السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

ماكرون.. بين ضرب قواعد عسكريّة للأسد وتعقيدات الشرق الأوسط

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ماكرون.. بين ضرب قواعد عسكريّة للأسد وتعقيدات الشرق الأوسط
ماكرون.. بين ضرب قواعد عسكريّة للأسد وتعقيدات الشرق الأوسط
A+ A-

وأوضح أنّه "قال مجدّداً للرئيس بوتين (إنّ فرنسا ستضرب) مع مطالبتنا إيّاه بأن يكون واضحاً جدّاً مع النظام السوريّ". وكان ماكرون قد أعلن أواخر أيّار الماضي، لدى استضافته نظيره الروسيّ أنّ فرنسا "ستردّ فوراً" على أي استخدام للأسلحة الكيميائيّة. بهذا الكلام، تكون فرنسا قد انضمّت إلى الولايات المتّحدة في مجال رسم "خطّ أحمر" داخل سوريا لمنع اللجوء إلى الأسلحة المحظّرة دوليّاً. لكن يبقى السؤال عن قدرة فرنسا على تنفيذ تهديدها في المدى المنظور وأسلوب ردّها على احتمال كهذا خصوصاً مع المواقف الملتبسة للرئيس الفرنسيّ تجاه النزاع السوريّ.


القيادة لواشنطن

تراوحت تصريحات ماكرون عن الأسد بين الإدانة الواضحة خلال حملته الانتخابيّة والقول لاحقاً إنّه لم يرَ "بديلاً شرعيّاً" للرئيس السوريّ الذي يشكل "عدواً للسوريين لا لفرنسا". وأكّد ماكرون مراراً معارضته لمبدأ اشتراط رحيل الأسد كشرط للمفاوضات حول الحلّ السياسيّ. هذه التصريحات تبرز أن لا رؤية واضحة لدى الرئيس الفرنسيّ تجاه مصير الأسد، رؤية قد تكون غائبة لدى الكثير من عواصم القرار بما فيها واشنطن نفسها وإن بحدود أقل. في هذا السياق، قد تكون الولايات المتّحدة قدوة سائر الدول الغربيّة تجاه كيفيّة التحرّك ضدّ نظام دمشق في حال استخدامه السلاح الكيميائيّ وهذا ما أوضحته مجريات الأمور في السابق. فحين امتنعت إدارة أوباما عن شنّ الهجمات ضدّ أهداف سوريّة بعد الهجمات على الغوطة صيف 2013، تبعتها فرنسا بقيادة فرانسوا هولاند في هذا المسار، علماً أنّ الأخير يملك سياسة أكثر تشدّداً تجاه الأسد من سياسة خلفه. وحين قصفت واشنطن بقيادة ترامب قاعدة الشعيرات في نيسان الماضي ردّاً على هجوم خان شيخون، ساد جوّ غربيّ عارم مؤيّد للضربة، سرعان ما تحوّل إلى حديث عن تغيير للنظام، بمجرّد أن أعلن وزير الخارجيّة ريكس تيليرسون عن ذلك. وبالعكس، حين عادت الإدارة الحاليّة لتؤجّل البحث في هذه المسألة، تبعتها الدول الغربيّة في خيارها. وهذا يثبت أنّ واشنطن لا تزال تتمتّع بالقيادة الدوليّة في الملفّات الحسّاسة بما فيها الملفّ السوريّ.



وحديث الرئيس الفرنسيّ عن الضربة المقبلة في حال توفّر الإثباتات قد لا يخرج عن السياق الدوليّ الذي يرسمه الأميركيّون. وطالما أنّ ترامب قد نفّذ خطّه الأحمر فهو مهّد وسهّل بذلك الطريق لفرنسا كي تسير في الاتّجاه نفسه. لكن فيما انتهت الولايات المتّحدة مؤخّراً من رسم سياستها السوريّة العامّة التي تقضي برحيل الأسد في نهاية المطاف كما قال تيليرسون أواسط كانون الثاني الماضي، يبدو أنّ السياسة الفرنسيّة تجاه سوريا تراوح مكانها. فهي لا تزال في دائرة التخبّط ضمن التصريحات المبهمة والمتناقضة كما كانت خلال السنة الماضية. وحين استخدمت دمشق السلاح الكيميائيّ في خان شيخون، أعلن ماكرون المرشّح أنّه يؤيّد عمليّة عسكريّة إذا ثبت استخدام الأسلحة الكيميائيّة ضمن إطار الأمم المتّحدة. لكنّه عاد بعد الضربة الأميركيّة ليكتفي بالقول إنّه "أخذ علماً" بها.


ضربة بتداعيات محدودة

قد لا يكون مُستبعداً لجوء فرنسا إلى ضربة عسكريّة محدودة في حال تثبّتت فعلاً من أنّ النظام السوريّ استخدم السلاح الكيميائيّ، لأنّ هذه الضربة لن تكون سابقة في النزاع السوريّ بعدما قدّمت الولايات المتّحدة نسختها الخاصّة من هذا الردّ. وسعي ماكرون إلى إيجاد مساحة نفوذ لبلاده في الشرق الأوسط عبر البوّابة الفرنسيّة ربّما، قد يشكّل دافعاً له كي يلجأ إلى خيار من هذا النوع. يضاف إلى ذلك، أنّ ضربة كتلك أثبتت أنّها لا تنتج تداعيات مباشرة على موازين القوى، بعدما أثبت النظام قدرته على استيعاب الضربة الأميركيّة والاستمرار في شنّ عمليّاته العسكريّة ضدّ المعارضة مع التزام #روسيا و #إيران بدعمه ميدانيّاً. هذا الأمر لا يعني فقط أنّ دمشق ستظلّ بمأمن من أيّ تغيير دراماتيكيّ في الأحداث، بل أيضاً فرنسا نفسها التي لا تريد تحوّلاً في موازين القوى. وقال ماكرون يوم الثلاثاء أيضاً إنّه "بالنسبة إلى النظام السوريّ، سنكون قادرين على وصف الأمور قبل نهاية الصراع، ولعلّنا سنعرف المزيد بعد نهايته". وركّز باحثون بالفعل على محدوديّة هذه الضربة على المستوى التكتيكيّ، من بينهم ألان رودييه، ضابط بارز سابق في المخابرات الفرنسيّة والمدير المشارك للمركز الفرنسيّ للأبحاث الاستخباريّة.


أربعة أسباب تقيّد العمليّة

كتب رودييه في موقع "أتلانتيكو" الفرنسيّ أنّ محدوديّة هذه الضربة ستحتّمها أسباب متعدّدة من بينها ضرورة تفادي فرنسا سقوط ضحايا مدنيّين كي لا يستخدمها النظام في حملة دعائيّة مضادّة. وأشار أيضاً إلى أهمّيّة تفادي باريس إصابة أهداف إيرانيّة وروسيّة كي لا توضع الديبلوماسيّة الفرنسيّة في وضع حسّاس. وإضافة إلى ضرورة تلافي تعرّض المقاتلات الفرنسيّة لنيران الدفاعات السوريّة ذكر رودييه أنّ صواريخ "سكالب" المحتمل استخدامها في الضربة ليست أفضل ما يملكه الجيش الفرنسيّ وبالتالي سيكون تأثيرها محدوداً.



منذ فوزه بالرئاسة، تمّ وصف ماكرون بأنّه "رئيس جوبيتيري" نسبة إلى جوبيتر (المشتري) كبير الآلهة بحسب الميثولوجيا الرومانيّة، في إشارة إلى الحكم القويّ الذي سيمارسه الرئيس الفرنسيّ. لكنّ جاك هوبير رودييه، الكاتب في صحيفة "ليزيكو" الفرنسيّة، رأى أنّ "الشرق (الأوسط) معقّد جدّاً حتى بالنسبة إلى جوبيتر، ملك الآلهة والبشر".




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم