السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

الراعي في قداس الميلاد: لا يتحمّل التفرّد ‏في السلطة وإشغال المناصب

الراعي في قداس الميلاد: لا يتحمّل التفرّد ‏في السلطة وإشغال المناصب
الراعي في قداس الميلاد: لا يتحمّل التفرّد ‏في السلطة وإشغال المناصب
A+ A-

شدد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على أن "لبنان، الذي يتميّز بالتنوّع الحزبي والديني والثقافي، لا يتحمّل التفرّد ‏في السلطة وإشغال المناصب، ولا الإقصاء لمكوِّن من مكوِّناته، ولا الإلغاء، ولا ‏التقييد للحريات العامّة التي يقرّها الدستور".

وقال الراعي في عظته بقداس الميلاد الميلاد في بكركي، في حضور رئيس الجمهورية ميشال عون: "يسعدنا أن نحتفل كالعادة مع فخامتكم والسيّدة اللبنانيّة الأولى عقيلتكم، ‏في كنيسة الكرسي البطريركي، بقداس عيد ميلاد مخلّصنا وفادينا، يسوع ‏المسيح، ابن الله المتجسّد. ويشارك معكم هذا العدد المنتقى من المؤمنين، وفي ‏مقدّمهم وزراء ونوّاب وسفراء ورؤساء بلديات ومخاتير، وشخصيّات عسكريّة ‏وقضائيّة وإداريّة.‏  فيما نتقدّم منكم، فخامة الرئيس، باسمهم وباسم الأسرة البطريركيّة، ‏بأطيب التهاني والتمنيات بالميلاد المجيد والسنة الجديدة، ونبادلهم باسمكم هذه ‏التهاني والتمنيات، نرفع معكم صلاة الشّكر لله على السنة الأولى من عهدكم، ‏وعلى ما تحقّق خلالها، بفضل حكمتكم وسديد قراركم، من إنجازات أساسيّة ‏كانت تؤجَّل في الماضي سنة بعد سنة، وفي الوقت عينه تترك آثارًا سلبيّة على ‏الخير العامّ. وكان كلُّ إنجاز بمثابة خبرٍ مفرح، تبشّرون به اللبنانيِّين، وصدىً ‏لخبر الفرح الأساسي الذي أعلنه الملاك، منذ ألفَي سنة، لرعاة بيت لحم: "إنّي ‏أبشرُكم بفرح عظيم، يكونُ للعالم كلِّه: لقد وُلد لكم اليومَ المخلّص" (لو2: ‏‏10-11). فبات على كلّ واحد وواحدة منّا أن ينقل هذا الخبر المفرح، وأن ‏يجعل من أعماله الحسنة ومبادراته ومواقفه خبرًا مفرحًا يبشّر به أهل بيته ‏ومجتمعه ووطنه".‏ 

واشار إلى أن "الفرحُ الأكبر الذي أعلنه الملاك للبشريّة جمعاء فهو ميلاد ‏مخلّصها وفاديها المنتظَر الذي به، وهو ابن الله الذي صار إنسانًا، نستطيع ‏أن نصير نحن أبناءً لله، وإخوةً بعضنا لبعض بالمسيح، ويكون لنا قلب واحد ‏يجمع ولا يفرّق ويحب السلام، ونعمل معًا على توطيد أركانه على "المسيح ‏سلامنا" (البابا القديس البابا لاون الكبير، الشحيمة المارونيّة، زمن الميلاد، ‏ص619-620)"، لافتاً إلى أن "‏فرح الأخوّة والوحدة ينتظره اللبنانيّون بشوق، ويتطلّعون إليكم، فخامة ‏الرئيس، وأنتم رمز وحدتهم بموجب الدستور (المادّة 49)، من أجل تحقيق هذه ‏الوحدة الداخليّة بين جميع الأفرقاء والمكوِّنات السياسيّة.فالوحدة الوطنيّة ترتكز ‏عندنا في لبنان على التنوّع. لذا، تحتاج البلاد، إلى تضافر جميع القوى وفقًا ‏للنظام الديموقراطي، ولمفهوم المعارضة وممارستها، على أن يكون الهدفُ ‏المشترك تعزيزَ المصلحة الوطنيّة العليا على أسس الميثاق والدستور".‏ 

وشدد على أنّ "لبنان، الذي يتميّز بالتنوّع الحزبي والديني والثقافي، لا يتحمّل التفرّد ‏في السلطة وإشغال المناصب، ولا الإقصاء لمكوِّن من مكوِّناته، ولا الإلغاء، ولا ‏التقييد للحريات العامّة التي يقرّها الدستور (المقدّمة ج)، وفي طليعتها حرّية ‏الرأي والمعتقد وبالتالي حرّية الإعلام والكتابة والتعبير. ولكن ينبغي ضبط هذه ‏الحريات وفقًا لأنظمتها والأخلاقيّة المهنيّة. إنّ التنوّع والحرية توأمان يشكّلان ‏فرح اللبنانيِّين".‏

‏وقال: "الفرح بميلاد المخلّص هو "أنّ الإله صار ابنَ البشر، حتى ‏نستطيع أن نصير نحن أبناءَ الله" (القدّيس البابا لاون الكبير). بتجسّده أخذ ‏الإنسان على عاتقه حتى يحرّره من خطيئته ويغنيه بنعم ألوهيّته. لقد أخذ ‏جسدنا ليخلّص فينا صورة الله البهيّة، بعد أن تشوّهت بشرورنا (القدّيس ‏غريغوريوس النزينزي). وبتجسّده ألقى الأضواء الحقّة على سرّ الإنسان، ‏وكشف له عن كرامته وقدسيّته وسموّ دعوته.‏
الإنسان اليوم، الذي تُنتهك كرامتُه، ويُعتدى على جسده وحياته ‏وصحّته، ويُمنع من حقوقه الأساسيّة، ويصبح سلعةً للبيع والشراء، وهدفًا للقتل ‏والتهجير والقهر، إنّما يحتاج إلى بشرى الفرح التي أُعلنت يوم الميلاد."‏ 

واشار الى انّ "اللبنانيّين ينتظرون من فخامتكم ومن الدولة هذه البشرى. وقد أصبح ‏ثلثهم تحت مستوى الفقر، وباتوا في معظمهم عاجزين عن تأمين حاجاتهم ‏الأساسية من سكن لائق وطعام وكساء ودواء وتعليم وماء وكهرباء. إنّ بشرى ‏الفرح المنتظَرة تأتيهم من الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي، وتأمين ‏فرص العمل والإنتاج لشبابنا الطالع والمتخصّصن ودعم المزارعين والصناعيّين ‏وتسويق إنتاجهم، وحماية حقّ الوالدين باختيار المدرسة التي يريدونها لأولادهم، ‏ما يقتضي أن تدعم الدولة رواتب المعلّمين فيها، والسّهر بالتالي على ضبط ‏أقساطها، وإلّا خسرنا شيئًا فشيئًا ركنًا أساسيًّا في لبنان هو المدرسة الخاصة ‏المعروفة بانضباطها ومستواها العلمي".‏


اضاف: "يتّجه فكرُنا معكم إلى كلّ المحرومين من أفراح العيد، لسبب أو ‏لآخر، ونحيّي كلّ الذين، وأنتم في طليعتهم فخامة الرئيس، قاموا بمبادرات ‏متنوّعة تجاههم شهدت لمحبّة المسيح وزرعت الفرح والرجاء في قلوبهم. ‏ونتطلّع بأملٍ، مع الإخوة النازحين من سوريا والعراق، إلى اليوم الذي يعودون ‏فيه إلى بيوتهم وأراضيهم ووطنهم، حيث ينعمون بكرامتهم ويحافظون على ‏ثقافاتهم، فيخفّفوا العبء عن لبنان واللبنانيّين المرهقين أصلًا اقتصاديًّا ومعيشيًّا ‏وإنمائيًّا. ويتّجه فكرُنا إلى الشعب الفلسطيني المتألّم من قرار الرئيس ‏الأميركي دونالد ترانب، الرامي إلى تهويد مدينة القدس المقدّسة ونزع الصفة ‏المسيحيّة والإسلاميّة عنها، متحدِّيًا رغبة العالم كلّه وبخاصّة محبِّي السلام، ‏وكأنّه يريد أن يقضي على القضيّة الفلسطينيّة وحلّها بإنشاء الدولتَين".‏ وختم: " نسأل المسيح الإله، الذي أشعّ بنوره في قلب اللّيل، ساعة وُلد في بيت ‏لحم، أن يسطع بنوره على الظلمات التي نعيش فيها ويبدّدها، راجين أن تتحقّق ‏في عالمنا كلمة أشعيا النبي: "الشعبُ السالكُ في الظلمة، أبصر نورًا عظيمًا. ‏والسالكون في أرض الموت وظلاله أشرق عليهم النور"(أش9: 1). ‏ وإذ نجدّد تهانينا القلبيّة وتمنيّاتنا لكم، يا فخامة الرئيس ويا أيّها ‏الحاضرون والمشاهدون، نهتف قائلين:‏ وُلد المسيح، هللويا!‏".




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم