حذرت ورقة عمل جديدة من منظمة العمل الدولية (ILO) من أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم أقل احتمالاً للمشاركة في سوق العمل، وعندما يكونون في العمل، فإنهم يميلون إلى كسب أقل من نظرائهم من غير المعاقين.
تجد الورقة، أن الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعملون يحصلون على أجور أقل بنسبة 12% لكل ساعة في المتوسط مقارنة بالعاملين الآخرين، مع عدم تفسير 9% من هذه الفجوة بالاختلافات في التعليم أو العمر أو نوع العمل.
والأمر أسوأ في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأدنى، حيث تصل الفجوة في الأجور للأشخاص ذوي الإعاقة في هذه الدول إلى 26%، ويكاد يكون نصف هذه الفجوة غير مفسر بالاختلافات الاجتماعية والاقتصادية.
فجوة الأجور
وفقًا لإحصاءات عام 2021، يعاني نحو 1 من كل 6 من سكان العالم من إعاقة كبيرة. ومع وجود 3 فقط من كل 10 من ذوي الإعاقة نشطين في سوق العمل، فإن نسبة مشاركتهم في سوق العمل ما تزال منخفضة جدًا. وكما تُظهر هذه الأبحاث الجديدة من منظمة العمل الدولية، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة، حتى عندما يكونون في العمل، يكسبون عادة أقل من أقرانهم - حتى عند احتساب الفروقات الاجتماعية والاقتصادية.
في هذا الإطار لفتت خبيرة الموارد البشرية باتريسيا الأشقر، في حديثها لـ"النهار" إلى أنّ "الافتقار إلى التنوع والشمول في مكان العمل، وخاصة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، هو قضية مشتركة في العديد من البلدان. وتنشأ هذه الفجوة بسبب عوامل مثل الوصمة الاجتماعية، والجهود الحكومية المحدودة، ونقص الوصول إلى التعليم والتدريب، والمفاهيم الخاطئة لدى أصحاب العمل حول قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحديات البنية التحتية التي تجعل المشاركة الكاملة صعبة".
في لبنان، لا توجد إحصائيات متسقة، تقول الأشقر، ولكن من الواضح أن معدلات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة منخفضة بسبب هذه التحديات. وفي الشرق الأوسط، تبذل بعض البلدان جهودًا لتحسين هذا. على سبيل المثال، في الإمارات العربية المتحدة، هناك "سياسة للأشخاص ذوي الإعاقة"، ولكن التأثير على التوظيف الفعلي لا يزال محدودًا. وفي المملكة العربية السعودية، تهدف برامج مثل "قادرون" إلى دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، ومع ذلك فإن حوالي 4٪ فقط منهم يعملون.
التحديات
وشددت خبيرة الموارد البشرية على أنّ "إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتعلق فقط بالقيام بالشيء الصحيح، بل إنه يفيد الجميع، وذلك عبر خلق سياسة التنوع في مكان العمل، والتي من شأنها جلب وجهات نظر مختلفة وأفكارًا جديدة إلى مكان العمل. كما يساعد في تقليل الحاجة إلى الدعم الحكومي من خلال تقديم المزيد من الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة. وله تأثير اجتماعي، حيث يعزز العدالة ويظهِر التزام الشركات بالمجتمع".
ولا شكّ بأنّ هناك الكثير من التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، في سوق العمل، تذكر الأشقر بعضا منها كـ "الصور النمطية السلبية، حيث لا يزال الكثيرون يعتقدون أن الأشخاص ذوي الإعاقة ليسوا منتجين أو قادرين، مما يعيقهم. كما أنّ العديد من أماكن العمل ليست مجهزة بالكامل لتلبية احتياجاتهم، سواء كانت مساحات مادية أو تقنية. كما تعاني معظم الشركات من الافتقار إلى الوعي، حيث لا يعرف الكثير من أصحاب العمل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أو كيفية إنشاء بيئة عمل شاملة".
وأشارت إلى أنّه "مع الدعم المناسب، يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يكونوا منتجين مثل أي شخص آخر. إن إشراكهم ليس مجرد مسؤولية اجتماعية، بل هو طريقة ذكية لجلب مواهب جديدة إلى القوى العاملة".
وعن كيفية سد الفجوة أوضحت المتخصصة بالموارد البشرية أنّ "ذلك ممكن عبر التدريب، من خلال تقديم برامج مخصصة لبناء المهارات وإعداد الأشخاص ذوي الإعاقة لمكان العمل. بالإضافة إلى التكييف في مكان العمل، عبر التأكد من أن البيئة متاحة للجميع، من المساحات المادية إلى التكنولوجيا. كما تحتاج الشركات إلى تثقيف موظفيها حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأهمية الإدماج، فضلا عن دعم الحكومة، عبر الاستفادة من السياسات والبرامج الحكومية التي تشجع على توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة".