"الإرهابيون الروس فعلوا ذلك. ... ووالدي روسي من بيلوغرود". هذا ما تقوله المواطنة الأوكرانية غالينا (63) وهي تسحب ممتلكاتها من تحت دمار شقتها التي قصفها الروس في خاركيف. وفي حديث لمجلة "نيولاينز" الأميركية، قالت غالينا إنها لم تغادر المدينة برفقة زوجها (أيضاً 63) لأن لا مكان آخر يلجآن إليه.
كانت خاركيف مدينة مؤيدة لروسيا قبل الحرب. ينطق الجميع هناك باللغة الروسية ولديهم أقرباء على الجانب الآخر من الحدود. تبخر التعاطف الآن وحل مكانه حقد مستعر.
ربما بشكل غير متوقع، يمكن سماع أكثر الإدانات حماسة لبوتين في الشرق الناطق بالروسية. بالإمكان سماع مواطنين في الغرب الأوكراني الأقرب إلى أوروبا يقولون إن الحكومة الروسية وحدها تتحمل مسؤولية ما يجري ويمتنعون عن تحميل المواطنين الروس وزر ذلك. لكن لا يمكن سماع ذلك في الشرق.
لقد زاد العداء تجاه روسيا بين سكان الشرق لسببين أساسيين: الأول أن الشرق الأوكراني (خصوصاً خاركيف وماريوبول) يتحمل وطأة الدمار العشوائي الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. العامل الثاني هو قرب المنطقة الجغرافي والثقافي من روسيا. بالنسبة إلى كثر، يعد ذلك خيانة عائلية.
تتحدث غالينا عن أنّ لأصدقائها أقارب في روسيا يقولون إن الدمار ناجم عن اقتتال أوكراني أو عن النازيين الجدد. ويضيفون أنّ الروس هنا "لتحريركم منهم". "حسناً" تقول غالينا، "كل ما فعلتموه لغاية الآن هو تحريرنا من مبانينا".
والدمار في خاركيف أكبر بكثير من ذاك الذي لحق بكييف. يتحدث السكان المحليون عن أن الروس ينتظرون غالباً إلى ما بعد انتهاء حظر التجول عند السادسة صباحاً حين يصطف المواطنون أمام المتاجر لشراء حاجياتهم. عندها، يطلقون نيران مدفعيتهم لإخضاع السكان.
بالرغم من كل الدمار، المزاج متفائل بشكل مدهش في خاركيف. "لقد اعتدنا على ذلك"، يقول سائق فريق مجلة "نيولاينز". ويتابع: "إذا مر أكثر من يومين من دون انفجار كبير، نفكر، ‘هذا غريب، ما الخطب؟!‘"
يفترض سكان المدينة أن الأسوأ قد مرّ. إذا فشل بوتين في تحقيق خروقات داخل المدينة بعد شهر، فما من سبب وجيه لتوقع أن يحقق ذلك قريباً بحسب رأيهم. لكن القلق لا يزال واضحاً.
تقول روكوسلانا أوليارشوك (31) من المعهد الأوكراني للترويج للثقافة الأوكرانية في الخارج إن روسيا بحاجة لإعادة تأهيل بحيث تهدم فكرة الإمبراطورية الروسية التي يتعلمها كل طفل والتي تترافق مع فكرة أن الروس أعلى شأناً من الآخرين وبالتالي يحق لهم فرض إرادتهم على غيرهم. تشبّه الباحثة ذلك بما مرت به ألمانيا بعد سقوط النازية.
لكنّ أهداف غالينا أبسط: "كل ما نريده هو على الأقل رؤية حفيدتنا تنمو. بالتالي يمكنها أن تكبر بسلام من دون أن تضطر لرؤية هذا الرعب".