مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض
تكتسب فعاليات المؤتمر السنوي لـ"مبادرة مستقبل الاستثمار" في نسخته الثامنة، الذي انعقد في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رافعاً شعار "أفق لا متناهٍ... الاستثمار اليوم لصياغة الغد"، أهمية خاصة كأحد أهم الفعاليات الاقتصادية على مستوى العالم، معززاً مكانة المملكة العربية السعودية الرائدة، في ضوء مشاركة مميزة تضم أكثر من 7000 مشارك و600 متحدث عالمي من القادة ورواد الأعمال والمستثمرين وصناع القرار من مختلف القطاعات.
وتتضاعف أهمية المؤتمر في هذا العام لانعقاده عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومراقبة تداعيات تغيير القيادة في أكبر اقتصاد في العالم، ولدوره كمنصة فاعلة لمناقشة وتطوير حلول التحديات العالمية واستكشاف فرص النمو الاقتصادي وتعزيز التعاون الدولي وتبادل الأفكار المبتكرة، بما يسهم في بناء الجسور بين المستثمرين والمشاريع الواعدة، إضافة إلى دور المبادرة الحيوي في تعزيز مكانة السعودية كمركز اقتصادي عالمي، وبيئة الاستثمار المستدام والابتكار التكنولوجي في المنطقة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
توقيت حيوي
يجمع الخبراء الاقتصاديون على أهمية انعقاد فعاليات المؤتمر هذا العام، في توقيت يشهد تحديات ومتغيرات سريعة ذات انعكاسات سريعة ومباشرة على منظومة الاقتصاد العالمية، وأهميته على صعيد مضاعفة دور السعودية كبيئة استثمارية جاذبة ومتطورة على صعيد ساحة الاقتصاد العالمي.
يضيف الخبراء أن المشاركة المميزة التي شهدتها فعاليات هذا العام تساهم في بناء منصة فعالة نحو الخروج بحلول متطورة لمواجهة التحديات العالمية على الصعيد الاقتصادي، وبوصلة مهمة نحو استكشاف المزيد من الفرص الاستثمارية الجاذبة بمختلف القطاعات الاقتصادية، سواء على صعيد السعودية أو الاقتصاد العالمي، مع تسليط الضوء على أبرز المتغيرات المتوقعة خلال الفترات المقبلة وتداعياتها المباشرة وأبرزها أسعار الفائدة المنخفضة وتأثيرها على الأسواق، وأسعار النفط وتطورات الذكاء الاصطناعي.
أفق مفتوح
شهد هذا الحدث الذي يطلق عليه "دافوس الصحراء" عقد صفقات بقيمة 28 مليار دولار بعدما كان سجل صفقات بقيمة 125 ملياراً في السنوات السبع الماضية، إضافة إلى مناقشة موضوعات عدة، أبرزها دور أفريقيا في الاقتصاد العالمي، وتعزيز دور المرأة في المناصب القيادية، والاستقرار الاقتصادي والتنمية العادلة ومكافحة التغير المناخي، إلى جانب الذكاء الاصطناعي والابتكار والصحة والقضايا الجيوسياسية.
يؤكد الخبير الاقتصادي السعودي سالم باعجاجة لـ"النهار العربي" أهمية مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته الثامنة في الرياض، في ضوء المشاركة المميزة من القادة والرؤساء التنفيذيين وصانعي القرار، لمناقشة الاستراتيجيات اللازمة لمعالجة أكبر التحديات التي يواجهها العالم.
يضيف أن مشاركة 7000 مشارك و600 متحدث عالمي تضاعف أهمية الفعاليات هذا العام، "وتمكن القدرة على تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة وكذلك حلول لأسباب إرتفاع تكلفة المعيشة والتفاوت في الرعاية الصحية"، مؤكداً أن المؤتمر خلق منصة تفتح بدورها آفاق ومسارات للتقدم وهو ما يعنيه شعار هذا الحدث "أفق لا متناهٍ... الاستثمار اليوم لصياغة الغد".
ويشير إلى أن الملتقى يكتسب أهمية قوية على صعيد تعزيز دور السعودية كمركز اقتصادي عضو في مجموعة الثمانية الكبرى، وهو ما يجعل دورها بارز في المجموعة، متوقعاً تحقيق المؤتمر ناجحاً قوياً في جذب العديد من المستثمرين من دول العالم وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية الجاذبة أيضاً في السعودية، والتي تشهد تحولات وتطورات إيجابية على الصعيد الاقتصادي.
أحداث مهمة
وأعلنت المملكة عن شركة جديدة تستثمر ما لا يقل عن 10 مليارات دولار في تحويل السعودية إلى أكبر منتج عالمي للهيدروجين، وهو وقود منخفض الكربون يمكن أن يكون مفتاحًا لانتقال العالم بعيداً عن الوقود الأحفوري، إضافة إلى تسليط الضوء على عدد من المواضيع المهمة مثل الذكاء الاصطناعي، ما يضيف نحو 20 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030.
ويؤكد الخبير الاقتصادي السعودي على الحازمي لـ"النهار" أهمية توقيت إنعقاد المبادرة خلال فترة تشهد أوضاع جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط والتي تعد المسؤولة عن 40% من إمدادات النفط، إضافة إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي منذ جائحة كورونا.
يضيف: "الفعاليات التي انعقدت بالرياض ربما تمثل فرصة في ضوء تواجد صناع القرار من رؤوساء دول ورؤوساء شركات نحو تقريب وجهات النظر وصناعة الفرص الاستثمارية من أجل آفاق اقتصادية عالمية جيدة"، مشيراً إلى أن معدلات النمو الاقتصادي العالمي ليست متوازنة، ومثل هذه المؤتمرات تقرب وجهات النظر وتساهم في دعم الدول التي تحتاج إلى تنمية.
مكانة السعودية
اتساقاً مع ذلك، يقول الخبير الاقتصادي أنور القاسم لـ"النهار": "لا شك في أن السعودية استطاعت أن تتحول في السنوات الماضية إلى مركز إقليمي دولي للأعمال، بفضل تنويع مصادر الدخل والانفتاح على الأسواق الدولية"، مضيفاً أن مؤتمر مستقبل الاستثمار يستقطب المستثمرين من مختلف الدول، بدعم من الفرص التي توفرها رؤية 2030، والاستقرار المالي والاقتصادي الذي تنعم به المملكة، وهذا يدفع الكثير من الشركات في الغرب للتوجه إليها خلال المرحلة المقبلة.
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد المسيري لـ"النهار" إن "مبادرة مستقبل الاستثمار" ستتيح للمملكة استعراض رؤيتها الطموحة في تحقيق التنوع الاقتصادي وتطوير قطاعات حيوية مهمة، "فللمبادرة دور حيوي في دعم جهود المملكة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 بجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، ودعم الابتكار والتكنولوجيا، والترويج لقصص النجاحات المحققة في ذلك الإطار خلال الأعوام الأخيرة، كما تساهم في بناء شراكات دولية جديدة وتعزيز دور المملكة كقوة مؤثرة في القضايا الاقتصادية العالمية، مما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ويعزز مكانتها كوجهة جاذبة لرؤوس الأموال والمشاريع الرائد".