النهار

المنافسة المفتوحة وبدايات محمد علي في روما 1960
المصدر: أ ف ب
لم تجمع دورة أولمبية سابقة من اللاعبين والدول كما جمعت دورة روما عام 1960، وعرفت نجاحاً كبيراً ولاسيما من خلال النقل التلفزيوني المباشر أو المسجّل ورائدته شركة "أوروفيزيون" التي نقلت وقائع حفل الافتتاح مباشرة إلى 20 دولة أوروبية.
المنافسة المفتوحة وبدايات محمد علي في روما 1960
أولمبياد روما 1960.
A+   A-
لم تجمع دورة أولمبية سابقة من اللاعبين والدول كما جمعت دورة روما عام 1960، وعرفت نجاحاً كبيراً ولاسيما من خلال النقل التلفزيوني المباشر أو المسجّل ورائدته شركة "أوروفيزيون" التي نقلت وقائع حفل الافتتاح مباشرة إلى 20 دولة أوروبية.
 
وتابع وقائع المسابقات مواطنو 100 دولة بينها اليابان والولايات المتحدة وكندا. وبات نشيد "ساماراس وبالاماس" نشيداً ثابتاً للألعاب في الدولة التي استوحت التقاليد والرموز الرومانية في كل شيء.
 
حضر الألمان ضمن بعثة موحدة، وحلّ الاتحاد السوفياتي في المركز الأول برصيد 43 ذهبية، مقابل 34 للولايات المتحدة و13 لإيطاليا.
 
وتأقلم العالم مع القوّتين العظمتين الطاغيتين، وصادفت الألعاب وبزوغ نجم الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف وتحضير الرئيس الأميركي جون كينيدي حملته الانتخابية.
 
وإلى العظمة الإيطالية في الافتتاح والتنظيم والاحتفالات حيث عاش الجميع مشاهد وكأنهم يمثلون في أفلام فيديريكو فيلليني، فان جانب المنافسات والأسماء الكبيرة يبقى الأبرز في "الأولمبياد".
 
فعلى رغم تفوق لي كالهون ورالف بوسطن ودون براغ في سباق 110 م حواجز والوثب الطويل والقفز بالزانة، فإن ألعاب القوى الأميركية تراجعت.
 
تألق الإثيوبي الحافي القدمين أبيبي بيكيلا ففاز في الماراثون وأهدى أفريقيا لقبها الكبير الأول في سباق عريق لأم الألعاب.
 
وتألقت الأميركية ويلما رودولف "الغزالة السمراء" ففازت بثلاث ذهبيات في المسافات القصيرة. وتعرف الناس على وجه جديد في الملاكمة هو الأميركي كاسيوس كلاي (محمد علي لاحقاً).
 
تحت أنظار أوينز
ولم يسبق أن حقق الإيطاليون إنجازات فوق العادة في الدورات السابقة، لكنهم أرادوا أن يكونوا متألقين على أرضهم. هكذا تميّز العداء ليفيو بيروتي وحطم الرقم العالمي في سباق 200 م (20.5 ثانية)، رقم اعتبر وقتذاك إعجازياً. انه عداء "جيغولو" ينافس مرتدياً نظارة سوداء ويتفوّق على الأميركي ليستر كارني والفرنسي عبدولاي سيي.
 
والنجم الإيطالي الأخر، كان الملاكم نينو بينفينوتي الذي استقطب الأضواء على رغم أنها دورة "كاسيوس كلاي" وجسّد قصّة ابن مدينة تريستي الشجاع الذي فاز بذهبية وزن "67 كلغ"، في إطار سيطرته الأوروبية المطلقة التي استمرت عشرة أعوام.
 
ومن أبرز "الخائبين" في دورة روما البعثة الفرنسية الكبيرة (237 شخصاً) والتي لم تحصل إلا على فضيتين وثلاث برونزيات، ما جعل صحيفة فيغارو تنشر "كاريكاتوراً" تهكمياً يظهر الجنرال شارل ديغول غاضباً موجّهاً لومه إلى مسؤولي الرياضة، قائلا لهم "حتى في الرياضة علي أن أشمّر عن ساعدي وأنزل إلى الميدان".
 
والملاحظ أن السيطرة الأميركية على سباقات الجري وألعاب القوى عموماً اهتزت لكنها لم تتدحرج، وهذا ما أكده رالف بوسطن من خلال فوزه في الوثب الطويل 8.12 م، محطّماً رقماً "عجوزاً" لمواطنه جيسي أوينز وتحت أنظاره، صمد 24 عاماً، أي منذ دورة برلين 1936.
 
الغزالة رودولف
لكن المجد الأميركي اختصر بـ"الغزالة السمراء" ويلما رودولف ابنة الـ20 ربيعاً، ورسّخته في ذاكرة الأجيال من خلال فوزها بذهبيات 100 م (11 ث) وهو رقم عالمي جديد لم يعتمد نظراً لسرعة الرياح، و200 م (24 ث)، والتتابع 4 مرات 100 م (44.5).
 
ومن يصدّق أن رودولف كانت مصابة بالشلل في صغرها، وأمضت سبعة أعوام في العلاج، وهي أم لطفلة من غير زواج، وهذا ما أخفته عن وسائل الإعلام.
 
وتلفت رودولف أن الفرنسيين أطلقوا عليها لقب "الغزالة السمراء"، "فالأميركيون البيض كانوا ينادونني بالغزالة فقط حين تمثل الولايات المتحدة في الخارج. أما تسمية الغزالة الزنجية فناداني بها أميركيون كثر في الداخل لان التمييز العنصري كان قويا وسائداً وقتذاك".
 
وتتذكّر رودولف أنها تعثّرت خلال التدريب وسقطت أرضاً "فشاركت في السباقات وساقي مربوطة، كان سباق 100 م رائعاً، أسفت لعدم اعتماد الرقم عالمياً، ولا أزال متأثرة بسباق التتابع. تدرّبت من اجله مع العداءات الثلاث الأخريات طيلة خمسة أعوام كنا في جامعة واحدة، وجاء الفوز بمثابة مكافأة كبيرة".
 
والفرادة الأسترالية فعلت فعلها مجدداً في السباحة، إذ حصدت دون فرايز لقب 100 م حرة. وإضافة إلى تتويج ديفيت في سباق الرجال، فاز موري روز في 400 م وديفيد تهايل في 100 م ظهراً، و"الفتى الرائع" جون كونراد (18 عاما)، الذي عانى بدوره من الشلل في طفولته، في 1500 م.
 
وكان رقم كونراد ابن العائلة اللاجئة من ليتوانيا مثالياً في ذلك الحين (6:19.17 د)، وهو على غرار أقرانه لا يجد في ما يحققه غريباً "زاولنا التدريب لتمضية أوقات الفراغ، كنا نخرج من المدرسة عند الثالثة بعد الظهر، وكانت السباحة تسليتنا الوحيدة. كنت أقيم مع عائلتي في مخيم للاجئين يبعد 500 كلم عن الشاطئ، والطقس الحار هناك وملائم جداً للنزول في مياه حوض السباحة. وجد الأستراليون في هذه الرياضة ضالتهم الكبرى للتقدم والبروز عالمياً، أعدوا برنامج التدريب والتطوّر التنافسي منذ سن العاشرة، وهو أسلوب اتبعه الأميركيون لاحقا".
 
بدايات محمد علي
وفي الأمسية الأخيرة لنزالات الملاكمة، قطف الأميركيون ثلاث ذهبيات إذ فاز ويلبرت ماكلور في وزن 71 كلغ، وادوارد كروك (75 كلغ) وكاسيوس كلاي (81 كلغ)، إلا أن الأخير (18 عاماً) كانت له السطوة على الأضواء، وهو لفت الأنظار إليه منذ بدء الألعاب، إذ كان يختلط بالجميع يحادثهم ويقدم لهم "دبابيس تذكارية".
 
وفي غرفة تغيير الملابس لا يكف من المزاح والقفز وفق ما كان يعتمده على الحلقة، وتوّج "مسيرته" بإسقاطه في النهائي البولندي زبيغنييف بيترشيكوفسكي بطل أوروبا ثلاث مرات وثالث دورة ملبورن 1956. وهو عوّض في الجولة الثالثة الحاسمة تعثّره في الأوليين فمضى نحو الذهب من خلال لكماته اليمينية التي أسالت الدماء على وجه منافسه العسراوي المتفوّق، فخسر بالضربة القاضية، والاستسلام.
 
وكانت البداية المشرقة والنزاع مع المحيط والحكومة لفتى اتجه إلى الملاكمة صدفة وهو في الثالثة عشرة من عمره حين فوجئ بسرقة دراجته في حديقة لويفيل، وفي إطار بحثه عنها وتوجهه غاضبا لإبلاغ ضابط الشرطة في المنطقة، ولم يكن سوى المدرب جو مارتن الذي أرشده إلى "الفن النبيل".
 
والنهاية الأولمبية كانت بسباق الماراثون الذي أخترق في "العشية" في اليوم الأخير من الألعاب شوارع العاصمة الإيطالية. إنها فرصة لـ"السائح" الإثيوبي أبيبي بيكيلا ليكتشف روما القديمة ويحصد الانتصار ويحطم الرقم القياسي الذي حققه التشيكوسلوفاكي أميل زاتوبيك في دورة هلسنكي 1952 (2:23:03.2 ساعة).
 
خرج بيكيلا (28 عاماً) الجندي في الحرس الإمبراطوري الإثيوبي من بين الصفوف، واخترق الطليعة ليبلغ خط النهاية حافي القدمين، فالأحذية الرياضية لا تريحه، والجري من دونها أسهل، وسجل 2:15:16.2 ساعة مقابل 2:15:41.6 ساعة للمغربي عبد السلام الراضي.
 
وكان بيكيلا (58 كلغ، 1.76 م) نموذجاً لجيل من العدائين الأفارقة الذين طبعوا المسافات الطويلة بطابعهم الخاص، والحصاد المثمر لمدرّب اللياقة البدنية في كتيبة حرس الإمبراطور هايلي سيلاسي، السويدي المولود في هلسنكي أولي نيسكانن.

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium