دموع دعاء وأمل خليل... حجّاج من غزة يبلسمون جراحهم في مكة

بفرح يمتزج بألم شديد، تؤدي دعاء المسارعي فريضة الحج في مكة بعدما فقدت كل عائلتها في قصف إسرائيلي على قطاع غزة.

تقول هذه الفلسطينية البالغة 33 عاما والتي لجأت الى مصر منذ شباط إنها سعيدة لوجودها في مكة، في خضم الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية.

وتضيف بحسرة "لكن فرحتي غير مكتملة بدون أولادي وزوجي".

يشارك في الحج أكثر من مليون ونصف مليون مسلم هذه السنة، ويعدّ أحد أكبر التجمّعات الدينية في العالم.

ويتضمن الحج سلسلة من الشعائر في مكة وضواحيها في غرب المملكة العربية السعودية والتي تستغرق أياماً عدة لإكمالها.

وستكون الذروة يوم السبت بصلاة طوال اليوم على جبل عرفات، حيث ألقى النبي محمد خطبته الأخيرة. ويدور الحجاج الذين يرتدون ملابس الإحرام البيضاء حول الكعبة بأعداد كبيرة منذ أيام عدة.

تضيف هذه المرأة "حتى وانا أطوف الكعبة، أرى اولادي في السماء واتوجه لهم بالدعاء (...) حين رأيت الكعبة وانا موجودة، شعرت براحة نفسية".

لكن دعاء المسارعي تعرف أن لا شيء سيمحو "جراح" ذلك اليوم الرهيب من تشرين الاول حين دمرت ضربة اسرائيلية المنزل الذي كانت تقيم فيه مع عائلتها.

وقالت "حين استيقظت تحت الأنقاض، لم أكن أشعر بجسدي. لم أسمع سوى ابنتي الكبرى تبكي".

مع إصابتها بكسر في الظهر، نقلت الى المستشفى حيث علمت أن ابنها البالغ ثماني سنوات وابنتها البالغة سنة ونصف السنة لم ينجوا. وأصيب زوجها بجروح بالغة وتوفي بعد أيام.

نجت ابنتها الثالثة البالغة تسع سنوات وانضمت الى عائلة والدها في منطقة بقطاع غزة تعتبر أكثر أمانا، لكن القدر كان في المرصاد ووقعت بدورها ضحية قصف اسرائيلي مع كل سكان المنزل الآخرين.

تقول دعاء وهي غير قادرة على حبس دموعها ان ابنتها تلك كانت "الولد الوحيد الذي بقي لها، كانت تخفف" عنها الألم.

- "شعور بالأمل"-
بعد كل هذا الألم، تصف اللحظة التي علمت فيها انها ضمن ألفي فلسطيني دعوا من قبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لاداء فريضة الحج في المملكة بينهم ألف تم اختيارهم من عائلات ضحايا غزة، قائلة إنها "فرحة لا توصف".

بين الوفد نفسه خليل الرحمن جابر والذي يعبر أيضا عن امتنانه للمجيء الى مكة، وهو أيضا يعيش مع كثير من الألم.

يبلغ 27 عاما ويقول إنه يتوجه بالدعاء لروح شقيقته التي قتلت في قصف اسرائيلي مع ولديها وزوجها والعديد من أعمامه واصدقائه الذين قتلوا أيضا.

وقال هذا المحامي الشاب الذي فر من قطاع غزة في آذار "كنت في منزلها قبل ساعة" من وقوع القصف مضيفا انه بحث طويلا عنها تحت الأنقاض قبل ان ينجو في اليوم نفسه من ضربة ثانية على المبنى الذي كان فيه. وأضاف "ليتني لم أنج".

اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول بعد شن حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.

خلال هذا الهجوم احتُجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37266 شخصا في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

ويخلص خليل الرحمن جابر الى القول "الحرم المكي له قدسية... عواطف دينية، عواطف ايمانية تعطيك الأمل، تستشعر منها الحياة، إن الله رحيم لا يترك احدا، يمكن ان ترجعك الى الحياة، ترجعك لكن بعد فترة".