الجمعة - 06 أيلول 2024
close menu

إعلان

رُحِّلوا من وطنهم إلى "المنفى"... واليوم يطلبون اللجوء

المصدر: "النهار"
مارسل محمد
مارسل محمد
رُحِّلوا من وطنهم إلى "المنفى"... واليوم يطلبون اللجوء
رُحِّلوا من وطنهم إلى "المنفى"... واليوم يطلبون اللجوء
A+ A-

ليس فقط اللبناني من يحلم بالهجرة إلى كندا، أوستراليا أو أي دولة في أوروبا تؤمّن له مستقبله، ولكن هناك الفلسطيني الذي يعيش المأساة الأكبر، وتحديداً من يسكن في مخيمات لبنان. ورفضاً لهذا الواقع المرير، اعتصم عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في ساحة الشهداء، وسط بيروت، مطالبين السفارات باللجوء الإنساني، وأطلقوا صرخة تُعبّر عن نفوسهم اليائسة وحياتهم المعذبة، متعبين من تصريحات المسؤولين، ومنهكين من قوانين وإجراءات تزيد من عذابهم.

"نطلب العيش بكرامة"
غادة فلسطينية - سورية تعيش في مخيّم اليرموك، توضح أن الحياة التي تعيشها مع زوجها وأولادها الأربعة قاسية جداً، فإن أصاب المرض أحدهم لا يملكون المال الكافي لمداواته. يتنقل زوجها بين عمل وآخر، فتقول: "يغادر المنزل باكراً ويعمل في أي شيء يجده لتأمين الطعام"، أما المساعدات فقليلة ولا تكفي.

أولاد غادة لا يذهبون إلى المدرسة، وتتساءل عن مستقبلهم وفي عينيها خوف كبير، وتصرخ: "أتيت إلى الاعتصام من أجل اللجوء الإنساني، لمناشدة السفارة الكندية النظر بوضعنا كبشر، فمن حقنا أن نعيش ونتعلم ونأخذ حقوقنا كأي إنسان على وجه الأرض، ولا نريد أكثر من ذلك".

"حياتنا ولّت ولكننا نطالب لأولادنا"

مصطفى من أمّ لبنانية وأب فلسطيني، يملك مؤسسة صغيرة سجلّها باسم والدته، عمل بجهد لسنوات طويلة كي تكون مصدر رزق عائلته ولكن "الوالدة توفيت والآن يطلبون مني إجازة كربّ عمل، وأن أدفع مبلغاً يصل إلى 90 مليون ل.ل، فمن أين لي كل هذا المال؟"، يتكلم بحسرة.

وأضاف مصطفى لـ "النهار": "أنا أعرف أنّ جيلنا لم يتبق له شيء، لكنني أطالب بحياة أفضل لأولادي، لذلك نطالب بلجوء إنساني إلى أي دولة أوروبية تضمن لنا العيش بكرامة لا أكثر ولا أقل".

"نعيش في المنفى"
تعيش فاطمة في مخيم برج البراجنة مع زوجها وأولادها ووالدَيْ زوجها المريضين، وتصف المخيّم بـ "المنفى". ابنتها تعاني من مشكلة صحية لا يُمكن الشفاء منها وتتطلّب عناية طبية مستمرة.

يعلو الحزن وجه فاطمة وتقول: "نخاف من المرض والموت على أبواب المستشفيات، نطالب باللجوء الإنساني فقط للعيش بكرامة ولتأمين العلاج المناسب لابنتنا"، مؤكدةً: "نحن لم ولن نكون عالة على أحد، نحن نعمل لتأمين قوتنا لكننا نطالب بحقوقنا الإنسانية فقط لا غير".

الهيئة الشبابية للجوء الإنساني: اللجوء لأي بلد ثالث

مصدر في الهيئة الشبابية للجوء الإنساني أشار لـ"النهار" أنّ الفلسطينيين في لبنان يطالبون باللجوء إلى أي بلد ثالث لاكتساب حقوق بديهية يملكها أي إنسان يعيش على الكرة الأرضية"، مضيفاً: "نحن لا نعرف في لبنان إن كنّا لاجئين أو أجانب أو ضيوفاً، لم يكتفوا بالقوانين المجحفة في حقّنا بل يستمرون بإصدار القرارت التي تُدمر بيوتنا وحياتنا بأكملها".

