النهار

غارة إسرائيلية تستهدف للمرة الأولى خط التماس بين الجيش السوري و"تحرير الشام"
المصدر: "النهار"
غارة إسرائيلية تستهدف للمرة الأولى خط التماس بين الجيش السوري و"تحرير الشام"
A+   A-

 عبدالله سليمان علي


عملت إسرائيل عبر طائراتها الحربية وتوغلاتها البرية المحدودة، على تغيير أنماط نشاطها العسكري وأهدافه في سوريا، غير مبالية بأي ضوابط أو معايير، بما فيها تفاهم منع الصدام مع روسيا. وقد خرقت الغارات الإسرائيلية العديد مما يمكن اعتباره خطاً أحمر، مثل ضرب هدف ملاصق لقاعدة حميميم الروسية، واستهداف مستودعات أسلحة يتبع بعضها للجيش السوري، وغيرذلك. لكن الغارة الأخيرة على منطقة سراقب التي تعد من خطوط التماس بين الجيش السوري و"هيئة تحرير الشام"، من شأنها أن تعطي الاعتداءات الإسرائيلية بعداً جديداً لا يقتصر على استهداف منظومات "حزب الله" والبنى التي تساعده، بل يكاد يكشف نية إسرائيلية لخلط الأوراق في الميدان السوري بما يمكّن تل أبيب من تحقيق مكاسب عسكرية وسياسية في الوقت نفسه.

 

 

فقد نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي بعد منتصف ليل الجمعة-السبت، غارتين على مواقع في منطقة سراقب في ريف إدلب، مما أدى إلى مقتل شخص مجهول الهوية وإصابة 6 آخرين من قوات النظام، ودوّت انفجارات عنيفة في مقرين عسكريين لقوات النظام يتردد إليهما عناصر من "حزب الله"، قرب خطوط التماس مع "هيئة تحرير الشام"، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

 

 

وذكر مصدر عسكري سوري أنه "قرابة الساعة 45: 00 بعد منتصف الليل، شن العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه جنوب شرق حلب مستهدِفاً عدداً من المواقع في ريفَيْ حلب وإدلب، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين ووقوع بعض الخسائر المادية".

 

 

وأفادت مصادر سورية معارضة، أن الغارات استهدفت مواقع الميليشيات الإيرانية في مدينة سراقب شرق إدلب، ومركز البحوث العلمية في منطقة السفيرة في ريف حلب، حيث تنتشر عناصر من "الحرس الثوري" الإيراني ومجموعات موالية لطهران.

 

 

وأكد "المرصد 80"، المختص برصد التطورات العسكرية شمال غرب سوريا، أن الغارات في سراقب أسفرت عن سبعة قتلى وأكثر من 15 جريحاً من ميليشيات "سرايا العرين" و"سرايا عاشوراء" و"عصائب أهل الحق".

 

 

وتكتسب مدينة سراقب أهميتها الإستراتيجية من وقوعها على الطريق الدولي أم 5، وكذلك لأنها تعتبر من خطوط التماس مع "هيئة تحرير الشام". وكان الجيش السوري استعاد السيطرة عليها عام 2020 بعد معركة قاسية تخللها اشتباك مباشر مع القوات التركية آنذاك.

 

 

غير أن سراقب لا تقع على خطوط إمداد "حزب الله"، كما أنها لا تضم أي مواقع أو نقاط قد تؤثر على مسار الحرب الدائرة في لبنان، لذلك فإن استهدافها أثار الكثير من التساؤلات والشكوك.

 

 

وهذه المرة الأولى تضرب الطائرات الإسرائيلية هدفا يقع على خطوط التماس بين الجيش والفصائل المسلحة، بما يشير إلى تغير جذري في طبيعة الاعتداءات الإسرائيلية وحقيقة أهدافها، وسط مخاوف من أن يكون ذلك فاتحة لمرحلة جديدة قد تعمل إسرائيل من خلالها على تغيير خرائط السيطرة والعبث بموازين القوى التي تحكم الميدان السوري منذ مارس 2020، تاريخ التفاهم الثنائي بين بوتين وأردوغان على التهدئة في سوريا.

 

 

وجاءت الغارة الإسرائيلية النادرة في توقيت شهد فيه مسار التفاوض للتطبيع بين دمشق وأنقرة جموداً نتيجة تضارب وجهات النظر حول قضية انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية. وتزامنت كذلك مع تسريبات عن إمكان أن يشهد الشمال السوري معركة كبيرة بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، سواء تلك المنضوية تحت لواء الجيش الوطني السوري الممول من تركيا أو "هيئة تحرير الشام" التي تسيطر على مدينة إدلب ومحيطها. وجاءت الغارة كذلك بعد أيام قليلة على إعلان فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، حيث ثمة مخاوف من أن يستثمر بنيامين نتنياهو فوز ترامب لتوسيع حروبه في المنطقة وتعميمها على بلدان أخرى.

 

 

وبالرغم من تدهور العلاقة بين أنقرة وتل أبيب لأسباب عدة بعضها قديم وبعضها الآخر متعلق بالحرب على غزة ولبنان، فإن ذلك قد لا يمنع تل أبيب من جس نبض تركيا لمعرفة موقفها من اقتحامها مسرح تصادمها مع الجيش السوري عبر الفصائل التي تدعمها وتمولها. ولعل إسرائيل لا تريد من هذا التصرف أي مغازلة لأنقرة بقدر ما تهدف إلى خلط الأوراق في الميدان السوري.

 

 

وقد يكون الهدف هو الإيحاء للفصائل المسلحة ولا سيما "هيئة تحرير الشام" بأن فتح معركة ضد الجيش السوري والقوات الرديفة (بمن فيها تلك التابعة لإيران) قد تتردد أصداؤه في تل أبيب للقيام بدور مساعد من أجل ضمان تغيير خرائط السيطرة بما يشكل ضغطاً على دمشق، فيما تسعى تل أبيب إلى فك الارتباط بين سوريا وإيران بحسب التسريبات الصحافية.

 

 

توازيا، سارعت أوساط موالية إلى الحديث عن وجود تنسيق مسبق بين تل أبيب و"هيئة تحرير الشام". وتحدث معرّف "sam syria" عبر تلغرام عن "عدوان إسرائيلي مشترك مع التنظيمات الإرهابية في إدلب استهدف مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه على المحور الشرقي لمدينة إدلب وفي محيط مدينة سراقب. وبالتزامن تماماً مع العدوان الإسرائيلي على ريف إدلب، أطلقت التنظيمات الإرهابية قذائف وصواريخ في اتجاه مواقع الجيش العربي السوري".

 

 

وأضاف المعرّف المختص بمتابعة المشهد العسكري في سوريا، أن "طائرات الاستطلاع رصدت تحركات للتنظيمات الإرهابية على المحاور الشرقية لمدينة إدلب بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على المنطقة. وتقوم وحدات الجيش العربي السوري العاملة على المحور بالتعامل معها بالمدفعية والصواريخ والرشاشات الثقيلة في محيط بلدات آفس وسرمين والنيرب حتى الأتارب غرب حلب".

 

 

 

إعلان

الأكثر قراءة

سياسة 11/16/2024 7:26:00 PM
في خطوة مفاجئة، أقدمت جهات معنية في الضاحية الجنوبية لبيروت على إغلاق عدد من مداخل المنطقة ومخارجها باستخدام السواتر الحديد، رغم استمرار تعرضها للقصف الإسرائيلي شبه اليومي. هذه الإجراءات أثارت تساؤلات: هل هدفها الحد من ظاهرة السرقات التي انتشرت أخيرا في الضاحية، أو منع تجمع المواطنين قرب المباني التي يحذر العدو الإسرائيلي من الاقتراب منها، لتوثيق لحظة القصف؟

اقرأ في النهار Premium