 أيار (مايو) العام 1990، بعد عقود من "التشطير" و"الانقسام"، وكان حدثاً مهماً ليس على صعيد الداخل اليمني فحسب، بل في عموم المنطقة العربية، حيث كانت تلك الخطوة محطّ اهتمام ومتابعة عربياً ودولياً، وسط توقعاتٍ إيجابية لبناء الدولة اليمنية المستقرة التي تطمئنُ جيرانها وتحقق طموحَ شعبها في التقدم والازدهار، والذي قدّم الكثير من التضحيات إبّان حربه ضد "نظام الإمامة" في الشّمال، أو في نضاله لتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني.هندس تلك الوحدة الزعيمان علي سالم البيض رئيس جمهورية اليمن الديموقراطية في الجنوب، وعلي عبد الله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية في الشمال. وعلى الرغم المحاولات لبناء الهوية الوطنية اليمنية من قبل طرفي الوحدة، إلا أن مقتضيات تلك الوحدة، قد اقتصرت على النخب الحاكمة من الحزبين لتبدو وكأنها نتيجة لحرق المراحل والاندفاع العشوائي في تسريع التاريخ، وبالتالي لم تؤخذ في الاعتبار طبيعة الاختلاف بين تجربتي الدولتين الإيديولوجية والسياسية طيلة مدة الانفصال المعبّرة عن التماهي مع صراع المعسكرين الشرقي والغربي، ولم تعكس نضجاً للظروف الموضوعية القادرة على الارتقاء بالاندماج تدريجياً بتمهل ومن دون افتعال. وبناءً عليه عجز الطرفان عن تكريس الوحدة المبتغاة، للوصول إلى بناء الدولة المنشودة بعيداً عن منطق المحاصصة وتقسيم المغانم.تصدّعات مبكرة بعد الاعلان عن اتفاق الوحدة، دخل اليمن فترة انتقالية حُددت بسنتين ونصف السّنة من تاريخ توقيع الاتفاق، وقد أظهر فيها حزبا الوحدة الكثير من التنافس الخفي، بعدما ظلّت العلاقة بينهما مشوبة بالحذر وانعدام الثقة، لكون أصحاب القرار قد حاولوا فرض معاييرهم الخاصة بالوحدة، ما استدعى تمديد الفترة الانتقالية بموجب إعلان دستوري الى 27 نيسان (ابريل) 1993 بدلاً من 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1992، وكان سبب تمديد الفترة الانتقالية...