النهار

على وقع انعقاد مؤتمر دعم لبنان في باريس، ورغم استمرار العدوان الإسرائيلي على مختلف الأراضي اللبنانية والذي خلّف خسائر بشرية ومادية واقتصادية جسيمة، حيث من المتوقع أن تفوق الكلفة غير المباشرة للحرب الكلفة المباشرة وأن يترك العدوان أضراراً أكبر على الاقتصاد المحلي من حرب 2006، ورغم التراجع في احتياطيات مصرف لبنان بالعملات بعد اندلاع الحرب بينما تدرج مجموعة العمل المالي (FATF) اليوم لبنان على اللائحة الرمادية، ظلت الأسواق المالية اللبنانية تشهد هذا الأسبوع تحركات هامشية في سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق الموازية، في حين ظلت أسعار سندات اليوروبوندز عند أحد أعلى مستوياتها منذ نحو عامين، وواصلت سوق الأسهم مسلكها التصاعدي، وفق التقرير الأسبوعي لبنك عوده.

في التفاصيل، ظل سعر صرف الليرة يتراوح بين 89600 و89700 للدولار الواحد في السوق الموازية، وذلك على الرغم من تنامي المخاوف من أن تطول الحرب، ما يمكن أن يسفر عن انكماش كبير في الاقتصاد الوطني وتآكل في احتياطيات المركزي وعودة لتدهور سعر صرف الليرة. وعلى صعيد سوق سندات اليوروبوندز، تراجعت قليلاً أسعار سندات الدين الحكومية إلى 8.400 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة من 8.750 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق وسط عمليات جنى للأرباح بعد الزيادات اللافتة التي سجّلتها في الأسابيع القليلة الماضية وسط رهان على إحداث خرق في الجدار السياسي المحلي في فترة ما بعد الحرب. وفي سوق الأسهم، واصل مؤشر الأسعار ارتفاعه بنسبة 2%، بينما تراجعت أحجام التداول بنسبة 8% أسبوعياً لتبلغ زهاء 2.8 مليون دولار.

الأسواق

في سوق النقد: انخفض معدل الفائدة من يوم إلى يوم من 50% في نهاية الأسبوع السابق إلى 20%-30% يوم الجمعة، في إشارة إلى ازدياد السيولة بالليرة اللبنانية بشكل نسبي إلى سوق النقد، بينما ظلت كلفة الكاش بالليرة تناهز الصفر بالمائة. هذا وقد أظهرت آخر الإحصاءات النقدية الصادرة عن مصرف لبنان للأسبوع المنتهي في 10 تشرين الأول 2024 أن الودائع المصرفية المقيمة سجّلت تقلصاً بمقدار 11237 مليار ليرة. ويعزى هذا التقلص بشكل أساسي إلى انخفاض الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية بقيمة 11028 مليار ليرة أسبوعياً (أي ما يعادل 123.2 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 89500 ل.ل.)، بينما تراجعت الودائع المصرفية المقيمة بالليرة بشكل طفيف بقيمة 209 مليار ليرة وسط تقلص في الودائع تحت الطلب بقيمة 229 مليار ليرة وزيادة خجولة في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 21 مليار ليرة. في هذا السياق، سجّلت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) تقلصاً قيمته 12180 مليار ليرة في ظل انخفاض حجم النقد المتداول بقيمة 875 مليار ليرة وتراجع محفظة سندات الخزينة المكتتبة من قبل القطاع غير المصرفي بقيمة 68 مليار ليرة.

في سوق القطع: رغم أنّ احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي سجّلت في النصف الأول من تشرين الأول 2024 أول تقلص لها بقيمة 343 مليون دولار منذ تاريخ استلام القيادة الجديدة في حاكمية مصرف لبنان في نهاية تموز 2023 جراء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها المركزي، وعلى الرغم من الأضرار الجسيمة المباشرة وغير المباشرة التي خلفتها الاعتداءات الإسرائيلية داخل الاقتصاد المحلي، وتنامي المخاوف من أن تترك الحرب تداعيات سلبية على الوضع النقدي ولاسيما في حال طال أمدها، ظل سعر صرف الليرة يتحرك ضمن هوامش ضيقة مقابل الدولار في السوق الموازية في محيط 89600 -89700. ويأتي ذلك بالتلازم مع مساعي مصرف لبنان المستمرة لاحتواء حجم النقد المتداول بالليرة، إذ واصل حجم النقد المتداول خارج مصرف لبنان تقلصه ليبلغ 52.0 ترليون ليرة (580 مليون دولار) في 15 تشرين الأول 2024 مقابل 58.1 ترليون ليرة في نهاية العام 2023 و62.0 ترليون ليرة في نهاية تموز 2023. في هذا السياق، شكّل حجم النقد المتداول خارج مصرف لبنان في منتصف تشرين الأول 2024 نحو 5.6% من احتياطيات مصرف لبنان السائلة بالعملات، بالمقارنة مع 8.1% في نهاية تموز 2023.

في سوق الأسهم: ظلت سوق الأسهم تسلك مسلكاً تصاعدياً هذا الأسبوع، كما يستدل من خلال ارتفاع مؤشر الأسعار بنسبة 1.8%. فمن أصل 5 أسهم تم تداولها، ارتفعت أسعار 3 أسهم، بينما تراجع سعر سهم واحد وظل سعر سهم واحد مستقراً. في التفاصيل، قفزت أسعار إيصالات إيداع "بنك لبنان والمهجر" بنسبة 6.0% إلى 3.51 دولار، تلتها أسهم "بنك بيبلوس العادية" بنسبة +5.0% إلى 0.84 دولار، فأسهم "سوليدير أ" بنسبة +4.0% إلى 98.35 دولار. في المقابل، تراجعت أسعار أسهم "سوليدير ب" بنسبة 0.5% إلى 93.80 دولار. واستقرت أسعار أسهم "بنك لبنان والمهجر العادية" عند 7.00 دولار. وفي ما يخص أحجام التداول، تقلصت قيمة التداول الاسمية بنسبة 7.8% أسبوعياً، من 3.0 مليون دولار في الأسبوع السابق إلى 2.8 مليون دولار هذا الأسبوع، علماً أن أسهم "سوليدير" نالت حصة الأسد من النشاط بنسبة 93%.  

سوق سندات اليوروبوندز: تراجعت قليلاً أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية من 8.750-9.550 سنت للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق إلى 8.400 -9.200 سنت للدولار الواحد يوم الجمعة وسط عمليات جني للأرباح. وهي تقارن مع 6.000-6.750 سنت للدولار الواحد في 23 أيلول 2024، أي تاريخ بدء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، في إشارة إلى ارتفاع أسعار سندات الدين الحكومية بنسبة 38% في غضون شهر كامل. ومردّ هذا الارتفاع في الأسعار إلى أنّ المستثمرين الاجانب وجدوا بارقة أمل في التغيير الذي يمكن ان يطرأ على المشهد السياسي والاقتصادي في المدى المتوسط، وذلك بعد تجاوز التحديات الكبيرة القصيرة الاجل. ناهيك عن أنّ بعض المتعاملين رغبوا في شراء سندات الدين اللبنانية من أجل تعزيز موقعهم التفاوضي في المستقبل.