مركز تجاري في عمان
لم يُكتب لفكرة تحديد ساعات فتح المحال التجارية وإغلاقها في عدد من القطاعات في العاصمة الأردنية عمان أن ترى النور، بعد أن كان من المرتقب بدء تطبيقها مطلع تشرين الثاني (نوفمبر)، إذ تقرر تأجيل الأمر حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل، وسط احتمال أن تنتهي الفكرة إلى الفشل.
وانبثقت فكرة الإغلاق من توصيات خلصت إليها دراسة أجرتها غرفة تجارة عمان، تم فيها استطلاع آراء نحو 3 آلاف من أصحاب المحال التجارية الممثلين لـ18 مهنة مختلفة وقطاعات متعددة، إذ أظهرت النتائج أن 60.2٪ من أصحاب المحال التجارية يؤيدون فكرة تحديد ساعات العمل، بينما يعارض 24.5٪ هذا الإجراء الذي يقضي بإغلاق المحالّ عند الساعة 9 مساء، خلال فصل الشتاء، وعند الساعة 10مساء، خلال فصل الصيف.
وذلك التوجه لا يطال كل القطاعات التجارية والخدمية، إذ استثنى المطاعم والمخابز والبقالات والصيدليات ومحال الحلويات والمقاهي ودور السينما، في حين يبلغ إجمالي عدد المحال التجارية والخدمية في العاصمة قرابة 50 ألف منشأة.
ماذا يقول مؤيدو الفكرة ومعارضوها؟
ومن وجهة نظر مؤيدي التوجه، فإن تحديد مواعيد إغلاق المحال التجارية يتيح وقتاً أطول لراحة العاملين ويزيد الإنتاجية خلال ساعات العمل، ويخفّض تكلفة الطاقة، بالإضافة إلى تنشيط قطاعات خدماتية أخرى مثل المطاعم، وسيؤدي كذلك إلى تقليص أزمات المرور.
لكن معارضيه يرون أن التوجّه سيؤدي إلى ازدحام الناس في الأسواق لتلبية احتياجاتهم قبل إغلاق المحالّ أبوابها، فضلاً عن أنه سيؤدي إلى إلحاق الضرر بمبيعات المحال التجارية، وكذلك قد يؤدي إلى تسريح بعض العمالة في المنشآت، التي تعتمد نظام العمل بالمناوبات لساعات طويلة (الشفتات).
"النية كانت إلغاء القرار لا تأجيله"
وفق الخبير الاقتصادي، نقيب تجار الألبسة، منير أبو ديّة، فإن "النية كانت تتجه الى إلغاء ذلك التوجّه، قبل أن يتم الإعلان عن تأجيله لا إلغائه"، مضيفاً: "أعتقد أنّ هناك توافقاً تم مع الحكومة على إلغاء هذا التوجّه، وهو خطوة إيجابية للغاية. وقد تحدثنا مطوّلاً عن السلبيات التي كان يمكن أن يسبّبها هذا القرار".
ويشير أبو دية لـ"النهار" إلى "صعوبة تطبيق التوجّه جغرافياً، نظراً إلى تداخل المناطق الخاضعة لأمانة عمان الكبرى مع المحافظات الأخرى"، قائلاً: "التوجّه كان سيطبّق فقط في المناطق التابعة لأمانة عمان الكبرى، لكن هناك تداخلاً كبيراً مع المناطق المجاورة، مما سيجعل من الصعب تطبيقه بشكل فعّال".
ويوضح بأنه "في داخل مراكز التسوق الكبرى، هناك قطاعات ستتأثر بالتوجه عند تطبيقه، بينما ستبقى قطاعات أخرى من دون تأثر، وهو ما سيخلق تضارباً وعدم عدالة".
كذلك، يحذّر أبو دية من التأثيرات السلبية للقرار على الأيدي العاملة، معتبراً أن "التوجه سيتسبب بارتفاع نسبة البطالة، خاصة بين العاملين في "الشفتات" الليلية، حين سيفقد الآلاف وظائفهم؛ وهذا سيؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية وزيادة حالة الركود الاقتصادي".
ويشرح بالقول إن "الإغلاق المبكر للمحال التجارية سيؤدي إلى زيادة الفوضى في الشوارع الضيقة والأسواق المكتظة، وسيفتح المجال أمام الباعة المتجولين ويؤثر على الأمن العام"، مؤكداً في هذا السياق أن "السياحة، خصوصاً في منطقة وسط البلد، ستتأثر سلباً نتيجة هذه الإجراءات، لأن حركة التسوّق المسائية تشكّل جزءاً مهمّاً من النشاط الاقتصادي في المنطقة".
ويختتم أبو دية حديثه بالدعوة إلى "مراجعة الضرائب، والكلف التشغيلية، كخطوة لدعم القطاع التجاري بدلاً من فرض قيود على ساعات العمل"، قائلاً: "إذا أرادت الحكومة تخفيف الأعباء عن المواطنين والتجار فيجب أن تبدأ بمراجعة ضريبة المبيعات والاقتطاعات المتعلقة بالضمان الاجتماعي، لأنّ هذه الأمور تشكّل عبئاً كبيراً على الجميع".
"اتّخاذ خطوات مدروسة قبل التطبيق"
في السياق نفسه، يدعم رئيس تجار الألبسة والأحذية سلطان علان التوجّه نحو تأجيل تحديد ساعات فتح المتاجر وإغلاقها، مشدداً على أهمية اتّخاذ خطوات مدروسة قبل البدء بتطبيقه.
ويضيف: "التأجيل حصل لأنّ أمانة عمان الكبرى تريد القيام بخطوات تضمن أن يكون القرار صحيحاً بنسبة عالية وأكثر دقة مع صدور تعليمات واضحة فيه".
وبحسب علان، فإن "التأجيل يهدف إلى الخروج بقرار بطريقة نموذجية غير مؤذية للقطاع الخاص، والعمل على تنظيم التوجّه وتأهيله وتجويده، واستغلاله بشكل أمثل للموارد المتاحة، سواء أكانت موارد تشغيلية أم تتعلق براحة الموظفين وأصحاب العمل".
وفي شأن إيجابيات الإغلاق المبكر، يقول علان إن "الإغلاق المبكر هو موضوع تنظيميّ، يختصر ساعات العمل في بعض المناطق ساعتين على أبعد حد؛ لذلك، لا أجد أنه معيق للمستهلك، بل يوفر في المقابل ظروفاً أفضل للعامل ولصاحب العمل، ويُرشّد النفقات".
ويشير إلى أنّ التجار طالبوا "باستثناء المواسم مثل رمضان وعيد الأضحى وعيد الفطر من متطلبات الإغلاق"، معرباً عن اعتقاده بـ"أنّ التوجه سيزيد أو يقلّل من المبيعات".