الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

حان وقت الاستراحة والإجازة… تعلّم الاستمتاع والانفصال عن ضغوط العمل

المصدر: "النهار"
فرح نصور
تعبيرية- تصميم "النهار".
تعبيرية- تصميم "النهار".
A+ A-
قد يبدو الاسترخاء أسهل أمر في العالم وقد لا يكلّفك شيئاً إذا اتخذت فاصلاً من العمل دون التفكير بأي شيء، لكن بالنسبة للعديد من الأشخاص ليس الأمر كذلك، إذ يحدث حتى ألّا تستطيع الاستمتاع بإجازتك ويبقى تفكيرك في العمل، أو أن تحصي المهام الباقية لديك خلال مشاهدتك فيلماً ليلاً.

معظمنا غير معتاد على التفكير دون تحويل تلك الأفكار إلى أفعال، ولا نرتاح لعدم القيام بأي شيء. نتحدّث عن مفاهيم "قلق الاسترخاء" و"حساسية الاسترخاء"، التي تتعلق بالانزعاج أو الملل أو عدم الارتياح الذي يشعر به بعض الناس عندما يرتاحون أو لا يعملون.

ويذكر كتاب "لا تفعل شيئاً: كيف تتخلص من الإفراط في العمل، وقلة العيش" أنّ الناس تعرضوا لغسل أدمغتهم على مدى أجيال للاعتقاد بأن الإنتاجية تتفوّق أخلاقياً على الراحة، لذا فلا عجب أن يكون الاسترخاء في بعض الأحيان غير مريح أو حتى خاطئاً بالنسبة لبعض العاملين. لكن الحقيقة أنّ الإجهاد المزمن يؤثر سلباً على كل جانب من جوانب الصحة العقلية والجسدية، ويسهم في زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة والوفاة المبكرة. وفي الوقت نفسه، قد تعزز الراحة صحّتك ونوعية حياتك وطول العمر.

لماذا لا نرتاح وقت الراحة؟
 
د. ساندي الترك - معالجة نفسية وأستاذة محاضِرة في قسم علم النفس والعلوم الاجتماعية في كلية الآداب والعلوم في جامعة الروح القدس-الكسليك
 
خلال الاسترخاء والراحة، يهدأ التنفس وهرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر، وتهدأ دقات القلب والعضلات. لكن هناك أشخاص، رغم وجودهم في هذه الحالة، يستمرّون في التفكير بأمور الحياة، بينما شرط نجاح الاسترخاء والراحة ألّا يكون جسدياً فقط بل ذهنياً أيضاً فأفكارنا تؤثر على أجسادنا، وصحتنا النفسية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصحتنا الجسدية.

هناك أشخاص يعانون من القلق أو يفكرون بمسؤولياتهم والتزاماتهم، وآخرون يعتقدون أنّهم إذا ما استرخوا فلن يتمكنوا من السيطرة على أفكارهم ويهربون من الراحة، حتى إنّ هناك أشخاصاً يتوترون من وجودهم في حاله استرخاء. ونجد أشخاصاً يشعرون بالذنب إن كانوا في أوقات رفاه أو إجازات أو تسلية، وقد يعود هذا الأمر إلى التوق إلى المثالية والتفكير في أنّهم قادرون على العطاء من الناحية الصحية ومن ناحية الوقت فلماذا يرتاحون؟ كذلك، هناك أشخاص بسبب التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه عائلاتهم، يفضّلون العمل على حساب راحتهم.

تعود أسباب عدم استمتاع الاشخاص في أوقات راحتهم والخوف من أخذ هذا القسط من الراحة، أنّهم قد اعتادوا القسوة في صغرهم أو أن توكل إليهم مهام تفوق طاقتهم، وقد يشعرون بأن الراحة هي ضعف أو لا لزوم لها.

كيف يمكن أن ننفصل عن محيطنا خلال أوقات الراحة؟

- الاقتناع بأهمية وأحقية وقت الراحة لصحتنا النفسية والجسدية.

- تعلّم تقنيات التنفس.

- ممارسة اليقظة الذهنية أي التأمل في الوقت الحاضر فقط، والتفاعل مع جميع الحواس للاستفادة من الراحة وعدم التفكير في الماضي ولا في المستقبل.

- التدريب الذاتي لعقلنا وأفكارنا على الاستمتاع بالوقت الراهن.

كيف نبدّل أفكارنا؟

د. نادين عقل - معالِجة نفسية وأستاذة جامعية

الشعور بالذنب أو التقصير تجاه العمل قد يدفع الأشخاص أحياناً إلى عدم أخذ قسط من الراحة. والحل هنا عبر القيام بـ"إعادة الهيكلة المعرفية" من خلال تعديل أفكار الشخص لكي يدرك أنّه يستحق هذه الراحة. فقد يعود هذا العبء بسبب أفكار متوارثة أو أنّه اعتاد في صغره عدم الاستمتاع بوقت اللعب حتى إنجاز فروضه المدرسية. وحتى إنّ الأم، ولا سيما العاملة في مجتمعاتنا، لا تعكس مَثل الراحة لولدها، فهي دائمة العمل. لكن الواقع أنّ العمل والواجبات في مختلف المراحل العمرية، لا تنتهي، لذلك يجب أخذ قسط من الراحة في ظلها.

في حالات أخرى، يبقى تفكير الأشخاص خلال إجازاتهم بما ينتظرهم من عمل بعد عودتهم. هنا، يمكن التخلص من هذا التفكير عبر يقظة الذهن وتمرينه على التركيز على ما هو إيجابي وإن تشتّت الذهن إلى أفكار سلبية. وعادة ما يأتي هذا النوع من الأفكار من معاناة الشخص من القلق والتفكير الزائد، أو من ربط شعور الحصول على الحب بالعمل الزائد. لذا، يجب العمل على تبديل الأوتوماتيكية بالأفكار البديلة، أي التفكير بالأشخاص الذين يشعروننا بالحب دون حاجتنا إلى أن نكون منتجين تجاههم.

من الضروري أن يخصّص الشخص بعض الأوقات خلال يوم عمله ليريح ذهنه وعدم التفكير بأي شيء لمدة خمس دقائق حيث يصبّ تركيزه على تنفّسه. نتحدّث هنا عن تقنية "الباندورا" التي توصي الشخص العامل باتخاذ خمس دقائق كل 25 دقيقة، للتأمّل والتفريغ الذهني أو سماع الموسيقى. فعلى الشخص أن يشعر بالراحة والاسترخاء خلال يوم عمله، وألّا ينتظر أن يحظى بإجازة أو سفر، فهو بحاجة لأن ينفصل عن العمل لفترات خلال اليوم. ويمكن أن يُطبق هذا التمرين كل ثلاث ساعات في دوام عمل الشخص ليعيد نشاط ذهنه، وعدم التفكير خلال هذه الدقائق بالاستعجال بالعمل وتسليم المهام وما بقي له منها.

الناس لا يدركون أنّهم إذا ما ارتاحوا يصبحون أكثر إنتاجاً، كما أنّ الراحة تجعل من المهام المنتَجة فعالة أكثر. والمعادلة هي: راحة ذهنك ونفسيتك تجعلك أكثر إنتاجاً وعطاءً، فلا داعي لأن تهلك نفسك بالإنتاج المتواصل لأنك ستصل إلى مرحلة الإرهاق حتماً.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم