كثّف الجيش الإسرائيلي الأحد قصف غزة حيث قُتل 31 شخصا في استهداف مخيم النصيرات، وفقاً للدفاع المدني في القطاع، بينما يصل مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان إلى الدولة العبرية لمناقشة الحرب المستمرّة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وفي الشهر الثامن من الحرب بين إسرائيل وحماس التي أودت حتى الآن بحياة 35456 شخصا في غزة معظمهم من المدنيين، تجدد القتال في جباليا (شمال) حيث أعادت حماس ترتيب صفوفها بحسب الجيش الإسرائيلي، كما تتواصل المواجهات في رفح (جنوب) بحسب شهود.
وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إنه تم إحصاء "70 شهيدا و110 إصابات خلال 24 ساعة الماضية"، لافتة الى أن عدد الجرحى الاجمالي بلغ 79476.
من جهته، أكد الدفاع المدني في قطاع غزة أن القصف الاسرائيلي استهدف منزلا في مخيم النصيرات للاجئين. وقال المتحدث باسمه محمود بصل لوكالة فرانس برس "تمكنت طواقم الدفاع المدني بمحافظة الوسطى من انتشال 31 شهيدا، و20 إصابة من منزل يعود لعائلة حسان حيث تم استهدافه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بمخيم النصيرات".
وأكد أن "عمليات البحث عن مفقودين مستمرة حتى اللحظة".
وفي شمال القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر، أفاد المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) عن مقتل ثلاثة أشخاص في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج شرق مدينة غزة.
- ضد "قوة عظمى" -
كذلك، أفاد شهود عن انفجارات وقتال متواصل طوال الليل في جباليا بشمال القطاع بعدما أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء أحياء إضافية، متهما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بإطلاق صواريخ منها في اتجاه جنوب الدولة العبرية خلال الأيام الماضية.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن قبل أشهر "تفكيك البنية العسكرية" لحماس في شمال القطاع، غير أنّه عاد وصرّح الجمعة لفرانس برس بأنّ الحركة "كانت تسيطر بالكامل على جباليا حتى وصولنا قبل بضعة أيام".
وقال أبو نبيل وهو أحد سكان جباليا لفرانس برس "أناشد كل من لديه ذرة إنسانية. مجازر تحدث هنا. أطفال يصبحون أشلاء. ما ذنب هؤلاء الأطفال والنساء؟ لا أفهم، هل تعتقدون بأنّكم تقاتلون قوة عظمى؟ أٌقسم أنّ المدنيين هم الذين يموتون".
وفي جنوب قطاع غزة، أعلن الجيش تكثيف عملياته في رفح، حيث يصرّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على شنّ هجوم برّي واسع، ويعتبره ضروريا للقضاء على حركة حماس في آخر "معاقلها" الرئيسية.
وبدأ الجيش الإسرائيلي في السابع من أيار توغلاً بريا في هذه المدينة المكتظة بالسكان والقريبة من الحدود مع مصر، رغم المعارضة الدولية الواسعة لذلك.
ومنذ صدور أوامر إسرائيلية بإخلاء الأحياء الشرقية في المدينة في السادس من أيار، أُجبر حوالى "800 ألف" فلسطيني "على الفرار" وفقا للأمم المتحدة.
وأفادت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن استهداف القوات الإسرائيلية في معبر رفح بقذائف الهاون وخوض اشتباكات في شرق وجنوب شرق المحافظة.
من جهته، أعلن الجيش عن مقتل جنديين آخرين السبت، ما يرفع حصيلة قتلاه إلى 282 منذ بدء هجومه البري في غزة في 27 تشرين الأول.
اندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول، بعدما نفّذت حركة حماس هجوما على الأراضي الإسرائيلية أسفر عن مقتل 1170، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
واحتجز في الهجوم نحو 250 رهينة، 124 منهم ما زالوا في غزة بحسب تقديرات إسرائيل، من بينهم 37 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأدى الحصار الإسرائيلي وتقييد دخول المساعدات الإنسانية، إلى نقص حاد في الغذاء وتحذيرات من مجاعة محدقة بالسكان الذي يبلغ عددهم 2,4 مليوني نسمة.
- خلافات -
سياسيا، أعلنت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، أن مستشار الأمن القومي جايك ساليفان سيزور الدولة العبرية الأحد.
وتتزامن هذه الزيارة مع بروز خلافات عميقة بين المكوّنات السياسية الإسرائيلية، حيث هدّد الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس السبت بالاستقالة ما لم يصادق نتنياهو على خطة لفترة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
وقبله، دعا وزير الدفاع يوآف غالانت نتنياهو إلى "التحضير الفوري" لـ"بديل حكومي لحماس" في غزة، داعيا إياه الى الإعلان "أن إسرائيل لن تفرض سيطرة مدنية على قطاع غزة".
وسارع نتنياهو الذي يرفض حتى الآن النقاش بشأن فترة ما بعد الحرب، للرد على غانتس معتبرا أنّ مطالبه "معناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة وإقامة دولة فلسطينية".
في هذه الأثناء، تظاهر العديد من الإسرائيليين في تل أبيب، مطالِبين بعودة الرهائن. ورفعوا لافتات كُتبت عليها عبارة "أعيدوهم إلى بلدهم".
- مساعدات إنسانية شحيحة -
على المستوى الإنساني، توقّف تسليم المساعدات بشكل شبه كامل مذ سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح وأغلقه.
ويأتي ذلك فيما وصلت المفاوضات بشأن هدنة مرتبطة بالإفراج عن الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، برعاية الولايات المتحدة ومصر وقطر، إلى طريق مسدود.
في ظل إغلاق المعابر البرية الرئيسية أو عملها بشكل محدود، بدأت بعض إمدادات الإغاثة تصل غزة عبر ميناء عائم موقت أنشأته الولايات المتحدة.
لكن وكالات إنسانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة تؤكد أن المساعدات عبر البحر أو الجو لا يمكن ان تحل محل المساعدات التي تدخل برا.
في هذا الصدد، قال منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة مارتن غريفيث الأحد، إن تضييق الخناق على المساعدات التي تصل إلى غزة ينذر بعواقب "مروعة"، محذراً من مجاعة في القطاع المحاصر.
وقال غريفيث في مقابلة مع وكالة فرانس برس في العاصمة القطرية الدوحة إنه "إذا نضب الوقود، ولم تصل المساعدات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها، فإن تلك المجاعة التي تحدثنا عنها لفترة طويلة والتي تلوح في الأفق، لن تلوح في الأفق بعد الآن. ستكون موجودة".