واعتبر أن "أي محادثات لا تلغي إجراءات العمل الجديدة لن تنفع، وإن أُلغيت أيضاً فوضعنا بحاجة إلى التحسين".

فيصل: "حرب نفسية وخلخلة للاستقرار"

وفي حديثٍ لـ"النهار" مع عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل، اعتبر أنّ "مثل هذه التحركات جزء من مشاريع التهجير الجماعي التي تستهدف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا وقطاع غزة، سواء من خلال الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، أو من خلال حرب نفسية موجهة تشرف عليها دوائر القرار الأميركي الإسرائيلي، بهدف استنزاف اللاجئين وخلخلة استقرارهم الاجتماعي بتشجيعهم على الهجرة وإضعاف عناصر تماسكهم السياسي والاجتماعي، وذلك في إطار التطبيقات الميدانية لصفقة ترامب – نتنياهو".

وأكد فيصل أنّ "هذه التحركات تستهدف حق العودة والتحركات الشعبية في المخيمات التي يشارك فيها عشرات الآلاف وتحت شعار "العيش بكرامة" في إطار الالتفاف على الموقف الإجماعي لشعبنا بالتمسك بحقه في العودة"، ودعا "جميع أبناء شعبنا الذين يقعون ضحية سماسرة ومافيات الهجرة إلى المشاركة في التحركات الشعبية المطالبة بتغيير الواقع الراهن لشعبنا، فإننا نعتبر أن دعوات التهجير لا يمكن ان تشكل حلاً واقعياً لمشكلاتنا، بل الصمود الى جانب كل فئات شعبنا التي ترزح تحت وطأة أوضاع اقتصادية وسياسية وأمنية صعبة".

أما عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في لبنان، فتتفهّم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين "المعاناة التي يشكو منها فلسطينيو لبنان والمهجرون الفلسطينيون من سوريا إلى لبنان"، ودعا فيصل "الدولة اللبنانية إلى وقف سياستها تجاه اللاجئين المتمثلة بتشديد الإجراءات التضييقية من قبل جميع المؤسسات اللبنانية وإغلاق المخيمات على ساكنيها"، مطالباً بـ "المساهمة في إيجاد الحلول لعشرات المشاكل الضاغطة التي تشكل سبباً مباشراً في عمليات التهجير وذلك بإقرار الحقوق الانسانية وفي مقدمها حق العمل للعمال والمهنيين، وحق التملك، ووقف إجراءات وزير العمل الأخيرة، بما يبعث برسالة إيجابية بأن الدولة اللبنانية تقف مع الشعب الفلسطيني في نفس خندق المواجهة لمشاريع التهجير والتوطين". كما دعا الأونروا إلى العمل على تحسين خدماتها وإطلاق برامج تُعنى بقضايا الشباب والفقر، وفتح سلم التوظيف وغير ذلك من أمور تساهم في التخفيف من حدة المعاناة.

وختم فيصل حديثه لـ"النهار" بالقول: "إن الحالة الفلسطينية برمتها أمام مشكلة وطنية كبرى تتطلب من جميع الهيئات الفلسطينية المعنية الوقوف أمامها وتحمل مسؤولياتها، وإن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل واللجان الشعبية والمؤسسات مدعوون جميعاً لتحمّل مسؤولياتهم الوطنية لجهة البحث الجدي عن حلول ناجحة وناجعة لآلاف اللاجئين الفلسطينيين المهددين بمخاطر متعددة، بوضع خطة وطنية تستجيب للحد الأدنى من مطالب الشباب وطموحاتهم، سواء على المستوى السياسي بإنهاء الانقسام، أو على المستويين الأمني والاقتصادي، والتعاطي مع ظاهرة هجرة الشباب الفلسطيني باعتبارها خطراً تهدد المجتمع الفلسطيني".

أما السفارات... ففي عالم آخر
لم تطلب السفارات الأجنبية لاجئين وتحديداً الفلسطينيين، لكن تحركهم للضغط على الوتر الإنساني كي يفتحوا باب اللجوء إلى دولهم، إنما من رأى بأمّ عينه المعاناة على مدى سنوات ولم يعمل على تغييرها ولم يُحرّك ساكناً لوقفها، ومن ساهم في وصول الشعب الفلسطيني إلى العيش بمأساة لا يرضاها عقل ولا قلب، هل ستؤثّر فيه صرخات شعبٍ تكاد قضيته أن تُنسى، يطالب بالإنسانية فقط لا غير؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم