لا يزال عشرات المستثمرين يوجّهون رؤوس أموالهم التي تبلغ مليارات الليرات السورية (مئات آلاف الدولارات)، لافتتاح مولاتٍ متفاوتة الأحجام والأقسام والخدمات في مناطق متعددة ضمن الداخل السوري رغم الواقع الاقتصادي الطاحن.
الواقع الذي أفضى الى انهيار قيمة الليرة السورية لنحو 300 ضعفٍ أمام الدولار الأميركي في السنوات الأربع الفائتة فقط، تحديداً منذ إقرار حزمة عقوبات "قيصر" الأميركية وما رافقها وسبقها من عقوبات غربية بلغت في مجملها نحو 2500 عقوبة دولية على سوريا.
وقد زارت "النهار" أكثر من مولٍ ومجمعٍ تجاري في مواقيت مختلفة من ساعات الليل والنهار، وبين أيام الدوام والعطل الأسبوعية، لتجد معظمها فارغاً من أي زبون يذكر، أو تجمهرٍ يمكن الحديث عنه في طوابير الشراء والحساب.
انطلاقاً من ذلك الواقع يمكن إطلاق السؤال التالي: "هل تعتبر تلك آخر محاولات النجاة الاقتصادية الفردية داخل البلد في مواجهة رفض الهجرة أم أنّها، أو بعضها على الأقل، ليست إلّا مشاريع تبييض أموال كلفت مبالغ مهولة من دون أن يأبه أصحابها لحجم مبيعاتهم وأرباحهم؟".
احتيالات متكررة
في هذا السياق، لم يعد خافياً أنّ واحداً من أولئك المستثمرين المعروفين في مدينة حمص جمع منذ سنوات عشرات مليارات الليرات من الناس لتشغيلهم، وكان يعطيهم أرباحاً شهرية مجزية قبل أن يهرب من البلد برفقة كل تلك الأموال في أيلول (سبتمبر) الماضي، في حين تولى الأمن الجنائي مهمة التحقيق في ما حصل، مع اتخاذ إجراءات بالحجز الاحتياطي على أصول أمواله المتبقية ووضع الشمع الأحمر على منشأته الأساسية وسط المدينة.
ولم يكن من الصعوبة الوصول إلى ضحايا ذلك المستثمر الهارب، قاسم هو اسم مستعارٍ لشاب كان أودع لدى ذلك الشخص مبلغ مليار ونصف مليار ليرة سورية (مئة ألف دولار أميركي)، وكان يحصل على مبالغ مجزية ومرضية كل شهر.
يقول قاسم: "على مدار ثلاث سنوات، كنت اتلقى أرباحي في بداية كل شهرٍ دونما تأخير، وتربطنا بصاحب الاستثمار ذلك (المول) علاقات جيرةٍ ومعرفةٍ قديمة، لم يكن موضع شك في أيّ لحظة، وكان يحظى بثقة الجميع عموماً، وثقة بوضع المال لديه خصوصاً. ولأنّ القانون يجرّم تشغيل الأموال بهذه الطريقة، كان الاتفاق معه على أن يكتب لنا سندات أمانة بقيمة المبلغ. ولكن ماذا ستفيد هذه الإيصالات وقد صار في الخارج وضاع جنى العمر ؟".
فوائد مغرية
شوكت صبّاغ شخص ضحية أخرى لاحتيال المستثمر نفسه، روى لـ"النهار" أنّ ما من لحظة ساورته الشكوك حياله نظراً الى سمعته الطيبة بين الناس، وموثوقيته العالية، وكثر من وضعوا أموالاً لديه ولم يتأخر لحظة في تسديد أرباحها.
ويضيف: "بالطبع كانت هناك إشارات استفهام، فهو يملك مولاً من الواضح أنّه خاسر ولا يوجد فيه زبائن ولا حركة مبيع. ونحن لا نعرف عنه شيئاً سوى إدارته لهذا المكان، ولكن لأنّ النفس البشرية ضعيفة، وترضخ أمام المغريات، إذ كان يعطينا أحياناً عشرة في المئة من قيمة المبلغ، أي آلاف الدولارات شهرياً، فوقعت أنا وعشرات غيري في فخّه المدروس، والذي استمر سنوات ليبني في خلاله جسراً متيناً من الثقة بيننا وبينه، وفي النهاية فرّ ومعه عشرات المليارات".
نموذج سرقة الأموال بهذا الشكل حصل في حمص ذاتها قبل أقل من عام بالأسلوب والشكل والكيفية نفسها، وقبلها بقليل في السويداء، وفي دمشق مراراً. ولكنّ ما قاله صبّاغ عن الرضوخ أمام المغريات والسعي نحو الكسب السريع والسهل هو ما يدفع الناس دائماً الى المخاطرة. أرباحٌ سريعة، سندات أمانة، رصيد يرتفع في البنوك، وأصحاب المال لا يتعبون، ثم يجدون أنفسهم ضحية احتيال ممنهج، وقع آلاف قبلهم فيه، غير أنّه سيستمر، وغداً سيظهر مستثمرٌ جديد، وسيضع الناس أموالهم معه، وستستمر هذه الدائرة دونما توقف.
في حيثيات القضية
"النهار " تحدّثت مع المحامي همام إبراهيم المطّلع على حيثيات القضية فأوضح وجهة النظر القانونية العامة والخاصة فيها، بقوله: "الآن يقع على المستثمر الهارب الجرم المسمى (جمع أموال من الجمهور) وتقدّر عقوبة السجن هنا، وفقاً للقاضي الناظر في القضية ومعطياتها ضمن الحدّ الأدنى والأعلى قانونياً بحسب ما جاء في القانون السوري، مع إلزامه تسديد المبالغ وتعويضاتها، والإبقاء على إمكان الحق الشخصي للمتضررين في الاستمرار في إبقاء الحجز الاحتياطي على ممتلكاته أو ما سيتملكه في خلال 15 عاماً بغية تحصيل المستحقات الممكنة، مع النظر الى أنّ رقماً يفوق مليار ليرة سورية (70 ألف دولار) ينظر إليه على أنّه يشكل خطراً على الأمن الاقتصادي. وبحسب ما بلغني من معلومات فإنّ المستثمر الهارب قد تمكن من الهروب بأكثر من مئة مليار".
ويضيف: "المسؤولية القانونية هنا لا تقع على الجاني فحسب، إنما أيضاً على الضحية، ويجري ذلك عبر أقواله في خلال الادعاء القانوني. ويشرح ذلك على النحو الآتي: "إذا قال المجني عليه على سبيل المثال أنّه منح المستثمر مبلغ مليون في مقابل عائد شهري مئة ألف، فتصبح القضية هنا رباً ويحاسب عليها القانون. لذا فإنّ الضحايا في هذه الحالة يقولون إنّهم أودعوا أموالهم لدى المستثمر بغية تشغيلها في التجارة في مقابل فائدة غير محدّدة".
جرائم متشابكة
وفي حين يتحدث القانون السوري صراحةً عن جريمة جمع الأموال، فإنّه يشير في المادة الخامسة منه الى أنّه يعاقب كل من جمع أموالاً خلافاً لأحكام القانون المالي، وكذلك كل من لم يتقيد بحكم المادة الثانية أو المادة الرابعة الناظمة للتعامل المالي بالاعتقال الموقت وبغرامة تعادل مثلي ما تقاضاه من الجمهور فضلاً عن ردّ الأموال التي جمعها كاملة الى أصحابها.
وذكرت مصادر خاصة لـ"النهار" أنّ المستثمر الهارب لم يكن يتقاضى أموالاً بالليرة السورية فحسب، إنما أيضاً بالدولار. وتلك جريمة أخرى في قانون العقوبات السوريّ الذي يجرّم التعامل بغير الليرة السورية، ويودي بالمتعامل الى السجن بما لا يقلّ عن سبع سنوات، وأحد تلك المبالغ التي تلقاها المستثمر كان 500 ألف دولار، عدا الذهبٍ وخلافه.
شيئان لا يخسران
بمعزلٍ عن عمليات النصب والاحتيال والربا وهروب مشغّلي الأموال، يظلّ السؤال المشروع حول تلك المشاريع الكبرى (النظيفة) في ظلّ المعضلة الاقتصادية الطاحنة والمستمرة منذ سنواتٍ طوال في سوريا.
كارم السيّد صاحب أحد المولات في دمشق، افتتح مشروعه قبل نحو عامين ونصف عام، وكان يتوقع أن تتغير حياته بعد أن وضع جلّ ما يملكه في هذا الاستثمار. يقول لـ"النهار": "علّمتنا الحرب أنّ شيئين لا يخسران مهما ساءت الظروف، هما الطعام والشراب. ويبدو أنّ ذلك كانت حقيقةً في سنوات الحرب الأولى. أما ما حصل في السنوات اللاحقة، فكان معاكساً تماماً، وهذا خطأ إستراتيجي أعترف به. أنا الآن لا أكسب، وفي الوقت ذاته ليس هناك من يشتري مني، لأبحث لنفسي عن فرصةٍ جديدة وغالباً ما ستكون خارج البلد".
ويتابع: "بدايةً لنتفق على أنّ غالبية الشريحة المنتجة في سوريا هي من الموظفين، وهؤلاء دخلهم لا يتخطى 20 دولاراً شهرياً. أنا أعرف أنّهم إن زاروا القسم الغذائي في المول بغية تبضع حاجات الشهر، فإنّهم سيدفعون أضعاف رواتبهم، في يومٍ واحد. أنا هنا الآن وأرى ما يحصل وأقدّره، صحيح أنّ الطعام والشراب لا يخسران، ولكن هل مع الناس أموال لقاء ذلك فعلاً؟".
من مولٍ إلى "سوبر ماركت"
كذلك يملك رباح سعيّد وأخيه مولاً في ريف دمشق. ويبيّن لـ"النهار" أنّه تحوّل شيئاً فشيئاً الى "سوبر ماركت"، إذ يدخل المشتري ليحصل على عبوة شامبو، سائل جلي، كيس رز، الخ... ويقول: "نشتهي أن تعود تلك الأيام التي نرى فيها الناس يملأون عربات الدفع بالبضائع".
ويضيف: "الناس صاروا يشترون لدينا بالمفرق لأننا أرخص بطبيعة الحال من المحلات العادية. ولكن نحن ببساطة في حاجة الى جحافل من المشترين فقط لنغطي أجور الطاقة الشمسية على الأقل، أو أجور العاملين".
ويروي أنّه في الأسبوع الماضي كان يحادث المحاسب لديه، تزامناً مع دخول طفلٍ يسأل إن كانوا يبيعون أوقية برغل أصفر. ويصف ما حدث بما هو بُعد صادم قائلاً: "ملياراتٌ من أجل أن نبيع أوقية برغل؟ نحن نتحمّل مسؤولية هذه المغامرة الحمقاء، ويتحمّلها معنا الأصدقاء الذين أقنعونا بفكرة أنّ الناس سيستغنون عن كل شيء، لكنّهم سيظلّون يأكلون ويشربون والنتيجة ماذا؟ رفوف مليئة بكل شيء، ولا مشترين، بضائع كثيرة انتهت صلاحيتها، والآن عرض علينا تاجرٌ شراء المول بربع القيمة التي دفعناها لافتتاحه. اعتقد أننا سنبيع قريباً ونقبل هذه الخسارة المهينة".
في انتظار الخواجة
مصطفى الجسري متورط أيضاً – على ما يصف - في افتتاح مولٍ نموذجي وعصري في مدينة حمص حديثاً، دعّم منشأته بالمطاعم وأقسام الغذائيات ولوازم تجميل السيدات وملحقاتها ومحلات الألبسة، وذهب أبعد من ذلك ليفتتح أقساماً للزهور وزينة السيارات.
حاول مصطفى أن يصنع من ذلك المكان بيئةً متكاملةً يمكن داخلها العثور على كلّ شيء، وكان يحمل كمّا من التفاؤل غير المسبوق. بيدَ أنّ المفارقة في حالته أنّه عاد من الخارج بعد رحلة اغتراب ليستثمر في بلده، بعكسَ من يسعى الآن الى أن يبيع كل شيء ويسافر.
لم يكن يتوقع رغم كل ما صرفه على الإعلانات أن يحظى بأرباحٍ في الشهر الأول. لكنّ الحال استمر ت في الشهر الثاني والثالث والرابع وما تلاها، أدرك أنّه ثمّة شيئاً خاطئاً رغم أنّ الموقع ممتاز والتجهيز كذلك.
يخبر "النهار" أنّ مكانه الجميل ذلك لا ينقصه شيء سوى المشترين، وأنّه في ساعات يدخل المول فيجد أناساً، لكنّ غالبيتهم تشاهد المكان والملابس من الواجهات ولا تشتري، باستثناء الزبون (الخواجة) كما يعبّر عنه، والذي قليلاً ما يجيء".
"حقّقت ما أريد وما يريده الناس"
"عرفت الحقيقة سريعاً، لم يستغرق الأمر معي أكثر من بضعة أشهر، حوّلت مولي بأكمله إلى سوبر ماركت يبيع بأسعار جملة الجملة. وفجأة صار المول مقصداً للناس الذي يبحثون عن التوفير أيّاً يكن"، يقول مريد السقّا، وهو صاحب مولٍ آخر في حمص، حوّله على ما يقول من مولٍ منافس إلى مولٍ مغرق في الشعبية.
ويضيف: "وضعت محلاتٍ لأديداس وزارا وديادورا وبوما وغيرها، ولم يشترِ أحدٌ قطعةً إلا ما ندر. وجئت بأحسن الغذائيات وأغلاها ولم يشترِ أحد، هل أغلق؟ لا قطعاً، هذا مشروع عمري، رميت كل البضائع وجئت ببضائع من النخب ما بعد العاشر والتي توائم الطبقة المسحوقة تماماً، إن كانت تباع فرشاة الأسنان بدولار في المولات الأخرى، أنا جئت بنوعية ثمنها أقل من ربع دولار، فصار المول محجّاً للفقراء. رضيت بالربح القليل، ولكنّ كثرة القليل تجمع، فحقّقت ما أريد، وما يريده الناس".
بيئة استثمارية محطّمة
يرى الأكاديمي في العلوم الاقتصادية جواد الدربي أنّ ما تمر به سوريا في مرحلتها الحرجة هذه يمنح نبوءات مستقبلية كانت كفيلةً لو قرأها هؤلاء الأشخاص جيداً ألّا يقدموا على مغامرات "مجنونة" في الاستثمار الكبير، فمن يقرأ الاقتصاد اليوم يعلم أنّ "البسطة" خاسرة، فكيف بمولٍ ضخم يكلف ملياراتٍ؟".
يقول: "الآن هناك جملة من المشاكل المركّبة ويجب تفكيكها واحدةً واحدة، وتفكيك كلّ واحدة سيتطلب وقتاً وجهوداً مضاعفة، ولا أحد الآن يملك رفاهية الوقت لإتمام كلّ ذلك سريعاً. من المعروف والواضح أنّ الاستثمارات في سوريا لا تحظى بأيّ امتيازات أو تسهيلات تذكر، بل بالعكس يحاصرها التموين والضرائب والاستعلام المالي وبقية الجهات المعنية، ليجد أشخاصٌ كثر في النهاية أنفسهم خاسرين رغم أرباحهم".
التكليف المالي المرهق: الاستنزاف الداخلي
ويضيف: "هناك مطاعم وجبات سريعة يجري تكليفها ضريبياً بعشرة آلاف دولار، وليس خفيّاً أنّ مطعماً صغيراً للوجبات الجاهزة ولا أريد تسميته، جرى تكليفه ضريبياً بنحو 60 ألف دولار عن عامي 2022 و2023، مما دفع صاحبه الى إغلاقه والهجرة وفتح مطعمٍ آخر في العراق، وحصلَ الأمر مع مطعمٍ آخر هاجر صاحبه إلى مصر، بدايةً علينا أن ننظر في التكليف المالي المرهق. هل حقاً يمكن أن يكون مطعمٌ صغير قد ربح في عامين 60 ألف دولار بعد أجور العمال والمستهلكات اليومية؟ قطعاً هذا مستحيل".
بحسب الاقتصادي نفسه، فإنّ المشكلة الأكثر تركيباً وتعقيداً هي الدخل السوري الشهري أساساً. فإذا كان دخل الموظف يساوي ثمن غالون بنزين فقط، فماذا سيفعل لبقية الشهر؟ اليوم تحتاج الأسرة السورية، إن كانت مكوّنةً من خمسة أفراد، الى مبلغ يراوح بين 800 و1000 دولار لتحظى بمعيشة كريمة، تشمل الطعام الاعتيادي والمواصلات والوقود والتدفئة والطبابة وخلافها.
معضلة مرور الشهر
ويسأل: "هل علينا أن نختبئ خلف أصبعنا أكثر من هذا بكثير؟ إذا دخلت الى مولٍ لشراء الحاجات الشهرية الأولية والبسيطة، فسأدفع ضعف راتبي. فماذا سأفعل بـ 29 يوماً متبقية من الشهر؟ هذا هو الأمر الذي يعتقد أصحاب المولات أنّه فشل في الإدارة أو الاستثمار، بينما الحقيقة أنّهم لن يبيعوا طوال الشهر لأنّ الناس لا تملك النقود لتشتري ببساطة".
وفي هذا الإطار، يدعو السلطات السورية الى تقديم تسهيلات بالجملة الى رؤوس الأموال السورية في الخارج وكذلك العربية لتشجيعها على الاستثمار في القطاعات المختلفة. وعلى رأس تلك القطّاعات إعادة الإعمار، التي ستحرّك مظهر البلاد ودورة رأس المال فيها بشكل جذري، وأن تتوقف عن دفع مصالح عديدة الى الإغلاق تحت وطأة الضرائب غير المنطقية، كما يحصل لدى الاستيلاء على جزء كبير من أرباح المقاهي مثلاً.
سوريا تحتاج الإرادة
بدوره يبيّن التاجر ياسر إكريم، عضو غرفة تجارة دمشق والفاعل في الشأن الاقتصادي، في حديثٍ خاص الى "النهار" أنّه يعتبر الواقع الاقتصادي "سيئاً عموماً، ونحن دائماً في حاجة الى أسباب النهوض، ونريد ذلك بشدّة. وأعتقد أننا في مكان ما نمتلك هذه الأسباب، ولطالما واجه بلدنا عثراتٍ ومشاكل عبر تاريخه الطويل، وجاءت هذه الحرب أيضاً".
يعتقد إكريم أنّ أول أسباب النهوض التي يحتاجها السوريون هي الإرادة، وإن كان الحديث خصوصاً عن المولات، فهي تنتظر الانفراج، لأنّ هذ الوضع يستحيل أن يستمر، والانفراج المنتظر يجب أن يكون أولاً عبر تدعيم الاستثمارات الداخلية، وحين استقرارها، يبدأ الحديث عن الاستثمارات الخارجية".
وعن سبل ربح الاستثمارات الداخلية، وعلى رأسها المولات، يوضح "أنّ ذلك لا يمكن أن يتحقّق من دون وجود قوة شرائية حقيقية، ويتحقّق ذلك عبر مشاريع إيراد جديدة، وهي التي ستمنح تالياً الزخم للعمل التجاري".
ليست تهوراً بل خيار الضرورة
في الوقت ذاته، يرفض إكريم وصف افتتاح المولات أو استمرار الأمر بأنه "متهوّر"، إذ يرى تلك الصفة "قاسية، رغم أنّها ليست رابحة، ولكنّ الكثير منها مضطر الى البقاء درءاً لخسارة أكبر في حال الإغلاق".
ويقول: "نحن كفئة من التجّار نرفض الهجرة، وما زلنا لأكثر من عشر سنوات ننتظر الانفراج. وعلينا أن نتنبه الى أنّ القوانين الموجودة حالياً في الوقت نفسه لا تساعد في فتح استثمارات جديدة. فعلينا أن نغيّر بعض القوانين لتتمكن من احتضان هكذا مشاريع لئلا يتورط الناس ثم يفشلوا. وهذه مرحلة تريث، نستدعي فيها أن تكون الحكومة اقتصادية لتؤهل بنية لإيجاد مشاريع ناجح".
ويتابع: "حين تعديل القوانين تعود رؤوس الأموال المهاجرة، لنأخذ مثلاً حول السوري هنا كم يدفع من الضرائب، في حين أنّ سوريين في الصين افتتحوا مشاريع واعطتهم الحكومة هناك كل التسهيلات وضمناً القروض. وفي دبي يمنحونك قروضاً وتسهيلات، ومصر، ودول أخرى، أما لدينا فالأمر معكوس تماماً".
ويشير الى مفارقة لم تعد مقبولة وهي أنّ أسعار معظم الأشياء صارت في لبنان ومصر والخليج أرخص من سوريا بكثير، وهو ما يدفع الناس الى اقتناء أغراض كثيرة من الخارج، وهذا الأمر كلّه يعود الى سوء القوانين التي مع تطبيقها تكون دافعاً لـ "هجرة" المستثمرين.