مشاهد لتجمّع آلاف المسيحيّين في فرنسا تنديداً بالإساءة خلال احتفال افتتاح الأولمبياد؟ إليكم الحقيقة FactCheck#

المتداول: مشاهد تظهر، وفقاً للمزاعم، "طوفانا بشريا من المسيحيين في فرنسا خرجوا الى الشوارع تنديداً بالإساءة الاخلاقيه والدينية خلال احتفال افتتاح أولمبياد باريس 2024". 
 
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح. 
 
الحقيقة: الفيديو قديم، اذ تعود آثاره الى 15 آب 2022. ويظهر حجاجاً في مزار سيدة لورد الكاثوليكي غرب فرنسا، في عيد انتقال السيدة العذراء. FactCheck#
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم
 
المشاهد الليلية تظهر حشودا من الاشخاص تجمعوا في مكان ما، رافعين الشموع، ومرتلين للسيدة العذراء Ave Maria. وقد تكثف التشارك في الفيديو أخيرا، عبر حسابات، عربية وأجنبية، ارفقته بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "طوفان بشري ضخم من المسيحيين في فرنسا يخرجون الى الشوارع تنديداً بالإساءة الاخلاقيه والدينية التي تجاوزت الحدود بعد عرض الأولمبياد العشاء الاخير للسيد المسيح بواسطة مثليين ومتحولين جنسياً". 
 


- "آسفون" -
جاء تداول الفيديو في وقت أثار أحد العروض، خلال احتفال افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس في 26 تموز 2024، غضبا واسعا، لا سيما بين أوساط اليمين المتطرف والكنيسة الكاثوليكية.   
 
وقد بدأ العرض بمشهد لأشخاص، بينهم رجال بملابس نسائية، يجتمعون حول مائدة، معيداً إلى الأذهان لوحة العشاء الأخير التي تمثل الوجبة الأخيرة التي تناولها يسوع مع تلاميذه.
 
وقد استنكر مجمع أساقفة فرنسا ما وصفه بـ"مشاهد تنطوي على سخرية واستهزاء بالمسيحية".
 
ونفى المدير الفني لاحتفال الافتتاح توما جولي، أمس الأحد، أن يكون العرض "مستوحى" من لوحة العشاء الأخير.  وقال في حديث عبر "بي اف ام تي في": "أعتقد أن الأمر كان واضحا جدا. يصل ديونيسوس إلى المائدة، لأنّه إله الاحتفال (...) والخمر وأب سيكوانا، إلهة النهر". "كانت الفكرة تكمن بالأحرى في إقامة احتفال وثني كبير مرتبط بآلهة أوليمبوس...".

من جهتها، قالت المتحدثة باسم اللجنة المنظمة آن ديكان الأحد لصحافيين إن "النية لم تكن أبداً تقليل احترام أية مجموعة دينية". و"إذا شعر الناس بإهانة، فنحن آسفون حقاً".
 
- حقيقة الفيديو - 
الا ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بكل هذا، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته. 
 
فالبحث عنه، بتجزئته الى مشاعد ثابتة (Invid)، يوصلنا فورا الى الحساب الرسمي لمزار سيدة لورد الكاثوليكي في فرنسا Sanctuaire Notre-Dame de Lourdes، الذي نشره في 15 آب 2022، مع تعليق: "عيد انتقال (السيدة العذراء) جميل وسعيد للجميع. متحدون بالصلاة مع جميع الكاثوليك في العالم. ولتشرق مريم العذراء في قلوبكم".  
 
 
 
كذلك، نشرته حسابات أخرى في 15 آب 2022، بكونه مصوّرا في مزار سيدة لورد.  
 
وقد أمكن العثور على صور مماثلة، بالمعالم ذاتها، نشرتها وكالة "غيتي ايماجيز" في 14 آب 2021، وتظهر "حجاجا في موكب المشاعل في لورد احتفالا بانتقال السيدة العذراء مريم".
 
واليكم مقارنة بين صورة "غيتي ايماجيز" (ادناه الى اليمين) ولقطة من الفيديو (الى اليسار). 
 
 
وتحتفل الكنيسة الكاثوليكية، في 15 آب من كل عام، بعيد انتقال السيدة العذراء بنفسها وجسدها الى السماء،  والذي أعلنه البابا بيوس الثاني عشر عقيدة إيمانية في 1 تشرين الثاني 1950
 
وفي هذا العيد، يتقاطر آلاف المؤمنين سنويا إلى مدينة لورد في غرب فرنسا، في حجّ كبير يضم مئات المرضى الباحثين عن شفاء.
 
الأحد 14 آب 2022، سار نحو 15 ألف شخص، بحسب إدارة المزار المقدّس، حاملين المشاعل، خلف تمثال أبيض للسيدة العذراء، وهم يرتلون ويتلون صلاة "السلام عليك يا مريم" مرات عدة. وكان في مقدّم المسيرة مئات المرضى على الكراسي المتحركة.
 
وجمعت مسيرة نظمت مساء الأحد (14 منه) وقداس أقيم الاثنين (15 منه) في مناسبة العيد، آلاف الحجاج من مختلف الأعمار والجنسيات في المزار. 

عام 1858، ظهرت مريم العذراء على فتاة فرنسية تدعى برناديت سوبيرو، في بلدة لورد الصغيرة، عند سفوح جبال البيريني. وسرعان ما أصبح الموقع مكانا لظهورات مريميّة عدّة. وعلى مرّ العقود، أصبح المزار محجا لملايين الأشخاص، فيما تم الإبلاغ عن آلاف معجزات الشفاء والارتداد. وخلال 160 عاماً، تمّت دراسة ما يقرب من ثمانية آلاف حالة تحدّث أصحابها عن شفاءات. 
 
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "طوفانا بشريا من المسيحيين في فرنسا خرجوا الى الشوارع تنديداً بالإساءة الاخلاقيه والدينية خلال احتفال افتتاح أولمبياد باريس 2024". في الواقع، الفيديو قديم، اذ تعود آثاره الى 15 آب 2022. ويظهر حجاجاً في مزار سيدة لورد بغرب فرنسا، في عيد انتقال السيدة العذراء.