تقع قناطر زبيدة في الجنوب الشرقي من بلدة الحازمية وتربط بين تلال المكلس من جهة وتلال الفياضية من جهة أخرى. تتميز المنطقة بطبيعتها الخلابة ومناظرها المميزة فيقصدها هواة المشي في الطبيعة للسير على جانب النهر الذي يربط الحازمية بمنطقة المنصورية.
يبلغ طول القناطر حوالى 240 متراً وارتفاعها فوق مستوى مجرى نهر بيروت حوالى 44 متراً. وهي مؤلفة من ثلاثة مستويات من القناطر التي تمتد من الأعلى إلى الأسفل بشكل متناسق، وتمتد قناه جرّ المياه على قناطرها العليا.
بنيت هذه القناطر في الفترة الرومانية بالحجر الكلسي تعلوها أقواس سريرية نصف دائرية. كانت مخصصة لجر المياه إلى مدينة بيروت التي كان يطلق عليها سابقاً لقب مدينة الآبار، لكثرة انتشار آبار جمع مياه الأمطار فيها.
وبعد التوسع العمراني الضخم الذي شهدته بيروت خلال الفترة الرومانية، كان لا بد من البحث عن مصدر جديد للمياه لتأمين حاجة المدينة، وتغذية حمّاماتها وسبل المياه العمائرية المنتشرة فيها.
فقام الرومان بجر المياه اللازمة لهذه الأغراض من أحد الينابيع التي تغذي نهر بيروت، واعتمدوا في ذلك أسلوب جر المياه من خلال إنشاء قناة مبنية مقببة أحياناً أو محفورة في الصخر أحياناً أخرى.
لذلك انطلقت هذه القنوات من ينابيع الديشونية الواقعة على بعد حوالى 20 كم إلى الجنوب الشرقي من بيروت.
وكانت هذه القناة مزودة بعدد من التجهيزات التي تصلح لمراقبة مجراها وتنظيفه من جهة، وكذلك جُهزت ببرك لتركيد المياه ومساعدتها على التخلص من الاتربة والحجارة التي كانت تندفع معها من جهة أخرى.
ولأن النبع الرئيسي الذي تنبع منه المياه يقع على الجانب الأيمن من النهر، كان من الضروري نقلها إلى الجانب الأيسر تسهيلاً لإيصالها إلى مدينة بيروت، عمد مهندسو القناة إلى إنشاء قناة معلّقة تعبر النهر، وهي المعروفة اليوم باسم "قناطر زبيدة".
أما بالنسبة لمجرى قناة المياه باتجاه بيروت، فلم يتم الكشف عنه بعد. وهو موضع جدل بين الباحثين وعلماء الآثار بسبب طبيعة مدينة بيروت الجيولوجية، ووجود عائق صخري يتمثل بوجود تلة الاشرفية فيها. فتم اقتراح مسارين مختلفين لهذه القناة:
الأول يتمثل بعبور القناة من الحازمية باتجاه فرن الشباك وسلوك سفح التلة الشرقي الذي يحاذي مجرى النهر ثم انكساره غرباً باتجاه بيروت، فيما يتمثل الثاني بتفادي منطقة الاشرفية وعبور طريق الشام ورأس النبع فبيروت، أي بشكل مستقيم من الجنوب إلى الشمال، خصوصاً وأنه من المعروف أن المهندسين الرومان كانوا يتفادون عادة الاتجاهات المتعرجة.
تصوير مارك فياض
ويبدو من خلال حجارة البناء وتصميمه أنه جرى ترميم بعض أجزائه في العصر البيزنطي. ولم يبق من القناطر اليوم سوى المستويين السفليين. أما القسم الوسطي من القناطر والذي يعلو مجرى النهر مباشرة فلقد تهدم بشكل كامل، ولم يبق منه إلا بعض دعائمه.
نشير إلى وجود قناطر أخرى رومانية تحمل الاسم نفسه فوق نهر إبراهيم في منطقة جبيل.