السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

أرشيف "النهار" - دولة المؤسسات بين التجربة الشهابية والتجربة المرتقبة

المصدر: أرشيف "النهار""
Bookmark
أرشيف "النهار" - دولة المؤسسات بين التجربة الشهابية والتجربة المرتقبة
أرشيف "النهار" - دولة المؤسسات بين التجربة الشهابية والتجربة المرتقبة
A+ A-
إذ أتوقف امام عنوان "دولة المؤسسات بين التجربة الشهابية والتجربة المرتقبة"(*) فإني اجد نفسي مدعوا الى الكلام عن الماضي وعن الغيب. فالرئيس اللواء فؤاد شهاب صار من الماضي لكن تجربته مستمرة مع الزمن. اما التجربة المرتقبة فهي تجربة الرئيس العماد اميل لحود، وهو الحاضر، وهو عنوان المستقبل الذي قرأناه في الأمس بارتياح واطمئنان واعجاب. وبين الماضي المتمثل بفؤاد شهاب والمستقبل الذي بدأ مع اميل لحود هناك الزمن الذي عشناه ونعيشه حتى هذه اللحظة، وطوله 34 سنة تمتد بين آخر يوم من عهد اللواء شهاب واول يوم من عهد العماد لحود. ذلك الزمن هو المختبر الذي بلور التجربة الشهابية بما تعارض فيها من رؤساء وزعماء وصولا الى بداية "التجربة اللحودية"، اذا صح التعبير بناء على تعبير "التجربة الشهابية". لن نستطيع الغوص في تجارب خمسة رؤساء، على الاقل، في مدى 34 سنة مضت. لكننا لا نستطيع حذف هذه التجارب من طريق التجربة المرتقبة وكأنها تبدأ من فراغ حدث بعد التجربة الشهابية، او كأنها تتصل بتلك التجربة وسط فراغ. واذ نعبر تجارب ال34 سنة الماضية نتوقف لنرى "دولة المؤسسات" مثل سفينة في عراك مع الامواج. هذه السفينة تهتز على الدوام. حينا تميل يمينا، وحينا تميل يسارا، ومرة تتقاذفها الامواج ومرة تغمرها، ومرات تنفجر وتتحطم. لكنها تظل صالحة للترميم ولا تغرق. فكأنما في سفينة لبنان صمام امان سريا يحميها من الغرق، ويدفعها في مواعيدها الدستورية الى حيث ينتظرها ربان جديد فيتسلم قيادتها... وإلا كيف كان ممكنا انتخاب الرؤساء دستوريا خلال سنوات الحرب. لو لم تصمد تلك السفينة وتبقى؟ ربان السفينة هو الموضوع. طاقم السفينة هو الموضوع. ونظام السفينة هو الموضوع. بين تجربة الرئيس شهاب وتجربة الرئيس لحود نرانا امام رجلين من مدرسة واحدة، لكنهما اذ يتقاربان بالمسلك، فإنهما بالشخصية والنشأة والطبع يتباعدان، وإن قليلا. وتأتي ظروف كل منهما لتجعل كلا التجربتين مثقلة بالهموم الداخلية والاقليمية وتبقى الهموم الداخلية الأصعب. وتبقى هي المقياس للحكم على التجربة. واذا جاز لي أن ادخل في تعريف شخصية الرئيس شهاب وشخصية العماد لحود، فلا ادعي التقويم. انما احاول ان اعبر عن وجهة نظر شخصية قد تصيب وقد تخطئ، قد تأتي ناقصة وقد تأتي زائدة. وهذا التعريف ربما كان ضروريا لفهم طبيعة التجربة التي قادها الرجل الأول وطبيعة التجربة التي يقدم عليها الرئيس الجديد. الرئيس شهاب جاء الى الرئاسة من الجيش، والى الجيش جاء من عائلة امارة لها تاريخها في حكم لبنان ولها تقاليدها وعاداتها. هو خرج على الكثير من تلك التقاليد والعادات التي تشترك فيها حتى اليوم عائلات كثيرة في البلاد. ولقد كان الرئيس شهاب يتميز بشخصية مليئة بالحس الانساني والاجتماعي المتصل بحياة الناس وهمومها. وهو في طفولته وشبابه عانى الكثير من تلك الهموم فجرب الوظيفة الصغيرة ونظم صرف المرتب الشهري الضئيل، وجابه الظلم والفساد والتمييز العائلي والطائفي والمذهبي حتى انتقل الى الجيش وبلغ القيادة فعايش اللبنانيين بجميع فئاتهم وطوائفهم ومذاهبهم، وعلى جميع مستوياتهم وطبقاتهم ومشكلاتهم فزادته هذه العلاقة قربا من الفقراء والاغنياء والاذكياء والاغبياء. وانتقل فؤاد شهاب من قيادة الجيش الى رئاسة الجمهورية فصار اكثر قربا من السياسيين والزعماء والنافذين واكثر خبرة في اكتشاف المخلصين والاكفياء والمحترفين فضلا عن المنحرفين وطنيا واداريا. ثم ان الرئيس شهاب كان معتزلا تماما الحياة الاجتماعية خارج نطاق المنزل والعائلة. وكانت عائلته الخاصة مؤلفة منه ومن زوجته فقط. فلم يعايش في شكل مباشر جيل الاولاد وجيل الشباب. وهو اذ صرف جهدا كبيرا من اجل ضمان مستقبل الشباب، فإنه لم يحتك بطريقة مباشرة ايضا بأفكارهم واحلامهم...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم