تعرّضت الجزائر لخيبة أمل كبيرة بعد فشلها في الحصول على عضوية مجموعة "بريكس"، حيث كانت تأمل في أن تفتح لها هذه العضوية آفاقًا جديدة لتعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة الاستثمارات. ورغم الطلب الذي قدمته الجزائر في عام 2022، فإن مجموعة "بريكس" قررت عدم قبول انضمامها، ما دفعها إلى إعادة تقييم خياراتها الاقتصادية وعلاقاتها مع الدول الأعضاء في المجموعة. وعليه أعلنت الجزائر عدم مشاركتها في قمة مجموعة بريكس المنوي عقدها في تاريخ قريب.
أسباب عدم قبول الجزائر في "بريكس"
كان لرفض طلب الجزائر أسباب عدة ، أبرزها غياب الشروط الاقتصادية اللازمة، وفقًا لتصريحات من بعض الأعضاء في المجموعة. وبالمقارنة مع الدول الست التي جرى قبولها العام الماضي مثل السعودية وإيران ومصر، يبدو أن الجزائر لم تتمكن من إثبات قدرتها على المساهمة الفعّالة في الأهداف الاستراتيجية للمجموعة.
في المقابل، وعلى ضوء التطورات الأخيرة، أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدم الرغبة في الانضمام إلى "بريكس". وأشار إلى أن عدم قبول الجزائر قد يكون في مصلحتها، مؤكدا أن "الجزائر طوت هذا الملف نهائيًا، على رغم أنه كان يمكنها الترشح للعضوية للمرة الثانية وقد يجري قبولها على غرار مختلف الدول"، معلّلاً الدوافع بأن "ثمة من انسحب من الدول التي قُبلت عضويتها في المرة السابقة، لأنها منظمة غير متجانسة من الناحية الاقتصادية والسياسية"، مستدلاً على ذلك بوجود خلافات بين بعض الدول في التكتل منها على سبيل المثال مصر وإثيوبيا والصين والهند.
وعلى رغم عدم رغبة الجزائر في الانضمام إلى بريكس، غير أنّ تبون شدّد على أهمية الانضمام إلى بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة، الذي يُعتبر بمثابة بديل قوي للبنك الدولي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في نهاية آب (أغسطس) الماضي، قالت رئيسة بنك التنمية الجديد، التابع لمجموعة "بريكس" ديلما روسيف، إن الجزائر حصلت على تفويض للانضمام إلى البنك.
وقالت وزارة الخزانة الجزائرية، في بيان إن "الموافقة الرسمية على انضمام البلاد إلى هذه المؤسسة المالية الدولية، جاءت في ختام الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي البنك الجديد للتنمية (NDB)، الذي عقد في كيب تاون، عاصمة مقاطعة كيب الغربية، في جنوب إفريقيا".
تاريخ العلاقات الجزائرية مع دول "بريكس"
ترتبط الجزائر بعلاقات تاريخية قوية مع دول الأعضاء في "بريكس"، بما في ذلك الصين وروسيا والهند. على سبيل المثال، شهدت العلاقات الجزائرية-الصينية قفزة كبيرة، بحيث تعهدت الصين استثمار 36 مليار دولار في مجالات عدة داخل الجزائر. كما أن الهند تعتبر الشريك التجاري التاسع للجزائر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالى 1.9 مليار دولار.
وكانت الجزائر تأمل في أن يتيح لها الانضمام إلى "بريكس" تنويع الفرص الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات الأجنبية. لكن بعد فشلها في الانضمام، بدأت الجزائر في إعادة بناء علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأعضاء، مركزةً على تحقيق منافع اقتصادية مباشرة بعيدًا من الانتماءات السياسية.
ومع تطوّر العلاقات مع دول مثل الصين وروسيا، قرّرت الجزائر التركيز على شراكات استراتيجية مع دول مختارة، مثل إيطاليا وقطر. وتشير التحليلات إلى أن الجزائر تسعى الى بناء علاقات اقتصادية مبنية على مبادئ "رابح-رابح"، بعيدًا من تعقيدات التكتلات الكبرى.
في المحصّلة، إن عدم انضمام الجزائر إلى "بريكس" لم يكن نهاية المطاف، بل ربما يكون بداية مرحلة جديدة في إعادة تقييم العلاقات الاقتصادية. مع استمرار الجزائر في تطوير شراكاتها مع الدول الأعضاء، يبدو أن تركيزها على بناء علاقات مستقلة ومؤثّرة سيفتح لها آفاقًا جديدة على الساحة الدولية.