النهار

بعد تقديم بيانها الوزاري... الحكومة الأردنية أمام اختبار ثقة البرلمان
المصدر: "النهار"
بعد تقديم بيانها الوزاري... الحكومة الأردنية أمام اختبار ثقة البرلمان
A+   A-

بدأ مجلس النواب الأردني اليوم الاثنين، ماراثون مناقشات البيان الوزاري الذي تقدم به رئيس الوزراء جعفر حسان للمجلس يوم أمس الأحد، لنيل الثقة على أساسه، عبر جلسات متتابعة.

 

وأفردت الصحف الأردنية الصادرة اليوم مساحات واسعة لتحليل ومناقشة البيان الوزراي، وسط آمال بأن يتم تطبيق بنوده على أرض الواقع، وأن لا يبقى حبرا على ورق.

 

ويتطلع الأردنيون إلى سياسات وإجراءات حكومية تحسن واقعهم المعيشي والتصدي على نحو حقيقي ومجد لتحديات الفقر والبطالة وغلاء المعيشة، في الوقت الذي ينشدون فيه أيضاً تحسين واقع الخدمات كافة، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والبنى التحتية.

 

كما تشهد المملكة تحولاً لافتاً في المشهد السياسي نتج عن إجراء تعديلات دستورية وتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب قبل سنوات، حيث أجريت في العاشر من أيلول (سبتمبر) الماضي انتخابات برلمانية حصل فيها حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) على النصيب الأكبر من المقاعد المخصصة للأحزاب بواقع 31 مقعداً من أصل 138.

 

وأدت حكومة جعفر حسان اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني عبد الله الثاني قبل ما يزيد على شهرين، إذ جاء تعيين الحكومة الجديدة خلفا لحكومة بشر الخصاونة التي دامت 4 سنوات، وهي الحكومة الأطول عمراً في عهد الملك عبد الله. 

 

 

 

أبرز ما جاء في تعهدات الحكومة...
ثمة تساؤلات برزت بشأن ما تعهدت به الحكومة الجديدة في الملفات والقطاعات للمرحلة المقبلة، ومدى قدرتها على تنفيذها، حيث لم تختلف قائمة التعهدات التي التزمت بها حكومة حسان، عما سبقها من تعهدات أعلنتها حكومات سابقة، لكن المختلف هذه المرة، أنها جاءت محددة أكثر بأرقامها التي ستعمل الحكومة على تحقيقها، وملتزمة بجدول زمني، وهذا أيضا يتقاطع مع ما نفذته حكومات سابقة لكنها وقعت في فخ الانشغال بالتحديات على حساب الوقت الذي نفد.

ومن بين أبرز ما تناوله البيان الوزاري لحكومة حسان، التحديث السياسي وضرورة التبييء له عبر التعاون مع مجلس الأمة والأحزاب ضمن إطار الدستور، وتعزيز قنوات التواصل مع الكتل النيابية لدعم الحوار الوطني، كما تناول في مجال الحريات العامة، التأكيد على إيجاد حوار وطني مسؤول يحدد الاختلافات ويقدم حلولا للأزمات، ويتجاوز الخلافات ويبتعد عن التأجيج الانتهازي والتحشيد غير المسؤول، ويرحب بالجميع ويبني التوافقات الوطنية على أسس واقعية وعلمية. 

 

وعرج البيان الوزاري على الملفات الوطنية في قطاعات الصحة والتربية والتعليم والمياه والطاقة والسياسة المالية للدولة، وشدد على الالتزام في العام المقبل على إطلاقِ حوار وطنيٍ لمراجعةِ التشريعاتِ الناظمة لعمل البلديات ومجالس المحافظات تحضيرا للانتخابات المقبلة، استنادا على مخرجاتِ اللَّجنةِ الملكيَّةِ لتحديثِ المنظومةِ السياسية وتحت عناوين وضعِ آليَّاتٍ للرَّقابةِ والتقييمِ؛ ولا صلاحيَّات دونَ مساءلة. 

 

كما تعهدت الحكومة في بيان الثقة، بالتقدم بمشروع قانون معدِّلٍ لقانونيّ العقوبات وأصولِ المحاكماتِ الجزائية؛ للتوسُّعِ في حالات اللجوء إلى الخدمة المجتمعية كبديل عن العقوباتِ السالبة للحرية، بالإضافة إلى إرساءِ مبدأ العدالةِ التصالحية، وتعزيز فُرص التَّصالح بين أطراف الدعوى ضمن إطار سيادة القانون. 

 

 

وتركزت التعهدات في قطاع المياه على الناقل الوطني الذي يُعد ثالث أكبر مشروعٍ مائي في المنطقة، التأكيد على مضي الحكومة في تنفيذِ مراحلِه، وسيجري السير في إجراءات توقيعِ اتفاقية الإغلاقِ المالي للمشروعِ العام المقبل، ليبدأَ التَّنفيذ قبل نهاية العام، على أن يُنجز بعد 4 سنوات لتأمين 300 مليون م3 مياه مُحلَّاةِ من العقبة، تعزيزاً لأمننا المائي. 

 

وفي مجال تحقيق الأمنَ الغذائي، تركزت تعهدات حكومة حسان على إنشاء أكثر من 30 مصنعاً للتصنيع الغذائي، وتوفير فرص تدريب مدفوعة الأجر، لقُرابة 15 ألف متدرِّب وتوفير نوافذ تمويلية عبر مؤسسة الإقراض الزراعي، التي ستزيد الحكومة حجمَ التمويلِ السنوي إلى 8 ملايين دينار عام 2028، تشملُ المنح والقروض الميسَّرة، وإقرارِ تَّعديلات على قانون التَّعاون؛ وزيادةِ الرُّقعة الحُرجيَّة المزروعة لمواجهة التَصَحُّر، وتقديم الحوافز للصناعاتِ الغذائية في المدنِ الصناعية. 

 

الكرة في ملعب النواب...
ووفق الكاتب المتخصص في الشأن البرلماني جهاد المنسي، فإن "الكرة الآن في ملعب أعضاء مجلس النواب الجديد الذي لم يعرف عدد كبير من اعضائه مثل تلك الاستحقاقات الدستورية وهي المرة الأولى لهم التي يتعين عليهم مناقشة الثقة بالحكومة او حتى مناقشة موازنة الدولة التقديرية للسنة المالية 2025".

 

وأضاف: "كما هو معروف فإن البيان الوزاري والتصويت على الثقة بالحكومة سيكون بوابة الاشتباك الأول بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وسنتمكن من خلال أيام المناقشات تلك معرفة رؤية الحكومة وبرنامجها، ووجهات نظر النواب وقدرتهم على قراءة بيان الحكومة ومناقشته، والخوض في تفاصيله، وأيضا الاستماع لنوابنا الجدد، ومواقفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ إنه لا يوجد افضل من مناقشات الثقة بالحكومة لمعرفة مواقف النواب وقدرتهم على التغيير، ومدى حرصهم على رفع منسوب الثقة بالمجلس ونوابه".

 

 

وتابع المنسي: "الحكومة استبقت الوقوف تحت القبة وتقديم بيانها، واشتبكت إيجابيا مع جمهور المواطنين من خلال زيارات ميدانية قام بها الرئيس جعفر حسان وفريقه الوزاري، فخلال 75 يوما منذ تشكيل الحكومة، قام الرئيس والوزراء بعشرات الزيارات الميدانية، وعقدوا عشرات اللقاءات مع المواطنين، واستمعوا منهم وناقشوهم، وهو ما رفع من منسوب رضا الناس عنها، وفق استطلاعات رأي".

 

 

وقال: "كما أن الحكومة ومنذ تشكيلها استبقت التقدم بيانها الوزاري بعقد سلسلة من اللقاءات مع نواب المجلس، فالتقى الرئيس مع سواد النواب واستمع منهم، وناقشهم في قضايا مختلفة، وفتحت قنوات حوار واتصال، كما تم خلالها الوقوف على رؤى نواب المجلس، وطبيعة الكتل الموجودة فيه، ولم تقف قنوات الاتصال عند الرئيس وانما قام العديد من فريقه الوزاري بفتح خطوط مع النواب وحوارات معهم".


وعبر المنسي عن أمله في "ألا يقع النواب في مطب وقع بها اسلافهم في مجالس سابقة، فرفعوا خلال مناقشات الثقة بحكومات سابقة، منسوب النقد للحكومة والرفض لما تقدمت به، وثم يتم منح الحكومة الثقة، وهو الأسلوب الذي ساعد وساهم في تراجع الثقة الشعبية بالمجالس النيابية، ولذا فإن الطموح ليس الاستماع خلال جلسات مناقشات الثقة بالحكومة لخطابات نارية، وانتقادات عالية السقف، وكلمات تذكرنا بمجالس نيابية سابقة كانت تشبع الحكومات نقدا وتقريعا ومن ثم تحصل الحكومة على ثقة مرتفعة جدا، وانما نريد مناقشات هادئة وقراءات متأنية تشي وتشعرنا اننا ندخل مرحلة جديدة من مراحل الإصلاح مرحلة تتعلق بالأحزاب ورؤيتها وبرامجها".

 

 

لا يعني ذلك بحسب المنسي أن "ما سبق دعوة لمنح الحكومة الثقة أو عدمها فهذا الأمر يتعلق بالنواب ورؤيتهم ومواقفهم وبرامجهم، وللنواب كامل الحق في تحديد موقفهم من الثقة وطريقة التصويت، وهو أمر يتحدد في ضوء تقاطع برنامج الحكومة مع برامج الكتل النيابية ومدى التزام حكومة الدكتور جعفر حسان بالاقتراب من برامج بعض الكتل وتنفيذ بعضها، فنحن نأمل أن تبدأ مرحلة الصراع البرامجي".

 

 

 

الأكثر قراءة

كتاب النهار 12/3/2024 2:05:00 AM
إسرائيل تضع "حزب الله" أمام خيارين: القبول بهزيمة مطلقة مما يضطره إلى التنازل عن فاعلية جناحه العسكري أو العودة إلى الحرب وتكبد ليس المزيد من الخسائر في لبنان فحسب، بل ما تبقى له من نفوذ في سوريا أيضاً....
دوليات 12/3/2024 8:35:00 AM
الهندسة القمرية الحرجة التي شهدتها السماء في الفترة من 1 إلى 2 ديسمبر/كانون الأول قد تؤدي لزلزال قوي اليوم الثلاثاء

اقرأ في النهار Premium