بعد قطيعة واشتباك لسنوات... السعودية وإيران تستعيدان العلاقات الثنائية بمسعى صيني

طرأ مستجد إقليمي هام مع إعلان عودة العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران، بمسعى صيني، بعد التوتر الكبير الذي رافق السنوات الماضية بين الطرفين، ووصلَ إلى حدود الإشتباك في ساحات المنطقة، وذلك في خطوة ينتظر أن يكون لها تداعيات سياسية، وسيترقبها لبنان بكل تأكيد. 
وفي بيان ثلاثي مشترك لكل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية، أعلن عن استعادة العلاقات الثنائية بين الرياض وطهران، استجابةً لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ هدفها "دعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار" بين البلدين، وفق البيان.
 
لقاء السعودية وإيران في الصين.
 
وأضاف البيان أن "الفترة الممتدة بين 6 و10 آذار 2023 في بيجينغ، شهدت مباحثات بين وفدي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني في المملكة العربية السعودية مساعد بن محمد العيبان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأدميرال علي شمخاني، وفق ما ذكر البيان نفسه، وذلك بناءً على الاتفاق بين الرئيس الصيني وكل من قيادتي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأن تقوم جمهورية الصين الشعبية باستضافة ورعاية المباحثات بين المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والديبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاماً منهما بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية".
 
وفي البيان أيضاً، يعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021م-2022، كما يعرب الجانبان عن تقديرهما قيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها.
 
اقرأ أيضاً: هل ينقل "نووي إيران" الصراع الروسي-الأميركي إلى الشرق الأوسط؟
 
وبموجب البيان، أعلنت الدول الثلاث أنه تم توصّل السعودية وايران إلى اتفاق يتضمّن الموافقة على استئناف العلاقات الديبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدّة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
 
وكذلك، اتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، وعلى تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في  17/4/2001 والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في 27/5/1998.

وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي، وفق البيان.
 
- ترحيب -
وقد رحّبت دول، لا سيما عربية، بالإعلان عن الاتفاق بين السعودية وايران.
 
وقالت الولايات المتحدة إنها ترحّب باستئناف إيران والسعودية علاقاتهما الديبلوماسية إثر مفاوضات استضافتها الصين، لكنها أعربت عن شكوكها في احترام طهران التزاماتها.

وأوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي "نحن نرحب" بالاتفاق الديبلوماسي، مضيفا أنه ينبغي رؤية "ما إذا كانت إيران ستفي بالتزاماتها".
 
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لرويترز "بوجه عام، نرحب بأي جهود للمساعدة في إنهاء الحرب في اليمن وتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط. يعد خفض التصعيد والديبلوماسية جنبا إلى جنب مع الردع من الركائز الأساسية للسياسة التي حددها الرئيس (جو) بايدن خلال زيارته للمنطقة العام الماضي".
 
وقال كبير الديبلوماسيين الصينيين وانغ يي إن استئناف العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وإيران "نصر" للحوار والسلام.

ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله في اختتام الحوار بين السعودية وإيران إن استئناف العلاقات "أنباء طيبة عظيمة" في العالم المضطرب حاليا.

وأضاف أن الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم اليوم وستظهر تحليها "بالمسؤولية" بصفتها دولة كبرى.
 
وأعرب العراق عن "ترحيبه" بالاتفاق بين السعودية وإيران على استئناف علاقاتهما الديبلوماسية المنقطعة منذ العام 2016.

واعتبرت الخارجية العراقية أن الاتفاق الذي كشف عنه الجمعة هو بداية "صفحة جديدة من العلاقات الديبلوماسيَّة بين البلدين"، مشيرةً إلى "المساعي التي بذلتها الحكومةُ العراقيَّة في هذا الإطار"، حيث استضافت بغداد جولات مفاوضات عدة بين الطرفين، ورسخت "قاعدة رصينة من الحوار" وصولاً للاتفاق الذي "يعطي دفعة نوعيّة في تعاون دول المنطقة... يُؤذِن بتدشين مرحلة جديدة".
 
وعبّر مستشار ديبلوماسي لرئيس الإمارات عن ترحيبه باتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية.

وكتب أنور قرقاش على تويتر "نرحب بالاتفاق بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، ونثمن الدور الصيني في هذا الشأن".

وأضاف في التغريدة "الإمارات مؤمنة بأهمية التواصل الإيجابي والحوار بين دول المنطقة نحو ترسيخ مفاهيم حسن الجوار والانطلاق من أرضية مشتركة لبناء مستقبل أكثر استقرارا للجميع".
 
بدورها قالت وزارة الخارجية بسلطنة عمان في بيان إن البلاد ترحب بالبيان الثلاثي بين السعودية وإيران والصين بشأن استئناف العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران.

وشكرت الدول الثلاث السلطنة على استضافتها محادثات سابقة.
 
وقال محمد عبد السلام، كبير مفاوضي جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران في تغريدة على تويتر، إن "المنطقة بحاجة إلى استئناف العلاقات الطبيعية بين دولها كي تستعيد الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخل الأجنبي".
 
وقال الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية إن استئناف العلاقات بين إيران، التي تدعم جماعته، والسعودية "تحول جيد".