النهار

"ثلاثة ملفّات ساخنة"... السيسي في إريتريا لمواجهة "تهديدات" إقليميّة وقوميّة
القاهرة - ياسر خليل
المصدر: النهار
عززت مصر تواجدها في منطقة القرن الأفريقي بصورة لافتة خلال الأشهر الأخيرة، بعد رصدها تحرّكات وتطوّرات عدّة ترى فيها تهديداً للأمن الإقليمي والقومي، ومن أبرز تلك التهديدات توقيع أديس أبابا على اتفاق غير قانوني مع إقليم أرض الصومال الانفصالي يسمح للدولة "الحبيسة" بالحصول على ميناء يطلّ على الممرّ الملاحي، ما يعتبره محلّلون مصريون تهديداً لحركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.
"ثلاثة ملفّات ساخنة"... السيسي في إريتريا لمواجهة "تهديدات" إقليميّة وقوميّة
السيسي وأفورقي خلال زيارة الأخير للقاهرة عام 2020
A+   A-

توجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، إلى أسمرة، تلبية لدعوة من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي. وتأتي هذه الزيارة بعد أقل من شهر من زيارة قام بها رئيس الاستخبارات العامة المصرية الوزير عباس كامل، ووزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، نقلا خلالها رسالة من الرئيس المصري إلى نظيره الإريتري.

 

وبحسب بيان أصدرته رئاسة الجمهورية المصرية، قبيل الزيارة، فإنّ اللقاء بين السيسي وأفورقي "سيتناول بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية، وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، على النحو الذي يدعم عملية التنمية، ويحقّق مصالح شعوب المنطقة".

 

وعززت مصر تواجدها في منطقة القرن الأفريقي بصورة لافتة خلال الأشهر الأخيرة، بعد رصدها تحرّكات وتطوّرات عدّة ترى فيها تهديداً للأمن الإقليمي والقومي، ومن أبرز تلك التهديدات توقيع أديس أبابا على اتفاق غير قانوني مع إقليم أرض الصومال الانفصالي يسمح للدولة "الحبيسة" بالحصول على ميناء يطلّ على الممرّ الملاحي، ما يعتبره محلّلون مصريون تهديداً لحركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.

 

وثمّة تقارير تتكهّن بعقد اتفاق عسكري بين مصر وإريتريا على غرار الاتفاق الذي وقّعته القاهرة مع الصومال، أخيراً، أو على أقل تقدير تعاون استخباراتي بين البلدين.

 

ملفّات حسّاسة

وترى مستشارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية والخبيرة في الشؤون الأفريقية الدكتورة أماني الطويل أنّ "زيارة الرئيس المصري، هي تحرّك متوقّع في ضوء ما سبقه من تفاعلات بين القاهرة وأسمرة ومقدشيو، إضافة إلى السياسات الإثيوبية التي ترى فيها مصر مهدّدة لوحدة الأراضي الصومالية، وللأمن الإقليمي والملاحي".

 

وتضيف الخبيرة خلال حديثها لـ"النهار": "ثمّة سياق آخر مهم، وهو تداعيات الأزمة السودانية على أمن القرن الأفريقي، وهذا ذو صلة عضوية بالأمن القومي المصري".

 

وتشير إلى أنّ "هذين ملفّان كبيران، يضاف إليهما ملفّ ثالث، وهو تصاعد الإرهاب، فهناك معلومات عن تنسيق بين حركة شباب المجاهدين في الصومال وخلايا إرهابية في السودان".

 

توقيت مهمّ

ويعتقد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية في القاهرة محمّد حامد أنّ "الزيارة تأتي في توقيت حساس في ظلّ التصعيد في القرن الأفريقي، من خلال تحرّكات القوات الإثيوبية على الحدود مع الصومال، وطرد الإقليم الانفصالي موظفين بالمكتبة المصرية لديهم، ما يُعدّ تصعيداً ضدّ القاهرة".

 

ويقول حامد لـ"النهار" إنّ "الزيارة تؤكّد أنّ الدور المصري صلب، ومتصاعد، ولن يتوقّف، بل يزداد قوة وقدرة على ردع إثيوبيا، خصوصاً بعد كلمة مصر الأخيرة في الأمم المتحدة، التي كانت قوية، وفارقة، وأسهبت في الحديث عن أزمة سدّ النهضة، والدور الإثيوبي المتعنّت خلال المفاوضات".

 

تقارب وتوافق

من جانبه، يرى الصحافي الإريتري المتخصّص في الشؤون الأفريقية محمود أبو بكر أنّ زيارة السيسي إلى أسمرة تعكس تطوّرا كبيرا في العلاقات بين الدولتين.

 

ويقول أبو بكر لـ"النهار": "هذه تُعدّ أول زيارة دولة يقوم بها رئيس مصري إلى إريتريا منذ استقلالها عام 1993، إذا استثنينا زيارة قصيرة، استمرّت لساعات، قام بها الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك لتهنئة الإرتريين باستقلالهم".

 

ويعتبر كذلك أنّ زيارة السيسي "مؤشّر على التطوّر في مستوى التنسيق بين الدولتين، خصوصاً في ما يتعلّق بالتوترات الحاصلة في المنطقة وحوض البحر الأحمر"، لافتاً إلى أنّ "المواقف اتّضحت في عدد من الملفّات، ومنها رفض القاهرة وأسمرة لأيّ اتفاق يمسّ بالسواحل الصومالية".

 

ويشير الصحافي الإريتري إلى أنّ الزيارة تتزامن مع زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لأسمرة، ويقول: "هذا يوضح أنّ الزيارة ترتبط بالشواغل التي تهمّ الدول الثلاث في القرن الأفريقي".

 

ولفت أبو بكر إلى أنّ القاهرة وأسمرة يشعران بأنّ ثمّة توجّه (إثيوبي) مضادّ لهما، سواء من خلال محاولة أديس أبابا الاستيلاء على موانئ على البحر الأحمر عبر توقيعها اتفاقاً مع إقليم غير معترف به دولياً، أو من خلال سدّ النهضة الذي يعرّض الأمن المائيّ المصريّ للخطر.

اقرأ في النهار Premium