السبت - 07 أيلول 2024
close menu

إعلان

تحذيرات السفارات التي خوّفت الناس... خرقٌ للسيادة؟

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
تحذيرات السفارات التي خوّفت الناس... خرقٌ للسيادة؟
تحذيرات السفارات التي خوّفت الناس... خرقٌ للسيادة؟
A+ A-

تحذيرات استخباراتية من عمليات ارهابية تنتظر الشارع اللبناني بدأت مع تحذير السفارة الاميركية لرعاياها بُث عبر البريد الإلكتروني للسفارة موجهاً إلى الرعايا. تبعته تحذيرات السفارة الكندية بتجنّب زيارة كازينو لبنان ومحيطه يوم 14 أيلول، والسفارة البريطانية التي طالبت بتجنّب التجمعات والمقاهي والفنادق والمرافق التي يرتادها الاجانب بشكل دائم. الختام كان مع السفارة الفرنسية عندما دعت رعاياها الى اتخاذ أقصى درجات اليقظة، وقالت: "نظرًا لارتفاع مخاطر الهجمات على الأماكن العامة، ينبغي الحذر خاصة في الساعات الـ48 المقبلة". 

تحذيرات من السفارات الاربع بأقل من 48 ساعة كانت كفيلة بتعكير الجو العام للشارع اللبناني، وخلق حالة من الخوف لدى المواطنين فانتشرت عشرات التسجيلات الصوتية تدعو الى تجنب الاماكن العامة والبقاء اما في القرى او في المنزل، بينما المشترك بين معظم التسجيلات اختتامها بعبارة "ابعتيها لكل لي بتحبيهن التهديد مش مزح". تلك التحذيرات بالاضافة الى التسجيلات كانت حوّلت التهديد الامني الى الحدث الأول في لبنان.

عشرات الأسئلة تطرح عند كل تحذير من قبل احدى السفارات لرعاياها حول مصدر معلوماتها وهل من الطبيعي ان تصدر سفارة تحذيراً لمواطنيها بينما الدولة اللبنانية تعلم بالتصريح كأي مواطن عادي، او ان هناك تنسيقاً بين السفارة والسلطات الامنية اللبنانية؟ وهل اخذت بعين الاعتبار حالة البلبلة التي يخلقها كل تحذير امني من احتمال وقوع هجوم ارهابي محتمل، فبيان واحد من قبل الولايات المتحدة الاميركية كان كفيلاً بالاستنفار العام، فكيف الأمر بأربع سفارات تابعة لدول كبرى في اقل من 48 ساعة؟

سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة اعتبر ان "كل سفارة لها طريقتها باعلام مواطنيها حول الخطر المحتمل ومدى جديته، فاما يتم الامر عبر رسائل نصية واما بيان او عبر موقعها الالكتروني او عبر الوسائل المذكورة مجتمعةً، مؤكداً بأن الاعلان عن الخطر المحتمل ضروري جداً فلو حدث اي خرق امني في مكان كان للسفارة علماً مسبقاً به ولم تصدر اي تحذير فهذا يعتبر تقصيراً وتحاسب عليه.

طبارة اعتبر في حديثه لـ"النهار" بأن التنسيق بين السفارات والاجهزة الأمنية اللبنانية ضروري، لتبادل المعلومات حول المخاطر في المكان المحتمل استهدافه، رافضاً في الوقت نفسه الحديث عن خرق للسيادة، فـ"ما حصل هو امر طبيعي يحصل ما بين السفارة ومواطنيها، ولبنان معتاد على عشرات التحذيرات السابقة".

بينما اعتبر سفير لبنان السابق في واشنطن عبد الله ابو حبيب، بأن "الأجهزة الأمنية يفترضُ بها أن تكون الجهة التي تصدر التحذيرات ولا يمكن لسفارة أن تعطي تحذيرات امنية من دون ان يكون هناك فعلاً خطر امني حقيقي ولكن ما حصل وبالطريقة المتبعة من قبل السفارات يعتبر خرقا للسيادة اللبنانية، مؤكداً بأن "الاجهزة الامنية العالمية تتعامل فيما بينها وتنسق لمحاربة اي خطر محتمل".

حالة الهلع التي خلفتها تحذيرات السفارات دفعت بوزارة الخارجية والمغتربين الى اصدار بيانا رأت فيه أنه "على هذه البعثات ان تأخذ في الاعتبار الهلع الذي تسببه هذه البيانات على جميع المقيمين، لبنانيين وأجانب". ورأت أن بيانات مماثلة "يجب أن تندرج ضمن التنسيق، القائم أصلاً، مع وزارة الخارجية والمغتربين وأجهزة الدولة الأمنية، خصوصاً أن الأخيرة قامت ولا تزال بالتعامل مع التحذيرات والتهديدات الإرهابية وفق سياسة ردعية مبنية على تنسيق أمني فعال مع الدول الصديقة، معتمدة العمل الاستباقي الذي أدى إلى إحباط عدد كبير من المخططات الإرهابية من خلال تفكيك هذه الخلايا وتوقيف أعضائها ".

التحذيرات المتداولة والاعتداءات التي ضربت لندن وباريس اعتبرها العميد المتقاعد خليل الحلو مرتبطة ببعضها البعض، فهي نتيجة للضربات الموجهة لتنظيم داعش، ذلك ان محافظة الرقة بدأت تسقط من يد التنظيم، بينما محافظة دير الزور وقع قسم منها بيد "قوات سوريا الديمقراطية"، بينما القسم الآخر أصبح بيد النظام السوري، كذلك فان خسائر التنظيم في العراق دفعت به للبحث عن اماكن خارج ارض المعركة لضربها كردة فعل على الخسائر المتلاحقة به".

واعتبر الحلو ان الجو العام في لبنان بعد أي تحذير يخلق جوّاً من البلبلة والرعب لدى المواطنين، رغم ان الشعب اللبناني معتاد على أجواء الحرب ويتوجب عليه الهدوء اكثر وأخذ الحيطة والحذر، فلا يمكن ان تبلغ كل تلك السفارات رعاياها دون وجود خطر فعلي وان كان بمستوى غير مرتفع، على السفارات تقديم التحذيرات الأمنية فالامر واجب اخلاقي وهي في نهاية الامر المسؤولة عن مواطنيها خارج البلاد".

وحول تبادل المعلومات في ما بين السفارات والاجهزة الامنية اللبنانية، اكد الحلو ان " لبنان جزء من التحالف الدولي لمحاربة داعش وهناك تبادل معلومات مستمر بين اجهزة المخابرات لكشف الخلايا الارهابية وهو ما حدث مع توقيف العديد من الخلايا الارهابية نتيجة معلومات استخباراتية اجنبية بالاستناد الى مصادر من داخل التنظيم نفسه". ورأى أن "قدرة التنظيم على الضرب خارج البلاد اصبحت اقل خطورة من السنوات الماضية فتفجير لندن بدائي الصنع وهجوم فرنسا اعتمد على فرد يحمل سلاحاً ابيض".

ويعتقد الحلو ان "الاجهزة الامنية اللبنانية حاضرة بشكل قوي على الساحة المحلية وبات مشهوداً لها قدراتها العالية على توقيف العديد من الشبكات الارهابية".

 وكان المكتب الاعلامي لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أفاد "بأنّ بعض السفارات الغربية في لبنان حذّرت رعاياها من ارتياد عدد من الأماكن العامة أو المكتظّة تحسّباً لعملية إرهابية "، موضحاً أنّ "هذه التحذيرات مبنية على معلومات من أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وتقوم الأجهزة الأمنية اللبنانية بمتابعتها للتحرّي عن صحّتها ودقّتها. وبالتالي فإنّه لا داعي للخوف وتضخيم الخبر وإعطائه أبعاداً أكبر من حجمه".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم