في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على مختلف الأراضي اللبنانية ومواصلة الدعوات الدولية لوقف لإطلاق النار، ووسط ترقب لقرار مجموعة العمل المالي (FATF) بشأن إدراج لبنان على "اللائحة الرمادية" بحلول 25 تشرين الأول الجاري، وفي ظل الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السلطات النقدية في الفترة الأخيرة لتلبية حاجات الأسر للدولار ولا سيما وسط أكبر عملية نزوح يشهدها لبنان منذ عقود، شهدت الأسواق المالية اللبنانية هذا الأسبوع تحركات هامشية لسعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق الموازية، في حين واصلت أسعار سندات اليوروبوندز قفزاتها، وظلت سوق الأسهم تشهد إقبالاً على الشراء، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عوده.
في التفاصيل، سجّل سعر صرف الليرة مقابل الدولار تحركات هامشية في السوق الموازية في محيط 89600-89700. في موازاة ذلك، شهدت احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي أول تقلص لها منذ تاريخ تولي القيادة الجديدة في حاكمية المركزي في نهاية تموز 2023، إذ انخفضت بقيمة 343 مليون دولار خلال النصف الأول من تشرين الأول 2024 لتبلغ زهاء 10.3 مليار دولار منتصف الشهر، وذلك جرّاء عمليات ضخّ العملات الأجنبية من قبل مصرف لبنان سواء عبر سداد دفعات إضافية مرتبطة بالتعميمين 158 و166 أو من خلال تلبية حاجات السوق للعملة الخضراء.
وفي ما يخص سوق سندات اليوروبوندز، واصلت أسعار سندات الدين الحكومية قفزاتها للأسبوع الثالث على التوالي، إذ بلغت 8.750 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة مقابل 8.375 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق و6.500 سنت للدولار الواحد منذ ثلاثة أسابيع، في ظل استمرار الرهان على إمكانية حصول خرق ما في الجدار السياسي في المدى المتوسط، ما يمكن أن يعبّد الطريق أمام تطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها. وفي ما يتعلق بسوق الأسهم، ارتفع مؤشر الأسعار بنسبة 1.7% بينما تقلصت أحجام التداول بنسبة 66% أسبوعياً.
الأسواق
في سوق النقد: انخفض معدل الفائدة من يوم إلى يوم من 80% في نهاية الأسبوع السابق إلى 50% يوم الجمعة، في إشارة إلى عودة السيولة بالليرة اللبنانية بشكل نسبي إلى سوق النقد، بينما ظلت كلفة الكاش بالليرة تناهز الصفر بالمائة. هذا وقد أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 3 تشرين الأول 2024 أن الودائع المصرفية المقيمة سجّلت تقلصاً لافتاً بمقدار 22325 مليار ليرة. ويعزى هذا التقلص بشكل أساسي إلى انخفاض الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية بقيمة 19714 مليار ليرة أسبوعياً (أي ما يعادل 220.3 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 89500 ل.ل.)، بينما تراجعت الودائع المصرفية المقيمة بالليرة بقيمة 2611 مليار ليرة وسط انخفاض في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 2261 مليار ليرة وتقلص في الودائع تحت الطلب بقيمة 350 مليار ليرة. في هذا السياق، سجّلت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) تقلصاً قيمته 22237 مليار ليرة في ظل ارتفاع حجم النقد المتداول بقيمة 309 مليار ليرة وتراجع محفظة سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي بقيمة 222 مليار ليرة.
في سوق القطع: على أثر ضخّ نحو 180-200 مليون دولار من قبل مصرف لبنان في بداية تشرين الأول الحالي لسداد ثلاث دفعات شهرية لكافة المستفيدين من التعميمين 158 و166، ونتيجة دفع رواتب القطاع العام بالدولار والتي تقدر بنحو 120 مليون دولار، وفي ظل استمرار تدخل المركزي في السوق الموازية لتلبية حاجات الأسر للعملة الخضراء ولاسيما في ظل أكبر عملية نزوح يشهدها لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية في العام 1990، أظهرت ميزانية مصرف لبنان نصف الشهرية الأخيرة المنتهية في 15 تشرين الأول 2024 أن الاحتياطيات السائلة من النقد الأجنبي لدى المركزي تقلصت بقيمة 343 مليون دولار خلال النصف الأول الشهر لتبلغ زهاء 10322 مليون دولار في منتصف تشرين الأول.
هذا مع العلم أنّه أول تقلص لاحتياطيات المركزي منذ نهاية تموز 2023، أي تاريخ استلام القيادة الجديدة في حاكمية مصرف لبنان. في ظل هذه الأجواء، سجّل سعر صرف الليرة مقابل الدولار تحركات هامشية في السوق الموازية في محيط 89600 -89700. ويأتي ذلك بينما تتنامى المخاوف من أن تطول الحرب، ما يمكن أن يستتبع نزيفاً مستمراً في احتياطيات المركزي ويشكل خطراً على استقرار سعر الصرف الذي استمر على مدى عام ونصف.
في سوق الأسهم: اقتصر التداول في بورصة بيروت هذا الأسبوع على أسهم "سوليدير"، حيث بلغت قيمة التداول الاسمية زهاء 3.0 مليون دولار مقابل 8.9 مليون دولار في الأسبوع السابق. وعلى صعيد الأسعار، زادت أسعار أسهم "سوليدير أ" بنسبة 1.7% إلى 94.55 دولار. وقفزت أسعار أسهم "سوليدير ب" بنسبة 3.5% إلى 94.30 دولار. وهذا ما استتبع ارتفاعاً في مؤشر الأسعار نسبته 1.7%. في هذا السياق، يجدر الذكر أن أسهم "سوليدير أ" قد راكمت نمواً في الأسعار نسبته 6.1% منذ نهاية العام 2023، كما ارتفعت أسعار أسهم "سوليدير ب" بنسبة 4.8% خلال الفترة نفسها. ويأتي ذلك وسط عمليات التحوّط تجاه الأزمات والمستجدات السلبية.
سوق سندات اليوروبوندز: على الرغم من الاعتداءات الإسرائيلية المكثفة على مختلف الأراضي اللبنانية، ظلت سوق سندات اليوروبوندز تشهد إقبالاً لافتاً من قبل المتعاملين المؤسساتيين الأجانب في الأسواق المالية العالمية وذلك للأسبوع الثالث على التوالي. ويأتي ذلك وسط رهان على إمكانية حصول تسويات سياسيّة في فترة ما بعد الحرب، ما من شأنه أن يفسح الطريق أمام تطبيق الإصلاحات الملحة التي طال انتظارها ويؤدي إلى إعادة هيكلة الدين. أضف إلى ذلك أنّ بعض المتعاملين رغبوا في شراء سندات الدين اللبنانية من أجل تعزيز موقعهم التفاوضي في المستقبل. في هذا السياق، بلغت أسعار سندات الدين الحكومية 8.750 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة مقابل 8.375 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق، علماً أنها كانت تتحرك في حدود 6.500 سنت للدولار الواحد في نهاية أيلول، ما يشير إلى قفزة لافتة في الأسعار بنسبة 35% منذ ذلك التاريخ.