الخميس - 04 تموز 2024

إعلان

خيوط إيرانية في عملية "طوفان الأقصى" وهذا مصير "حماس" بعد الحرب... ماذا عن تدخّل "حزب الله"؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
تظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض (أ ف ب).
تظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض (أ ف ب).
A+ A-
أسبوع مضى على عملية "طوفان الأقصى"، التي هزّت الشرق الأوسط، والعالم، ملؤه الفوضى والحرب والدماء. ووفق ما يبدو، فإن ثمة حرباً طويلة مرتقبة بين قطاع غزّة وإسرائيل؛ وتداعيات "11 أيلول تل أبيب" ستستمر في الظهور تباعاً، خصوصاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهّد بتغيير صورة الشرق الأوسط.

كل التوقعات تُشير إلى أن الحرب قد تستمر لأسابيع أو لأشهر إلى أن تُحقق إسرائيل أهدافها غير المعلنة بعد، والتي توقعت مراجع سياسية متابعة أن تتمثّل بقتل قيادات "حماس"، وإنهاء الوجود الفعلي للحركة، وفق سيناريو مُشابه لما حصل مع منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1982 حينما تمّت محاصرة ياسر عرفات في بيروت، وحُجّمت قدرات المنظّمة، ومن ثَمّ تهجير الجميع إلى تونس.

في المشهد العام، يبدو الصراع مبدئياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن تكبير الصورة، وقراءتها بشكل هادئ، بعيداً عن العواطف، ممّا يُظهر أن الخيوط الإيرانية ليست غائبة عن الميدان؛ وعلى الأرجح أن المعركة وقعت على التوقيت الإيراني لا الفلسطيني، والصراع بمضمونه إيراني - إسرائيلي - أميركي، خصوصاً أن حركة "حماس" تُعتبر فصيلاً ضمن فصائل محور إيران.

قبل أيام قليلة، كشفت معلومات "وول ستريت جورنال" عن اجتماع عُقد قبل الهجوم بفترة وجيزة بين قيادات إيران، "حزب الله" و"حماس" في لبنان، تم الاتفاق فيه على تفاصيل الهجوم. وبعد مرور أسبوع على بدء العملية، زار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان لبنان وسوريا، والتقى قادة "حزب الله" والفصائل الفلسطينية، وهدّد إسرائيل، ممّا يعزّز القناعة بوجود البصمة الإيرانية في ما يحصل.

في هذا السياق، فإن ثمّة العديد من الأسئلة تُطرح. ماذا خلف موعد المعركة؟ وهل التوقيت إيرانيّ؟ ما هي آفاق الحرب؟ وهل ستقتحم إسرائيل قطاع غزّة برياً؟ وفي حال حصل ذلك، فهل سيتدخّل "حزب الله" من لبنان؟ ما هو أفق الحرب، وماذا سينجم عنها؟

التوقيت إيراني... لماذا؟
يعتبر الكاتب السياسي سام منسّى أن "ما حصل بين "حماس" وإسرائيل ليس اعتيادياً، والموضوع يتجاوز ملف الحركة بنفسها، ويرتبط بميزان القوى في الشرق الأوسط؛ وما حصل أظهر بشكل واضح خلل التوازن القائم في المنطقة لصالح إسرائيل، وتنتظرنا حرب طويلة وفق الترجيحات؛ وذلك دون إغفال أحقّية القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين".

وفي حديث لـ"النهار"، يستطرد منسّى، فيقول إن "العملية أدّت إلى اهتزاز هيبة إسرائيل، وأظهرت قدرة "حماس" على خرق استخباراتها ومفاجأتها. لكن إسرائيل - من منظار واقعي - ليست ضعيفة أو غير قادرة على الرّد، وما يحصل اليوم على مستوى غزّة واستهداف "حماس" دليل على ذلك، وإطلاق عملية "طوفان الأقصى" كان خطأ بتقدير قدرات إسرائيل".

برأي منسّى، فإن "الحرب تتجاوز الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتتعداه إلى الصراع الإيراني - الإسرائيلي". ويُشير إلى أن "أحد أسباب توقيت ما يحصل هو عملية التطبيع التي كانت جارية بين إسرائيل والسعودية بسعي أميركي، وكان هدف الإيرانيين خربطة المشروع، وتمكنوا من تحقيق ذلك موقتاً، لكنهم قد لا ينجحون بضرب المشروع برمّته، لأن إسرائيل ستندفع أكثر نحو التطبيع".
 
هل يتدخّل "حزب الله"؟
أما بالنسبة لتوسيع دائرة الصراع وتدخّل كلٍّ من "حزب الله" والولايات المتحدة التي استقدمت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، فيرى منسّى أن "إيران لن تُخاطر بورقة الحزب بعدما خسرت ورقة "حماس" انطلاقاً من أن العملية أنهت الحركة التي خسرت الأرض، والعملية البريّة المفترضة التي ستقوم بها إسرائيل لن تكون بمثابة اجتياح واسع، بل عمليات قضم على مراحل لا تستدعي تدخّل الحزب".

ويُتابع في هذا السياق: "التعزيزات العسكرية الأميركية هدفها كبح تحوّل الحدث إلى حرب إقليمية، وردع إيران وحلفائها عن دخول الحرب، خصوصاً أن ثمّة مناخاً دولياً يقول "ما حدا يفوت بالحرب". وعلى الأرجح أن إيران استغنت عن "حماس"، وتركتها لمصيرها، ويدفع أهالي غزّة ثمن ما يحصل".

وعن أمد هذه الحرب، يُشير منسّى إلى أن "الولايات المتحدة ستدفع إلى تفعيل محادثات تشجّع على مبادرة سياسية سلميّة بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أميركية - أوروبية - عربية، تعيد إحياء السلطة الفلسطينية، للشروع بمحادثات سلام، وذلك من دون "حماس" التي خسرت موقعها في هذه الخريطة".

ويعتقد منسّى أن "ضربات إسرائيلية ستستهدف العمق الإيراني أيضاً، وستقوم تل أبيب بعمليات اغتيال وقرصنة رداً على هجوم "حماس". ولكن هذا الرد مؤجّل حالياً، لأن إسرائيل تُركّز على غزّة، ولا تريد تشتيت قوتها على جبهات أخرى، من بينها جبهة الجنوب والداخل الإيراني".
 
فلسطينيون يستشهدون لفلسطين لا لإيران!
لكن للمشهد مقلب آخر، وقول للباحث المتخصص في الشأنين التركي والإيراني، ميشال نوفل، يعتبر فيه أن "توقيت الحرب فلسطيني وليس إيرانياً، لسبب بسيط هو أن الهجوم النوعيّ الذي تقوم به "حماس" يتضمّن اختراقات برّية لمقاتلين فدائيين؛ وهذه الاختراقات تكون بمثابة عمليات استشهادية، وبالتالي الفلسطينيون يستشهدون من أجل فلسطين وليس من أجل إيران".

وفي حديث لـ"النهار"، يتطرّق نوفل إلى التوقيت، ويُشير إلى أن "حماس" اختارت التوقيت بعناية؛ فبعد الفوضى السياسية التي شهدتها إسرائيل، والشرخ الشعبي بسبب "الإصلاحات القضائية" التي عزم نتنياهو على إقرارها، وبعد تخفيف الحراسة الأمنية على غزّة من خلال نقل العناصر إلى الضفة الغربية، باغتت "حماس" إسرائيل ونفّذت عمليّتها.

ويُضيف في هذا السياق: "في تاريخ فلسطين، كانت الانتفاضات تحصل حينما كان الفلسطينيون يشعرون بأنّهم متروكون، وبأن قضيّتهم منسيّة، فيُبادرون لإعادتها إلى جدول أعمال المجتمع الدولي من خلال العمليات، وهذا ما فعلته "حماس"، والعمليّة ستُغيّر معادلة المنطقة، وقد تُطيح بطريقها بالتطبيع الذي كان مفترضاً بين إسرائيل والسعودية".

أما عن الدور الإيراني، فيلفت نوفل إلى أنه "في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، الفصائل دائماً ما تكون في موقع الضعيف نسبةً إلى قوّة إسرائيل والدعم الخارجي لها، وبالتالي تستقدم هذه الفصائل المساعدات لتعويض فارق ميزان القوّة. وفي هذا السياق فإن لـ"حماس" أيضاً علاقات مع قطر وتركيا وليس فقط مع إيران، ثم إن الأخيرة تدخّلت بعد التموضع الأميركي إلى جانب إسرائيل".
 
هل يُمكن إنهاء "حماس"؟
بالنسبة إلى تصريحات إسرائيل حول إنهاء "حماس"، ومع العودة إلى تجربة منظمة التحرير وعرفات، يُشير نوفل إلى أن الحركات التحرّرية لا تنتهي بحروب من هذا النوع، ولكنها قد تتلقّى ضربات قاسية، إلّا أنّه من الضروريّ التذكير بأن الحركة تحظى بتأييد شعبي في غزّة يُشكّل لها بيئة حاضنة وإدارة حسنة. وبرأيي فإن "حماس" كسبت سياسياً وشعبياً، وقد تأخذ مكانة "فتح"".

ويتحدّث نوفل عن الجبهة الجنوبية، ويعتبر أن "تغيير المعادلة وقواعد الاشتباك مرتبط بغزّة وبالعملية البرّية الإسرائيلية المفترضة، وحسب مجريات هذه العملية سيتخذ "حزب الله" قراره بالمشاركة من عدمها. وفي هذا الإطار، فإن الحملة البرّية لن تكون سهلة، و"حماس" مستعدّة لها من خلال الألغام والأنفاق، ثم إن الجيش الإسرائيلي ضعيف في المعارك البرّية تاريخياً".

ما ذُكر أعلاه من تدخل إيراني لا ينفي أحقّية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ولا يلغي حق الشعب الفلسطيني بالنضال ضد إسرائيل، ثمّ إنّه لا يُبرّر ارتكاب إسرائيل المجازر بحق سكّان غزّة من أطفال ونساء بشكل خاص، لكن الخوف أن يكون الفلسطينيون قد دفعوا ثمناً باهظاً لحسابات إيرانية، لا فلسطينية!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم