تعبيرية
يواصل الاقتصاد الإماراتي تسجيل طفرات قوية وأرقاماً استثنائية على صعيد تنويع مصادر الدخل ورفع نسب مساهمة القطاع غير النفطي خلال الأعوام الأخيرة، بدعم من تطبيق استراتيجية متكاملة ترتكز محاورها على تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتطوير قطاعات استراتيجية مثل التجارة، والسياحة، والخدمات المالية، والطاقة المتجددة، بخطى تدعمها دورها كمركز اقتصادي إقليمي وعالمي.
وعززت جهود الإمارات الفترات الأخيرة في تهيئة مناخ استثماري جاذب وترسيخ أسس ومعايير تحقيق التنمية المستدامة عبر التوسع الاستثماري في البنية التحتية، وتطوير القوانين والتشريعات، وتشجيع بيئة الابتكار وريادة الأعمال، وهو ما أثمر عن رفع نسب مساهمة القطاعات غير النفطية واستقطاب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، إضافة إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، ليخلق نموذجاً متكاملاً على صعيد تنوع الاقتصاد وتقليل تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد المحلي.
هذا ما تؤكده تصريحات صندوق النقد الدولي بشأن نجاح اقتصاد الإمارات من مواجهة صدمات عدة بداية بجائحة كورونا، وتحقيق نسب نمو مرتفعة، عبر زيادة الاعتماد على القطاع غير النفطي والذي يقود حالياً قاطرة النمو، بالإضافة إلى توقعات وكالة "إس آند بي جلوبال" للتصنيفات الائتمانية، بشأن استمرار النمو القوي لقطاع التمويل الإسلامي في الإمارات خلال الفترة المقبلة مدعوماً بالأداء القوي للاقتصاد غير النفطي.
طفرة قوية
بالنظر إلى المؤشرات، فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات نمواً بلغ 4% خلال الربع الأول من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لتصريحات عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد.
كما أكد أن التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام 2024، والصادرة عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، بلغ 430 مليار درهم، ليسجل نمواً ملحوظاً بنسبة 3.4% على أساس سنوي، مؤكداً أن الدولة تبنت بناء نموذج اقتصادي مبتكر يخدم رؤيتها المستقبلية، واستراتيجيات اقتصادية وطنية فعّالة، ركزت على تعزيز نهج الانفتاح والشراكات وتوسيع مجالات التنويع الاقتصادي، ودعم التحول نحو النموذج الاقتصادي الجديد القائم على التنوع والابتكار، بما يعزز الوصول إلى المستهدفات الاقتصادية لرؤية "نحن الإمارات 2031"، ومنها زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 3 تريليونات درهم بحلول العقد المقبل.
تنويع استراتيجي
تأكيداً على ذلك، يقول بلال شعيب، مدير مركز رؤية للدراسات، لـ "النهار" إن دولة الإمارات استطاعت تقديم نموذج اقتصادي قوي قائم على تنويع موارد الدخل عبر تحقيق طفرة وتطوير شامل في أغلب القطاعات.
يضيف أن الاستراتيجية المتبعة والتي تضمنت الاعتماد على القطاع الخاص بشكل كبير بالإضافة إلى التوسع في القطاعات التصنيعية القائمة على الموارد النفطية والتطوير الشامل في قطاعات السياحة والصناعات التحويلية، ساهمت بقوة في زيادة موارد الدولة غير النفطية بشكل كبير ومن ثم دعم معدلات النمو.
ويوضح أن نجاح الإمارات في استقطاب العديد من الشركات العالمية خلال الأعوام الأخيرة مثل أحد العوامل الهامة نحو دعم ونجاح استراتيجية دولة الإمارات الهادفة إلى تنويع مواردها وتحقيق تنمية مستدامة.
هذا، ويتفق الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي مع شعيب على نجاح دولة الإمارات في خلق اقتصاد متنوع قادر على مواجهة الأزمات والتحديات التي تشهدها منظومة الاقتصاد العالمي.
يقول الإدريسي لـ"النهار" إن التنوع الاقتصادي الحالي الذي يتمتع به الاقتصاد الإماراتي يعزز بقوة من الاستمرار في تحقيق معدلات نمو مستدامة في ضوء تنوع موارد القطاعات وزيادتها سواء قطاع السياحة والقطاع العقاري وغيره من القطاعات التي تشهد تطوراً.
ويشير إلى أن توجهات الإمارات أيضاً نحو دعم الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة مثلت عامل داعم بقوة نحو رفع معدلات النمو المحققة وتخلق استدامة ونموذج اقتصادي متكامل.
توقعات إيجابية
أبقى صندوق النقد الدولي على توقعاته بنمو إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بنسبة 4% في العام 2024، وأن ترتفع إلى 5.1% خلال العام القادم 2025.
هذا يتوافق مع توقعات البنك الدولي الإيجابية للاقتصاد الإماراتي، إذ توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.3% في عام 2024، على أن يتسارع بشكل ملحوظ إلى 4.1% في عام 2025.
وأكد البنك في تقرير حديث، عن المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "من المتوقع أن ينمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات بنسبة 2.5% في 2024، على أن يرتفع هذا النمو إلى 3.4% في عام 2025".