تولى الدكتور عمرو القاضي رئاسة الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي في أيلول (سبتمبر) 2021، وكانت قيود السفر ما زالت سارية في معظم بلدان العالم، بسبب تفشي وباء كورونا، ما ساهم في توجيه ضربة شديدة لصناعة السياحة في العالم، ومصر ما زالت تتعافى من آثار الاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورتي 25 كانون الثاني (يناير) 2011 و30 حزيران (يونيو) 2013.
ويقول رئيس الهيئة المصرية، في حديث خاص لـ"النهار"، إن "صناعة السياحة في العالم كله شديدة الحساسية، فالمسافر، وخصوصاً الدولي، يضع الأمان في صدارة أولوياته، لذا يحرص على أن يكون البلد الذي يقصده من دون حروب، ومستقر سياسياً، وآمن صحياً، ولا يوجد فيه معدل مرتفع للجريمة أو حوادث الطرق، أو كوارث طبيعية".
بعد أشهر قليلة أمضاها القاضي في مهمته، اندلعت الحرب الروسية-الأوكرانية في شباط (فبراير) من عام 2022، لتخسر مصر بذلك سوقين كبيرين يشاركان بنسبة مهمة من أعداد السياح الوافدين إليها، ونتيجة الحرب انتكست الأسواق في أوروبا، فخسرت القاهرة نسبة إضافية كبيرة من السياح.
لم تتوقف التحديات عند هذا الحد، بل أحيط البلد بصراعات مسلحة، فبجانب التوترات العسكرية في ليبيا (غرباً)، انفجرت المواجهات المسلحة في السودان (جنوباً)، ثم اندلعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (شرقاً)، وأخذت منطقة الشرق الأوسط في الاشتعال.
رغم هذا، فإن أعداد السياح الوافدين إلى مصر تزايدت على نحو غير مسبوق، ففي عام 2023 كسر الرقم القياسي الذي تحقق في 2010 حيث كانت الأوضاع في تلك الفترة أكثر أمناً واستقراراً داخلياً وإقليمياً، فبلغت حينذاك 14.7 مليون سائح. أما في 2023 فقد قفزت إلى قرابة 15 مليوناً، كما تنبئ أرقام العام الحالي بأن معدل التدفقات السياحية سوف يستمر على نفس الوتيرة، فبلغ عدد السياح خلال الأشهر السبعة الأولى من 2024 نحو 8 ملايين سائح.
الصورة الذهنية
ويشير المسؤول المصري إلى أن "العمل في السياحة بالغ الصعوبة، وما يزيده تحدياً في بلد مثل مصر، هو تعامل الإعلام -خصوصاً الغربي- فالأخبار التي تأتي من المنطقة العربية، تضخّم بشكل غير واقعي، وفي بعض الأحيان يعتمد الصحافيون الغربيون على مصادر غير موثوقة".
وبحسب رأي القاضي فإنّ "أخبار الإعلام الغربي تخيف الناس، ومن ثم يجعلنا نحارب صورة ذهنية معينة ترسخت في أذهان المليارات من البشر، فحتى المجتمعات غير الغربية تنقل عن الاعلام الغربي بثقة، حتى نحن ننقل عنه".
ويقول: "نحن نعمل على تعريف الناس -الذين لديهم جهل بجغرافيا المنطقة- أين تقع مصر، وهذا أمر ضروري حتى يطمئنوا. وقد عمل قطاع السياحة كله على عملية الترويج، وهنا أقصد الرسمي ممثلاً في وزارة السياحة، وكذلك ممثلي القطاع الخاص من شركات واتحادات وغرف".
الأسواق الجديدة
إلى جانب توضيح الموقع الجغرافي لمصر، وتعزيز فكرة الأمن والأمان فيها في أذهان العملاء المستهدفين، تم التركيز على فتح أسواق جديدة والاهتمام بالأسواق المفتوحة التي لا تلقى اهتماماً كافياً مثل الصين والهند وتركيا، والسوق العربي بشكل كبير، وكذلك الولايات المتحدة، حسبما أوضح القاضي.
ويؤكد المسؤول المصري أن "هذا التوجه عوّض الانخفاض الكبير الذي أحدثه غياب السياح القادمين من روسيا وأوكرانيا، وباتت أعداد السياح القادمين من البلدان الجديدة أكبر بكثير".
ويلفت إلى أنه "في فترة كورونا، تحققت فائدة كبيرة، فقد اتيحت فرصة للفنادق والمؤسسات السياحية لإعادة حساباتها، فطورت من خدماتها وحسنت منتجاتها، وقد ظهرت نتيجة هذا من خلال تعليقات شركات السياحة الدولية التي عبرت عن رضاها بمستوى الخدمات التي تقدمها المؤسسات السياحية المصرية".