السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

بوتين قد يكون "نادماً" ... هل خدمه ترامب "خدمة الدب"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

تطرّقت تقارير صحافيّة إلى أنّ الرئيس الروسيّ يمسك بملفّات خاصّة بترامب قادرة على أذيّته لو خرجت إلى العلن، لذلك يحاول أن يرضي بوتين بجميع الوسائل. ساعد إصرار ترامب على انتقاد تحقيقات روبرت مولر كما إصراره على دعوة بوتين إلى البيت الأبيض، في تعزيز التكهّنات حول وجود ملفّات كهذه. لكن بالمقابل، يرى البعض أنّه يستحيل على شخص كبوتين أن يقع في خطأ كهذا.


فرق بين الرغبة والإمكانيّة

يشكّك الباحث جورج فريدمان في موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" بهذه النظريّة مشيراً إلى أنّ المؤتمر الصحافيّ يقدّم أدّلة تناقضها: "لو كان كذلك، لما سمح الروس مطلقاً لترامب بأن يرفض تحقيقات المخابرات الأميركيّة أو بأن يصطفّ بجانب بوتين". وأضاف أنّه لو صحّت الفرضيّة، لكان من غير الحكمة عقد اجتماع منفرد بينهما و"لفعل الروس كلّ ما يمكنهم من أجل تعزيز موقف ترامب السياسي في الولايات المتّحدة". وتابع: "كانوا ليستخدموه بعدد من الطرق. كان ترامب ليهاجم بوتين مباشرة في المؤتمر الصحافيّ".



بغضّ النظر عمّا إذا كان لدى بوتين ملفّات محرجة عن ترامب يمكن استغلالها لكسب النفوذ في أروقة البيت الأبيض، قد لا يكون الطرفان قادرين على تقديم أو انتزاع الكثير من التنازلات الأميركيّة في ما يخصّ عدداً من الملفّات الداخليّة والدوليّة. يرى ليونيد بيرشيدسكي في شبكة "بلومبيرغ" أنّ كلا الرئيسين يحبّان أن يقدّما عرضاً يريح الآخر، لكن لن يتمكّن بوتين من تقديم أي شيء يمكن أن يوافق عليه الإعلام والمؤسسة في الولايات المتّحدة، وبالمقابل يبدو ترامب مدركاً للموقع الذي هو فيه وللدستور الذي يمنعه من إعطاء التنازلات.


ردّ أميركيّ حازم

والقيود المفروضة على ترامب قد لا تكمن في الدستور أو في معارضة الحزبين داخل الكونغرس وحسب، إذ يظهر الرئيس الأميركيّ شبه وحيد ضمن إدارته المناهضة بغالبيّتها للتقارب مع روسيا. لهذا السبب، تبدو قدرة ترامب على تقديم تنازلات حقيقيّة لموسكو محدودة فعلاً. من جهة ثانية، سبق أن أنتجت قمّة هلسينكي ردّ فعل سلبيّاً في الكابيتول هيل. فللمرّة الأولى، تعلو أصوات داخل الكونغرس تطالب بالاستماع لشهادة المترجمة التي رافقت ترامب إلى اجتماعه المغلق مع بوتين. كذلك، رفض مجلس الشيوخ بكامل أعضائه فكرة أن يكون لدى الإدارة الأميركيّة القدرة على إعطاء الروس إمكانية استجواب مسؤولين أميركيّين، وعارض أعضاء من الحزبين داخل المجلس نفسه أيّ إمكانيّة لإقرار أميركيّ بضمّ روسيا للقرم. ويعمل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والديموقراطي بوب مينينديز على مشروع قانون لا يفرض مزيداً من العقوبات الأميركيّة على الروس وحسب بل يقضي أيضاً بإنشاء مركز قوميّ لمواجهة التهديدات الروسيّة في الولايات المتّحدة وفي أوروبّا الشرقيّة. وأعلن رئيس مجلس النواب بول رايان رفضه استقبال بوتين في الكونغرس لو توجّه الأخير للقاء ترامب في واشنطن.


فكرة "أكثر سمّيّة"

الصحافيّة المقيمة في روسيا آنّا أروتونيان أشارت في مقالها ضمن "مركز ويلسون" للأبحاث أنّ الروس لم يعقدوا توقّعات كبيرة على هذه القمّة لكنّهم أخذوا بالاعتبار وجود فرصة ضئيلة لفتح قنوات يحتاجون إليها في سوريا وخارجها وصولاً إلى رفع العقوبات. ومع أنّ وزارة الدفاع الروسيّة أصدرت بياناً عقب القمّة أعلنت فيه "الاستعداد لتكثيف الاتصالات مع الزملاء الأميركيّين"، فإنّ ترامب جعل فكرة التقرّب من روسيا "أكثر سمّيّة" لدى سياسيّي واشنطن. إنّ المظهر الذي تمّت صياغته وهو أنّ بوتين تلاعب بترامب، لا يؤدّي خدمة لبوتين على المدى الطويل. وأشارت إلى أنّ هنالك تعبيراً معروفاً في روسيا وهو "خدمة دبّ" ويعني أن يؤدّي شخص بادرة حسن نيّة لكنّها مع ذلك ترتدّ سلباً على متلقّيها في المدى البعيد، لافتة النظر إلى ضرورة أن يأمل بوتين عدم تأدية ترامب هذا النوع من الخدمات له.


تسلية ... ولكن

إن لم تكن كلّ التحرّكات الداخليّة الأميركيّة بعد 16 تمّوز كافية لتثير قلق بوتين حول احتمالات اتّباع واشنطن مزيداً من السياسات المتشدّدة تجاهه، فإنّ اعتراف ترامب يوم أمس بحصوله على معلومات عن كلينتون من قِبل الروس قد يكون تطوّراً سلبيّاً بالنسبة إليه، حتى ولو رأى ترامب ذلك "مشروعاً تماماً".



في 17 تمّوز الماضي، توقّع بيرشيدسكي أن يكون بوتين على الأرجح متأسفاً لأنّه ترك أجهزته الاستخبارية تثير المشاكل في الانتخابات. "لقد بدا ذلك مسلّياً وخلق فوضى جميلة مزعزعاً استقرار أكبر خصم جيوسياسيّ لروسيا على مدى سنوات قادمة. كان ليكون أفضل لو وقف جانباً وشاهد ترامب يفوز بالانتخابات في جميع الأحوال. كان الالتباس ليستمرّ بالوجود هناك، لكنّ المقايضات، كبيرة وصغيرة، كانت لتكون بمتناول اليد على الأرجح".










الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم