السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

أم كرّست حياتها لخدمة ابنتها وهذا مطلبها الوحيد في عيد الميلاد

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
أم كرّست حياتها لخدمة ابنتها وهذا مطلبها الوحيد في عيد الميلاد
أم كرّست حياتها لخدمة ابنتها وهذا مطلبها الوحيد في عيد الميلاد
A+ A-

واضعة ابنتها على حضنِها، وبكل ما أوتيَت من حنان تقوم بإطعامها، كيف لا وهي بالنسبة إليها يداها وقدماها، نظرها وسمعها، وكلّ حواسّها، بعد أن حرمها "خطأ طبّي" من متابعة حياتها بشكل طبيعي. هي ماري شارويان التي تغيّرت حياتها قبل 21 سنة، حين أصيبت ابنتها ياغينيه بشلل دماغي أفقدها قدرتها على التحرك والنطق والتجاوب مع العالم الخارجي.

في غرفة صغيرة في أحد ازقة النبعة، قصة وعبرة لأمٍّ كرّست كل لحظة من عمرها لأجل وحيدتها. حين طرقت باب منزلها فتح لي شاب (ابن شقيقتها)، لأُصدَم بعَظَمة مشهد يعكس مدى حنان والدة لم تأبه بثقل وزن ابنتها، ترفض إطعامها وهي ممددة على السرير، مفضلةً حملها للقيام بمهمتها. الجو داخل المنزل كئيب، على الرغم من زينة الميلاد ومغارة السيد المسيح التي زينت الحائط أعلى السرير، فالنور لا يتسلل على راحته من شبّاك صغير حُجِب بستارة، والكهرباء مقطوعة كالعادة، ومع هذا، تفاؤل ماري يكفي لتبديد الشعور الغريب.

حلول الفاجعة

سرير لياغينيه وكنبتان اضافة الى طاولة للتلفاز، ماكينة خياطة وعربة مغطاة، هو كل أثاث الغرفة التي تباركها صور المسيح الحاضرة بكثرة في المكان. طلبتُ من ماري ان تعود بذاكرتها الى سنين مضت حين ولدت ابنتها ومدى فرحتها قبل ان تحلّ الكارثة، تصمت قليلاً قبل ان تبدأ الحديث "سنة 1994 ارتبطت بزوجي الذي يحمل الجنسية السورية بعد أن تعرفت إليه من خلال معارف لي، حملت بابنتي، كانت فرحتي لا توصف عندما ضممتها بين ذراعي للمرة الأولى، سارت الأمور على ما يرام، الى ان احتاجت الى عملية فتاق صرّة، ولأن اوضاعي المادية لا تسمح بادخالها الى مستشفى في لبنان توجهت بها الى سوريا، وبالفعل خضعت للعملية، لكن الفاجعة حلّت حين قرر الطبيب انتزاع القطب من دون بنج، الامر الذي أدى الى إصابتها بكهرباء في الرأس وشلل دماغي".

"مشيئة الله"

بدأت رحلة معاناة ماري وابنتها منذ ذلك الحين، كل جهود الأطباء لم تستطع محو خطأ الطبيب، "حُرِمت ياغينيه من القيام بأبسط الأمور، فحتى التعبير بحركة بات حلماً مستحيلاً. ومع هذا انا مقتنعة أنها إرادة الله ومشيئته، هذا نصيبي وقدري". قالت ماري قبل ان تشرح عن كيفية إحساسها بما تريده ابنتها، "أعلم انها جائعة او تريد ان تشرب او اي امر مهما كان بسيطاً من ضحكتها، كونها تعجز عن القيام بأي اشارة أخرى". وأشارت إلى أنها "أمضت سنوات من عمرها في مؤسسة سيسوبيل، لكن بعد ان وصلت الى العمر المحدد عادت الى المنزل لأعتني بها، كان ذلك قبل نحو 4 سنوات، ومنذ ذلك الوقت أتابع كل تفاصيلها وعلاجها، أشكر الله على أن مؤسسات خيرية كثيرة تقف الى جانبي وتمد يد المساعدة لنا، سواء من خلال تقديم الأدوية التي تحتاج إليها أو العلاج الفيزيائي، وحتى قدوم سيدة لمساعدتي على تحميمها، كما ان الغرفة التي أسكن فيها من تقديم مؤسسة خيرية". 

طلب وحيد

على الرغم من كل المعاناة التي تحاصرها، تحرص ماري على"تزيين حائط سرير ياغينيه في كل فصل وعند كل مناسبة، كونها خطوة تشعرها بالفرح. ويوم الميلاد أحتفلُ مع شقيقتي وأولادها في هذه الغرفة من أجل إدخال السعادة الى قلبها. فعدم قدرتها على التعبير لا يعني انها لا تشعر بالمحيط". وأضافت: "تحب البيانو كثيراً، أضعها في العربة لكي تحاول العزف. أحاول جاهدة أن أراها مسرورة لأن ذلك فقط هو سر سعادتي". وعن أحلامها ضحكت مجيبة: "أحلامي كثيرة، إلا ان طلبي الوحيد الصحة للجميع، وان يديم الله عافيتي كي أتمكن من خدمة ابنتي".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم