رسمياً... استقالة رئيس الوحدة 8200 في الجيش الإسرائيلي يوسي سارييل

 
 لم تكن مفاجئة استقالة رئيس الوحدة 8200 الاستخبارية في إسرائيل يوسي سارييل بعد خطأين أقدم عليهما في أقل من عام، ويتمثّل الأوّل بكشف هويته على "غوغل" من خلال رابط إثر إصدار كتاب عن الجاسوسي، والآخر من خلال إخفاقه في حماية قاعدة غليلوت في وقت تقتضي مهمة هذه الوحدة أن تُعلم الثكنات والمواقع العسكرية بأي تهديد جوي طارئ، فكان أن استهدفت القاعدة من دون إنذار أو إجراءات دفاعية لحماية نخبة من رجال الاستخبارات الاسرائيلية.
 
ورغم تضمين بيان الاستقالة أمس الخميس إخفاقات في توقع عملية "طوفان الأقصى" مسبقاً، إلا أن التقديرات تشير إلى أن استقالة سارييل متعلقة بالدرجة الأولى بما حصل في عملية "يوم الأربعين" التي شنها "حزب الله" انتقاماً لاغتيال القيادي فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.

بيان الاستقالة

أبلغ القائد العسكري سارييل رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجديد اللواء شلومي بيندر بقراره، مقرّاً بفشله وتحمّله المسؤولية إزاء هجوم "حماس" وما ترتّب عنه.
 

وجاء في رسالة استقالته: "اليوم الـ342 لحربنا، في 7 تشرين الأول الساعة 06:29، لم أقم بالمهمة كما توقّعت وكما توقّع مرؤوسيّ وقادتي ومواطنو بلادي".
 
وأضاف أنّه في ضوء هذه الإخفاقات، "وبما يتماشى مع حالة الحرب"، فإنه يسعى إلى "القيام بواجبه الشخصي كقائد للوحدة 8200 وتسليم الراية إلى من تراه سلطات جيش الدفاع الإسرائيلي مناسباً".

ولفت إلى أنّه استقال بسبب دوره في "الإخفاقات التي أدّت إلى المذبحة".
 
لمزيد من المعلومات عن استقالة قائد الوحدة 8200 يوسي سارييل إضغط هنا 

من هي الوحدة 8200؟
 
 يشار إليها أحيانا باسم وحدة " SIGINT" الإسرائيلية، وهي فيلق وحدة الاستخبارات الإسرائيلية ومسؤولة عن التجسّيس الإلكتروني عن طريق جمع الإشارة (SIGINT) وفك الشفرة. وكذلك الوحدة مسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي.

تأسّست منذ ثلاثة عقود ودشّنها جهاز "أمان"، الذي يعتبر أكبر الأجهزة الاستخبارية الصهيونية، وأهدافها المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء. وتعتمد على ثلاث طرق في العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد والتنصت، التصوير، والتشويش. ويتطلب هذا النوع من المهمات مجالاً واسعاً من وسائل التقنية المتقدمة. ويُطَوِّر مجمع الصناعات العسكرية الصهيونية الذي تملكه الحكومة خصيصاً أجهزة إلكترونية بناء على طلبات خاصة من القائمين على "وحدة 8200"، التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد هو يوري سارييل.

لعبت الوحدة دوراً أساسياً في الحرب الإلكترونية ضد المشروع النووي الإيراني، وساهمت في تطوير فيروس "ستوكسنت"، الذي استهدف عام 2009 المنظومات المحوسبة التي تتحكم بأجهزة الطرد المركزية المسؤولة عن تخصيب اليورانيوم في المنشآت النووية الإيرانية، مما أدى إلى تعطيلها.

وتعمل بشكل وثيق مع وحدة "سييرت متكال"، الوحدة الخاصة الأكثر نخبوية في الجيش الإسرائيلي التي تتبع مباشرة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. وإضافة إلى تخصصها بتنفيذ عمليات الاغتيال التي تجري في العالم العربي، فإن "سييرت متكال" تلعب دوراً مركزياً في جمع المعلومات الاستخبارية عبر زرع أجهزة تنصت وتصوير، بناءً على تنسيق مسبق مع وحدة 8200.

وتتنافس شركات التقنيات المتقدمة الرائدة في إسرائيل على استيعاب الضباط والجنود الذين يسرّحون من الخدمة في هذه الوحدة 8200 بسبب قدراتهم الكبيرة في المجال التقني. كذلك أسّس الجنود السابقون فيها عشرات شركات التكنولوجيا الفائقة، بينها: "ويز"، "تشك بوينت"، "سايبرارك"،"آي سي كيو"، "ويكس.كوم"، وأنظمة فيرنت.

تأثير الوحدة على وادي السيليكون
 
 تعتبر وحدة 8200 من الجيش الإسرائيلي واحدة من أكثر الوحدات تخصّصاً في الأمن السيبراني والحرب السيبرانية. وقد أسس أعضاؤها عشراتّ شركات الأمن السيبراني، وأصبح البعض منهم مستثمرين مؤثّرين في رأس المال المغامر. هناك على الأقل خمس شركات تقنية أسّسها خريجو وحدة 8200 يجري تداولها علناً في الولايات المتحدة، وتبلغ قيمتها الإجمالية حوالى 160 مليار دولار. أما الشركات الخاصة التي أسّسها جنود سابقون في الوحدة فتبلغ قيمتها مليارات الدولارات. 
 
 
شركة Wiz، وهي أكبر شركة للأمن السحابي، كانت قريبة من توقيع صفقة بقيمة 23 مليار دولار مع "غوغل" في تموز (يوليو). وبعد انهيار المحادثات، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة، أساف رابابورت، عن خطط للوصول إلى مليار دولار في الإيرادات قبل طرح الشركة في السوق العامة.
 
وتستهدف شركة Wiz وخريجو وحدة 8200 معضلة كبيرة تواجه الشركات الكبيرة، وهي كيفية الحفاظ على أمانها. مع انتقال مزيد من الصناعات إلى السحابة، التي تتعرّض باستمرار لهجمات القراصنة، أصبحت الشركات التي أسسها خريجو وحدة 8200 ذات قيمة كبيرة. وتقوم شركات رأس المال المغامر مثل Greylock Partners وSequoia Capital بتوظيف شركاء مقيمين في إسرائيل للاستفادة من هذه الخبرات.

في الوقت نفسه، تباطأت محرّكات الاستثمار في #وادي السيليكون، وأصبح من الصعب الحصول على أموال للشركات الناشئة مقارنة بما كانت عليه الحال قبل بضع سنوات. تبدأ عملية تجنيد وحدة 8200 في المدارس الابتدائية، حيث يجري البحث عن المواهب في نوادي الروبوتات وبرامج الترميز بعد المدرسة. بعد الخدمة في الوحدة، يبقى الجنود على اتصال بالقادة والزملاء مدى الحياة، مما يعزّز من شبكة العلاقات والدعم المتبادل بينهم.
 
 
لمزيد من المعلومات عن علاقة الوحدة 8200 بوادي السيلسكون إضغط هنا 
 
من هو سارييل؟
 
 وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت قبل نحو أربعة أشهر معلومات عن سارييل جاء فيها: "تُعَد هوية قائد الوحدة 8200 الإسرائيلية سرًا محفوظًا بعناية. فهو يشغل أحد أكثر الأدوار حساسية في الجيش، حيث يقود واحدة من أقوى وكالات المراقبة في العالم، والتي يمكن مقارنتها بوكالة الأمن القومي الأميركية. ومع ذلك، بعد أن أمضى أكثر من عقدين من الزمان في العمل في الظل، تستطيع الصحيفة أن تكشف كيف ترك رئيس التجسّس المثير للجدل - واسمه يوسي سارييل - هويته مكشوفة على الإنترنت.

وترتبط الثغرة الأمنية المحرجة بكتاب نشره على أمازون، والذي ترك أثرًا رقميًا لحساب خاص على "غوغل" جرى إنشاؤه باسمه، إلى جانب توثيق روابط الحساب وملفات التعريف".
 


وأكدت الصحيفة من مصادر متعددة، أن سارييل هو المؤلف السري لكتاب "فريق الآلة البشرية"، وهو الكتاب الذي يقدم فيه رؤية جذرية لكيفية تحويل الذكاء الاصطناعي للعلاقة بين الأفراد العسكريين والآلات.

نُشر الكتاب عام 2021 باستخدام اسم مستعار مكوّن من الأحرف الأولى من اسمه، العميد YS، وهو يقدم مخططًا للأنظمة المتقدمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والتي كانت قوات الدفاع الإسرائيلية رائدة فيها خلال الحرب التي استمرت ستة أشهر في غزة.

تضمنت النسخة الإلكترونية من الكتاب عنوان بريد إلكتروني مجهول يمكن تتبعه بسهولة إلى اسم سارييل وحساب "غوغل". واتصلت "الغارديان" بمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي وقال إن عنوان البريد الإلكتروني ليس عنوان سارييل الشخصي، بل "مخصص خصيصًا لقضايا تتعلق بالكتاب نفسه".

وفي بيان لوسائل الإعلام الإسرائيلية، وصف الجيش الإسرائيلي كشف الكتاب عن التفاصيل الشخصية لسارييل بأنه "خطأ"، مضيفًا: "سيجري فحص القضية لمنع تكرار حالات مماثلة في المستقبل".
 
فهل تكون الثغرة الأمنية التي وقع فيها الجيش الاسرائيلي بمثابة جسر العبور الذي مهّد لـ"حزب الله" تقفّي أثر سارييل وملاحقته بالمسيّرات الى "عقر دار الاستخبارات الاسرائيلية؟".
 
لمزيد من المعلومات عن قائد الوحدة 8200 يوسي سارييل إضغط هنا