لم يستسغ كثيرون من أبناء مهنة الصيدلة، ومتابعون لشؤون الصحة والاستشفاء في لبنان، تصريح نقيب الصيادلة جو سلوم عن نقص الأدوية في السوق، والذي تسبب بهلع لدى المواطنين وأزمة إضافية في الظروف الحالية.
البعض أكد أن تصريح سلوم لا يستند إلى معطيات وإحصاءات دقيقة وينطوي على الكثير من "التضخيم"، فيما رأى آخرون أنه يهدف إلى رفع الصوت قبل وقوع الكارثة في حال تمدد الأزمة وإقفال المعابر البحرية والجوية. وما بين هؤلاء وأولئك، أعادت نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات تصويب الأمور، وتأكيد مرجعيتها في تحديد ملاءة السوق، مؤكدة أن سلاسل الإمداد اللوجيستية للأدوية مؤمّنة، والمخزون العام المتوافر حاليا يكفي حاجة السوق نحو أربعة أشهر".
هذا التأكيد ورد على لسان نقيب مستوردي الأدوية جوزف غريب الذي أكد لـ"النهار" أن "النقابة أحصت المخزون (كل الأصناف) لدى 95% من المستوردين المسجلين لديها، مع الأخذ في الاعتبار أن الكميات يمكن أن تنقص أو تزيد تبعا للأصناف".
يحرص المستوردون على استيراد كميات الأدوية الكبيرة عبر البحر، فيما تلك المستوردة بكميات قليلة والمحتاجة إلى تبريد يتم استيرادها جوا. وحتى اليوم شحنات الدواء إلى لبنان عبر البحر سارية كالمعتاد. وعليه، طمأن غريب إلى أن "الشركات المستوردة لا تزال قادرة على تلبية حاجة السوق ما دامت المرافئ الوطنية لا تواجه حصارا. وتاليا، لن تتأثر حركة الاستيراد عبرها، بدليل أن ثمة شحنات يتم تفريغها تباعا، فيما تعمل الشركات على مدار الساعة لزيادة حجم المخزون وتحوطا للأسوأ".
أما على صعيد الإمدادات عبر الجو، فلا يخفي غريب أن "ثمة مشكلة بعدما أوقفت كل شركات الطيران رحلاتها إلى مطار بيروت، ولكن بناء على طلب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصحة، أعطت "الميدل إيست" الأولوية القصوى لعمليات شحن الأدوية جوا إلى لبنان"، بما عوّض جزءا من النقص الذي خلفه توقف شركات الطيران العربية والعالمية. وتاليا، لا خطر من انقطاع الأدوية وفق غريب ما دام المطار آمنا.
بفعل القصف الإسرائيلي لمناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ثمة نحو ألف صيدلية من 3400 أقفلت، عدا عن تلك التي دمرت كليا، ويختلف حجم عملها بين منطقة وأخرى. وثمة ضغط كبير على صيدليات الضاحية وبيروت، فيما حجم الضغط على الصيدليات في مناطق أخرى أقلّ نسبيا.
ويصرّ نقيب الصيادلة، على الرغم من تأكيده أن "الأدوية لا تزال تصل إلى لبنان"، على أن ثمة أدوية غير متوافرة بسبب تأزم الأوضاع، وهي "موجودة في مناطق مركزية، وتاليا فإن خطة الطوارىء يجب أن تأخذ في الاعتبار توزيعها على مناطق الخطر. إذ إن بقاء مخزون الدواء في الصيدليات المعرضة للخطر يهدد المخزون في لبنان. من هنا يرى ضرورة سحب الأدوية من الصيدليات المقفلة في المناطق التي نزح أهلها منها، خصوصا أن مخزونها يخرج من مخزون الدواء في حال التعرض للقصف والتدمير أو أي نوع من التلف".
ما بين تصريح سلوم، ورد المستوردين عليه، دخلت الصيدليات العاملة خارج الجنوب والضاحية وقسم من بيروت في أزمة ناتجة من تزايد طلبات المواطنين، تبين أن وراءها هلع البعض من فقدان الأدوية من جهة، وتزايد الضغط بسبب التضاعف الديموغرافي نتيجة النزوح من جهة أخرى، بالإضافة إلى إرباكات في التوزيع نتيجة الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها وسائل النقل في المناطق التي يطالها القصف.