أدى بنيامين نتنياهو الخميس اليمين الدستورية كرئيس للوزراء في إسرائيل بعد تزعمه المعارضة لأشهر عدة ليقود ما يصفه محللون بالحكومة الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.
وصوّت 63 نائبا من أصل 120 في البرلمان لصالح حكومة نتنياهو التي تضم حزبه الليكود وأحزابا دينية متشددة ويمينية متطرفة.
ويواجه نتنياهو (73 عاما) الذي شغل منصب رئيس الوزراء سابقا ل15 عاما، بينها 12 عاما بشكل متواصل، تهما تتعلق بالفساد.
وقبيل ادائه اليمين الدستورية، قال نتنياهو "هذه المرة السادسة التي أقدم فيها حكومة لأحصل على دعم البرلمان، أنا متحمس مثل المرة الأولى".
وقاطعه نواب من المعارضة بغضب لكنه رد عليهم "النظام الديموقراطي يختبر قبول الخاسر لقرار الشعب، في ديموقراطية فاعلة، أنت تحترم قواعد اللعبة".
قبيل أداء اليمين، انتخب البرلمان الإسرائيلي الوزير السابق أمير أوحانا رئيسا جديدا للكنيست ليكون أول مثلي يتولى المنصب في تاريخ الدولة.
وشدد نتنياهو على أن هدفه الأول والأساس يتمثل في "إحباط جهود إيران الرامية إل تطوير ترسانة نووية" و"ضمان تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة".
وأعرب رئيس الوزراء عن أمله في "توسيع دائرة السلام مع الدول العربية" في أعقاب اتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
وعيّن نتنياهو وزير الاستخبارات السابق إيلي كوهين الذي لعب دورًا مهمًا في تطبيع العلاقات بين الدولة العبرية وعدد من البلدان العربية، وزيرا للخارجية.
في ربيع العام 2021، أطاح تحالف متنوع أيديولوجيا من اليسار والوسط وحزب عربي، نتنياهو بعد 12 عاما متواصلة في السلطة. وقاد ذلك التحالف كل من الزعيم المؤيد للاستيطان نفتالي بينيت والمذيع السابق يائير لبيد.
لكن لطالما تعهد نتنياهو العودة إلى السلطة وإعادة بناء اليمين.
وأفضت انتخابات الأول من تشرين الثاني التي كانت الخامسة خلال أربع سنوات إلى فوز نتنياهو وشروعه في مفاوضات مع الأحزاب الدينية المتشددة واليمينية المتطرفة التي خاضت الانتخابات، ومن بينها حزبا "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموطريتش و"القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير.
وسيتولى الرجلان المعروفان بتصريحاتهما المعادية للفلسطينيين، ملف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة والجيش الذي سيعمل في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها الدولة العبرية منذ العام 1967.
وأعربت شخصيات أمنية وأساتذة قانون عن قلقهم من توجه الحكومة الجديدة وكذلك الفلسطينيون.
وتوقع رئيس المعهد الإسرائيلي للديموقراطية يوهانان بليسنر "أن تأخذ هذه الحكومة البلاد إلى مسار جديد تماما".
ورأى بليسنر أن الحكومة المقبلة "ستكون كالحلم لشركاء نتنياهو"، مضيفا لوكالة فرانس برس "حلم من طرف واحد وكابوس للطرف الآخر".
- "تسييس القانون" -
الثلثاء، صوت البرلمان الإسرائيلي على مجموعة من القوانين الخاصة بالحكومة الجديدة من بينها قانون يسمح للنائب أرييه درعي من حزب شاس بتولي حقيبة وزارية رغم ارتكابه سابقا مخالفات ضريبية.
كما تم التصويت على قانون يسمح بتوسيع سلطة بن غفير كوزير للأمن الداخلي ليشمل جهاز الشرطة أيضا.
ودفعت هذه القرارات الجديدة بمسؤولين بارزين في إسرائيل للتعبير عن مخاوفهم.
ومن بين هؤلاء المدعي العام غالي باهراف-ميارا الذي حذر من "تسييس مؤسسات إنفاذ القانون"، معتبرا أن هذا من شأنه "توجيه ضربة خطيرة لأهم المبادئ الأساسية لسيادة القانون".
أما قائد الجيش أفيف كوخافي فقد أعرب الإثنين خلال اتصال هاتفي مع نتنياهو عن مخاوفه من السماح لزعيم "الصهيونية الدينية" بتسلم شؤون الإدارة المدنية في الضفة الغربية والتابعة لوزارة الدفاع.
وحذرت الولايات المتحدة الأميركية على لسان وزير خارجيتها من أن واشنطن ستعارض التوسع الاستيطاني وأي محاولة لضم الضفة الغربية.
وقال حزب الليكود بزعامة نتنياهو في بيان الاربعاء إن الحكومة ستواصل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.
ويعيش في الضفة الغربية نحو 475 ألف مستوطن يهودي في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وبحسب محللين فإن نتنياهو قدم تنازلات كبيرة لليمين المتشدد على أمل أن يحصل على حصانة قضائية أو إلغاء محاكمته بتهم فساد.
بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية في جامعة إسرائيل المفتوحة دينيس شاربيت "هذه الحكومة تمثل إضافة لضعف نتنياهو السياسي المرتبط بعمره ومحاكمته، وحقيقة أن لدينا عائلة سياسية جديدة من اليمين الثوري المتشدد لم يسبق ان شهدناها بمثل هذه القوة في إسرائيل".
وأضاف شاربيت أن سموطريتش وبن غفير "لديهما تعطش شديد للسلطة ويعرفان أن ما لن يحصلا عليه خلال ثلاثة أو ستة أشهر أو حتى عامين، لن يحدث".
ورأى أستاذ العلوم السياسية أن أولوية هذين الزعيمين من اليمين المتطرف تتركز حول "الأراضي" الفلسطينية.
- تحذير من "انفجار" -
أشار باسم نعيم أحد قادة حركة حماس الإسلامية إلى أن "هناك خطوطا حمراء كثيرة... الأقصى، الضم، الأسرى الفلسطينيون (في إسرائيل)".
وأضاف لفرانس برس "في حال توجه بن غفير كوزير إلى الأقصى فسيكون ذلك تجاوزا لكل الخطوط الحمراء وسيقود إلى انفجار".
وشهدت الأشهر القليلة الماضية زيارات عدة قام بها بن غفير لـباحة المسجد الأقصى التي يطلق عليها اليهود اسم جبل الهيكل، أقدس موقع في الديانة اليهودية.
وتشهد باحات المسجد الواقع في المدينة القديمة من القدس الشرقية، بانتظام مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين وتعتبر مصدر توتر شديد بين المسلمين واليهود منذ عقود.
ويمكن لغير المسلمين زيارة الموقع الديني لكن بدون الصلاة فيه.
بالنسبة للفلسطينيين، ستعتبر زيارة وزير إسرائيلي لموقع مقدس خطوة استفزازية.
في أيار 2020، خاضت إسرائيل وحماس تصعيدا داميا، وكذلك شهد آب من العام الجاري 2022 تصعيدا استمر لثلاثة أيام بين الدولة العبرية وحركة الجهاد الإسلامي.
والثلثاء، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي المنتهية ولايته بيني غانتس عن "تخوفه" من "التوجه المتطرف" للحكومة المقبلة والذي رأى أنه يضر بأمن إسرائيل.