السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

ليتك لم تفعلها يا "حزب الله"!

المصدر: "النهار"
محمد نمر
ليتك لم تفعلها يا "حزب الله"!
ليتك لم تفعلها يا "حزب الله"!
A+ A-

في دولة اغتيل فيها أهم قادتها ولم تتوصل التحقيقات إلى نتيجة تميط فيها اللثام عن الفاعلين نتيجة سقوط المؤسسات رهينة في أيدي القوى السياسية، فإن الأمل شبه معدوم في التوصل إلى نتيجة في تحديد المسؤولين عن استشهاد العسكريين على يد تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" اللذين يتحملان المسؤولية الجزائية المباشرة بقتلهم.  

مطلب اللبنانيين واضح في تحديد الجهات اللبنانية المسؤولة سياسياً وعسكرياً عما حصل.

لسنا في وارد الاصطياد في الماء العكر، إذ لا التحقيقات ولا كيل الشتائم والتهم ستعيد شهداءنا. لكن، لا بدّ من إرساء مبدأ المحاسبة وسلطة القانون، وذلك بتحديد المسؤوليات من خلال التحقيق الشفاف، علّ ذلك يشفي غليل الدولة الشهيدة، فضلاً عن غليل الأهالي، ويعيد إلى المواطنين القليل من الثقة بإمكان قيام دولتهم من الموت القسري.

بعيداً من أي تنظير، فإن الجهات المسؤولة بطريقة غير مباشرة عن أسر العسكريين ومقتلهم عديدة، ولا يمكن حصرها فحسب بالسلطتين التنفيذية والعسكرية، بل هناك أيضاً جهات حزبية، في مقدمها #حزب_الله، تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية وفي الفترات الثلاث: قبل معركة #عرسال في العام 2014، وأثناءها، وبعدها.


قبل معركة عرسال

لطالما كان المتابعون يطرحون السؤال الآتي: لو لم يتدخل "حزب الله" في الحرب السورية، وتحديداً لو لم يطرد المدنيين السوريين من بلدات القلمون (البداية من القصير)، هل كان المسلحون ليصلوا إلى حدود لبنان ويدخلوا أراضيه؟

الإجابة ربما تكون مقنعة من خلال التمعن في ما حصل على الحدود اللبنانية - السورية جنوباً، وتحديداً في منطقة شبعا، التي لم تشهد أي تهديد من فصائل "الجيش السوري الحر" المتمركزة في منطقة بيت جن السورية.

لقد حاول "حزب الله" أكثر من مرة استدراج المنطقة إلى معركة، عبر تحركات مسلحة من منطقة كفرشوبا، لكنه فشل في تحويل شبعا إلى عرسال أخرى. بعكس ما حصل في القلمون، حيث حمل "الحزب" فصائل الجيش السوري الحر على الانسحاب في اتجاه الجرود السورية - اللبنانية المتداخلة، وحاصر تلك الفصائل وقطع عنها مقومات الحياة مما ساهم في رمي عناصر "الجيش الحر" في أحضان "جبهة النصرة" و"داعش"، طلباً لمتطلبات العيش، مما أدى تالياً إلى تحويلهم عناصر إرهابيين.

أكمل "حزب الله" عملياته العسكرية في العام 2015 بمعركة اقتصرت على مواجهة "جبهة النصرة" ودفعها إلى الانسحاب في اتجاه جرود عرسال ومناطق ملاصقة لمواقع الجيش اللبناني، فضلاً عن السكوت على تقدم "داعش" في اتجاه الجرود اللبنانية من ناحية رأس بعلبك. ولولا تدخل "الحزب" في القلمون لما انتقل اللاجئون إلى بلدة عرسال، ولما تحولت هذه الأخيرة إلى المصدر الأقرب والوحيد لتأمين الغذاء للمسلحين (بالمعنى الحقيقي مصدر مقومات الحياة). ولولا تدخل "الحزب" لما وصل المسلحون إلى هذه البقعة الجغرافية، ولما وقعت معركة عرسال، ولما اخترقت الحدود السيارات المفخخة والقنابل البشرية، ولما خُطِف العسكريون وقتلوا في ما بعد.


أثناء معركة عرسال 2014

منذ الساعات الأولى للمعركة، لمع نجم "هيئة العلماء المسلمين" التي نجحت ومؤسسة "لايف" في استعادة عدد من العسكريين. اذ لا بد من الاشارة هنا إلى ضرورة أن تتطرق التحقيقات التي تجريها الجهات القضائية في الدولة، إلى حادثة استهداف الوفد المفاوض آنذاك بهدف تفجير المفاوضات، وتالياً تحديد الجهة المسؤولة عن إفشالها، مثلما فعلت باستهداف العرسالي أحمد الفليطي.

أثناء المعركة، كان "حزب الله" واضحاً في رفضه مبدأ المقايضة والمبادلة، وظل على موقفه الذي أعلنه النائب محمد رعد في أيلول 2014 طوال السنوات الثلاث، بل راح يستغل المعركة لكسب شرعية تدخله في سوريا، مروِّجاً أن الارهاب كان ليدخل لبنان لولا دخوله في الحرب. نستشف ذلك من الجملة الشهيرة، "لولا حزب الله لكان داعش وصل إلى جونية"، فضلاً عن تركيزه الإعلامي على تحويل بلدة عرسال إلى بؤرة إرهابية تحتضن "النصرة" و"داعش"، وتالياً معاقبة البلدة لأنها اعلنت بشكل واضح تعاطفها مع الثورة واحتضانها السوريين.


بعد معركة عرسال

تابع "حزب الله" استراتيجيته، وباتت عرسال منطقة عسكرية شبه معزولة عن لبنان (ولا تزال حتى اليوم)، ورفض مراراً فكرة تبادل العسكريين مع موقوفين في سجن رومية، وعمل على دفع مؤسسات الدولة للقيام بتصرفات تستفز التنظيمات الارهابية. وكان "الحزب" كلما هدد التنظيمان الإرهابيان بقتل أحد العسكريين، سداً منيعاً في وجه نجاح أي عملية تفاوض، بدعم من حلفائه السياسيين الذين فضلوا القيام بعملية عسكرية لاعادة العسكريين، حتى لو أدت إلى مقتلهم.

الحدث - الفضيحة بعد سنوات من الحادثة، تمثل في الصفقات التي عقدها الحزب مع "النصرة" و"داعش" لإعادة أسراه واستعادة جثامين مقاتليه، في وقت كان يرفض فيه تسليم أي موقوف مقابل اعادة أسير من قوى الأمن الداخلي أو الجيش اللبناني، وكانت النتيجة أنه هرّب "الدواعش" ونقلهم بباصات، وهم يرفعون علامة النصر.

ذلك كلّه، لا يعني أن ليس هناك جهات حزبية وعسكرية وسياسية أخرى تتحمل المسؤولية، لكنه يدفع على الأقل إلى القول: " ليتك لم تفعلها يا حزب الله"!

[email protected]

Twitter: @Mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم