أثبتت دراسة حديثة أن الحدّ من تناول السكر أثناء الحمل وفي أول سنتين من الحياة، يسهم إلى حدّ كبير في خفض خطر إصابة الابنة/الابن بأمراض مزمنة في مرحلة ما بعد منتصف العمر، بحسب ما نُشر أخيراً في موقع "ساينس دايلي" Sciencedaily. وقد أشرفت "جامعة ساوث كارولينا" على هذه الدراسة المعمّقة.
الأم تلتهم السكر والجنين "يغرق" فيه!
أظهرت تلك الدراسة الأميركية الحديثة أن الأطفال الذين تُضبط معدلات استهلاكهم السكر في الأيام الألف الأولى التي تلي تلقيح البويضة، أي مرحلة الحمل وأول سنتين من العمر، ينخفض احتمال معاناتهم للسكري من النوع الثاني حوالى 35%، ولارتفاع ضغط الدم بنحو 20%، حينما يصلون إلى مرحلة منتصف العمر.
وتتدنى تلك الأرقام إذا التزمت الحامل نظاماً غذائياً لا يحتوي كميات كبيرة من السكاكر والحلويات. ويزيد ذلك الانخفاض إذا جرى التنبّه إلى تقليص استهلاك السكر خلال أول سنتين من حياة الطفل.
وقد اعتمد الباحثون على بيانات علمية من الحرب العالمية الثانية، حينما قلّصت بريطانيا معدلات توزيع السكر واستهلاكه مع حلول العام 1942 ضمن برنامج تقنين الغذاء في الحرب. وقد انتهى تطبيق ذلك البرنامج في العام 1953.
وبالإضافة إلى ذلك، راجع الباحثون بيانات استندت على معايير جينية وأخرى ترتبط بنمط الحياة والتاريخ الصحي للعائلة وعوامل أخرى ترتبط بالأمراض، مع مقارنة مرحلة ما قبل برنامج تقنين السكر وبعد انتهاء العمل به. ووُظِّفَت تلك البيانات المتنوعة في دراسة تأثير استهلاك السكر أثناء المرحلة المبكرة من الحياة على حياة الراشدين في بريطانيا بالمقارنة ما بين مرحلة تطبيق برنامج تقنين الغذاء وبعده.
ويُشار إلى أن معدلات استهلاك السكر في فترة تطبيق برنامج التقنين حُدِّدتْ بـ8 ملاعق من السكر يومياً، وارتفع إلى 16 ملعقة بعد انتهاء ذلك البرنامج. أما بعده فارتفع هذا المعدل إلى 16 ملعقة في اليوم. وجرت المقارنة بين من ولدوا قبل 1953 وبين مواليد ما بعد تلك السنة. وجرت متابعة البيانات للمجموعتين على مدار 50 سنة.
وظهر أن تقييد تناول السكر في الأيام الألف الأولى التي تلى تلقيح البويضة، ترافق مع تأخير الإصابة بالسكري بمعدل 4 سنوات، وسنتين بالنسبة إلى ارتفاع ضغط الدم.
خلاصة تفيد الزمن الحاضر
وحاضراً، توصي "منظمة الصحة العالمية" بمعدل يومي لاستهلاك السكر يستوحي ما اعتمده برنامج التقنين البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية. إذ توصي م.ص.ع. بجعل سقف استهلاك السكر للراشدين يومياً يساوي 12 ملعقة من السكر المضاف إلى المآكل.
وكذلك لم يَفُتْ باحثو "جامعة ساوث كارولينا" الذين نهضوا بالدراسة المشار إليها آنفاً، ملاحظة أن معدلات استهلاك السكر حاضراً، يرتفع بشكل كبير خلال السنوات الأولى من الطفولة، حينما تبلغ مستويات النمو الذروة أثناءها.
وفي تنبيه ملفت تضمنته تلك الدراسة، أقرَّ الخبراء بأن الحدّ من استهلاك الأطفال السكر قد لا يكون سهلاً حاضراً، لأن السكر المضاف موجود في كل مكان، وتكثر الإعلانات التسويقية عنه، وتتدفق تأثيراتها إلى الأطفال بصورة دائمة.
وبالتالي، ثمة حاجة واضحة إلى تحلّي الأهل بوعي كافٍ كي يتمكنوا من الحدّ من استهلاك أطفالهم لأنواع السكر المضاف والتركيز على الاختيارات الصحية. ولا يُخفى أن بعض الدراسات وصفت التوافر الفائض للسكر في الحياة اليومية المعاصرة بأنه يمثّل "التبغ الجديد"، في وصف لتأثيراته على الأفراد في الطفولة ومرحلة ما بعد منتصف العمر.