السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

واشنطن هزمت داعش ... الفضل الأكبر لأوباما أم لترامب؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
واشنطن هزمت داعش ... الفضل الأكبر لأوباما أم لترامب؟
واشنطن هزمت داعش ... الفضل الأكبر لأوباما أم لترامب؟
A+ A-

منذ أسبوع، رأى روس دوثات في صحيفة "نيويورك تايمس" الأميركيّة أنّ الحرب على داعش قد فاز بها ترامب. وكتب أنّ تمدّد داعش خلال سنوات أوباما أظهر "كارثيّة" الولاية الثانية للرئيس الديموقراطيّ، وأنّ إعدامات داعش لعدد من المواطنين الأميركيّين جعل الولايات المتّحدة تبدو عاجزة في هذا المجال. لكنّ دوثات درس هذا الانتصار من خلال سياسة شرق أوسطيّة كبيرة لم تقحم الولايات المتّحدة في "16 جبهة دفعة واحدة" كما كتب. بهذا المعنى، أبدى الكاتب ارتياحه لأنّ ترامب لم يصغِ للصقور الجمهوريّين الذين كانوا يطالبون البيت الأبيض بالتصعيد ضدّ #الأسد و #روسيا و #إيران ولأنّه لم يرسل عدداً أكبر من القوّات الأميركيّة إلى الميدان. "لو أخبرتموني أواخر 2016 بأنّه بعد مرور أقلّ من سنة على عهد ترامب، ستكون الخلافة قد سقطت بدون وقوع حدث أسوأ في الشرق الأوسط، لكنت تفاجأت". 


"لم يكن لديكم ترامب رئيساً لكم"

غير أنّ ما كتبه دوثات كان أقرب إلى مقارنة وعود ترامب السياسيّة بقراراته في البيت الأبيض، أكثر ممّا هو مقارنة بين عهدي الرئيسين الجمهوريّ والديموقراطيّ لناحية الحرب على داعش. وهو لم يذكر أيضاً عدداً من الإنجازات العسكريّة البارزة التي حقّقها أوباما ضدّ التنظيم الإرهابيّ الذي شهد سقوط عدد كبير من معاقله خلال ولاية الأخير مثل #الفلّوجة و #الرمادي وغيرهما. بعد تحرير #الرقّة، عاصمة داعش الافتراضيّة أواخر تشرين الأوّل الماضي، أعلن ترامب أنّها لم تسقط في وقت أبكر "لأنّه لم يكن لديكم ترامب رئيساً لكم". وقال في حديث إذاعيّ: "لم نكن نقاتل للفوز. كنّا نقاتل من أجل أن نكون على صواب سياسيّاً".



مقارنة بين الأرقام

على هذا الادّعاء، ردّ محلّل الشؤون الأمنيّة في شبكة "سي أن أن" بيتر بيرغن، مستشهداً بما قاله عدد من المسؤولين العسكريّين الميركيّين. ففي آب 2016، قال قائد العمليّات البرّيّة ضدّ داعش الجنرال شون ماكفرلاند إنّ التحالف قتل حوالي 45000 مقاتل من الإرهابيين. بعد حوالي السنة، أعلن قائد إمرة العمليات الأميركيّة الخاصّة الجنرال رايموند طوني توماس إنّ ما بين 60 إلى 70 ألف داعشيّ قضوا في المعارك منذ انطلاقها في آب 2014. من هنا يستنتج الكاتب أنّ العدد الأكبر من القتلى سقط في عهد أوباما.

أكثر من ذلك، يذكّر بيرغن بأنّ معركة تحرير #الموصل بدأت في تشرين الأوّل سنة 2016 أي في عهد أوباما. كما أنّ الجنرال جوزف فوتل، قائد القيادة المركزيّة، لفت نظره شخصيّاً إلى أنّ خطط معركة #الموصل و #الرقّة بدأت قبل فترة طويلة من إطلاقها لا بل من الإعلان عنها. ويضاف إلى كلّ ذلك أنّ تحرير القسم الغربيّ من المدينة تمّ بعد بضعة أيّام فقط على تنصيب ترامب رسميّاً كرئيس أميركيّ.


أرقام أخرى

من جهته، عرض جايمي ماكنتاير في مجلّة "واشنطن أكزامينر" أرقاماً أخرى تشير إلى "تسارع" في هزيمة داعش خلال عهد ترامب. وأشار إلى أنّ الحملة حرّرت ضعف ما حرّرته حملة أوباما أكان لناحية الأشخاص أم المساحة. ففي اليوم الذي تسلّم ترامب منصبه كان هنالك حوالي 35 ألف مقاتل يسيطرون على حوالي 45 ألف كيلومتر مربّع في سوريا والعراق. وفي 21 كانون الأوّل الحالي تبقّى حوالي 1000 مقاتل في حوالي 5000 كيلومتر مربّع معظمها في أراض متفرّقة من الصحراء حيث تعيش قلّة من الناس وحيث سيُجبَر الإرهابيّون على الموت أو الاستسلام. ويضيف أنّه بين أيلول 2014 وكانون الثاني 2017، حرّرت القوى المدعومة أميركيّاً حوالي 34 ألف كيلومتر مربّع من الأراضي وحوالي 2.4 مليون شخص من داعش.

من المعروف أنّ ترامب أعطى القوّات الأميركيّة حرّيّة أكبر لاستهداف داعش من تلك التي أعطاها سلفه لهم، بحيث أنّ إمرة العمليّات باتت تمرّ في مراحل أقلّ ضمن سلسلة القيادة وبات تقدير الضبّاط الأميركيّين يتمتّع بهامش أكبر من التأثير على الأرض. في هذا السياق، ذكّر ماكنتاير بكلام القائد السابق للتحالف الجنرال ستيفن تاونسند الذي قال في أيلول الماضي: "إنّ تقديرنا هنا على أرض المعركة في المناطق المتقدمة موثوق به. ولا نتلقّى 20 سؤالاً مع كل حركة تحصل على أرض المعركة ومع كلّ حركة نتّخذها ولا يعاود القادة اليوم الاتصال بالمقرّات العليا طالبين الإذن (للقصف).


تغييرات ترامب ... هامشية أم استراتيجية؟

بينما كتب بيرغن في "سي أن أن" أنّ قواعد الاشتباك الأسهل في المعارك التي سمح بها ترامب هي "تغييرات تكتيكيّة – لا محوّلات استراتيجيّة ل (قواعد) اللعبة"، كان لأنطوني كوردسمان من "مركز الدراسات الدوليّة والاستراتيجيّة" رأي مشابه في حديثه إلى موقع "بوليتيفاكت" الأميركيّ. إذ قال إنّ ترامب سمح بحرّيّة أكبر في اتّخاذ القرار بالهجوم، كما أنّ الجيش الأميركيّ شنّ عدداً أكبر من الغارات على داعش في عهد الأخير، لكنّ ذلك لا يمثّل تغييراً كبيراً في الاستراتيجيّة ككلّ. وأضاف أنّ ترامب يستحقّ الإشادة لتطبيقه الخطّة السابقة بشكل كامل مع تعديلات محدودة. لكن "من الهراء أن ينسب فضلاً لنفسه في برنامج وضعه سلفه بشكل كبير قبله".

لكن كان لماكنتاير تذكير برأي آخر. فموفد البيت الأبيض الخاصّ إلى التحالف بريت ماكغورك قال في آب الماضي إنّ تفويض ترامب "صنع حقّاً فرقاً على الأرض. لقد رأيت ذلك بأمّ عينيّ". قد يكون رأي ماكغورك وازناً في هذا الاعتراض لأنّه شغل المنصب في كلتا الإدارتين السابقة والحاليّة.


إذاً أوباما أم ترامب؟

في النهاية، قد يكون صعباً إعطاء نسبة مئويّة واضحة عن مساهمة كلّ من الرئيسين في الانتصار على داعش. لكن مع ذلك، يجمع المراقبون على أنّ الخطّة الأميركيّة التي وُضعت أيّام أوباما هي نفسها التي سار ترامب بموجبها. غير أنّ تعديل قواعد الاشتباك كان له أثر بارز في تسريع المعركة ولم يكن تغييراً هامشيّاً بحسب ماكغورك نفسه. وهذا ما يحضّ على الاعتقاد بأنّ الاستراتيجيّة الأميركيّة التي وضعها أوباما كانت ناجحة بنفسها. يبقى أنّ ترامب قد تمكّن من تنفيذها بشكل أفضل على الأرجح.





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم