في إحصاءات شبه رسمية، تمكنت الشركات الناشئة المصرية من جمع تمويلات بقيمة 640 مليون دولار، واستحوذت على 95% من إجمال تمويلات الشركات الناشئة في شمال أفريقيا في عام 2023، ويضم قطاع الشركات الناشئة في القاهرة فقط أكثر من 2000 شركة ناشئة، وتتجاوز قيمة القطاع 8 مليارات دولار.
يقول محمد أبو خضرة، رئيس شركة "أبيفاي مصر" (Appify Misr) لدعم لشركات الناشئة وريادة الأعمال، لـ "النهار"، إن منطقة الخليج العربي تشهد نمواً متسارعاً في العديد من القطاعات، وتحديداً قطاع التكنولوجيا المالية، بدعم من الحكومات العربية للتحول نحو الاقتصاد غير النفطي. ويرى أن السوق السعودية أبلغ مثال على ذلك. ورغم ما تعانيه مصر من عدم استقرار في سعر الصرف، فإن السوق المصرية لا تزال رائدة في مجال التكنولوجيا، بدليل جولات التمويل التي تحصل عليها الشركات الناشئة المصرية رغم تقلبات الاقتصاد.
وفي ما يأتي نص الحوار:"أبيفاي مصر" استوديو للشركات الناشئة، لا حاضنة أعمال ولا مسرّعة أعمال. ماذا يعني هذا؟استوديوهات الشركات الناشئة (Startup Studios) تختار عدداً محدوداً من الشركات الناشئة (من 1 إلى 4 شركات في أقصى تقدير)، ثم يعمل معها من مرحلة البذرة حتى النضج، وهي مرحلة البحث عن التمويل، وهذا علمنا. وحاضنات الأعمال (Business Incubator) تعتمد على فكرة النهوض الجماعي بالشركات الناشئة بحيث تختار 10 شركات إلى 100 شركة، وتساعدها في مرحلة واحدة من مراحل النمو ثم تنتقل إلى مجموعة أخرى. أما ومسرّعات الأعمال (Business Accelerators) فتستهدف الشركات التي تبحث عن تمويل أو لديها مشكلات في النمو. حين تصير الشركة الناشئة قادرة على الحصول على التمويل الخاص بها، تنتهي مهمتنا.
ما النصائح التي تقدمها الى الشركات الناشئة عند التأسيس؟عليك البدء وخوض التجربة بعد دراسة السوق بعناية، ثم اكتشاف المشكلات، وهنا يأتي دورنا في دعمك بخبراتنا في مجال إدارة الأزمات وطرح الحلول العملية للوصول بالشركة إلى مرحلة النمو والنضج. والمثال على ذلك هو أن يأتي مستثمر ويطلب استشارة بشأن تأسيس شركة ملابس جاهزة للأطفال... الطبيعي أن يكون المستثمر هو الأكثر دراية بالسوق التي يستهدفها، لكن عندما يبدأ العمل بالفعل ويكتشف مشكلة مثلاً في تسويق المنتجات أو في الدخول إلى أسواق خارجية، هنا يكون المشروع بدأ بالنجاح، لأن معرفة العقبات والتحديات هي بداية النجاح الفعلي.
يظهر أصحاب رأس المال المغامر ويلتهمون الشركات الناشئة. لماذا؟لا يستحوذ مستثمر رأس المال المغامر على الشركات الناشئة بالكامل بل يطلب حصة حاكمة في الشركة (51% فأكثر)، لأنه لا ثقة تامة له في إدارة الشركة الناشئة، لذلك يريد أن تكون له اليد العليا في ذلك، وأنصح أصحاب رؤوس الأموال المغامرة بعدم خوض التجربة والاستثمار في شركة ناشئة لا يثقون في إدارتها.
لماذا اخترت السعودية لتؤسّس شركة ناشئة فيها؟السوق السعودية كبيرة، والمنافسة فيها أسهل. سوقها صاعدة مقارنة بأسواق أخرى ناضجة. وعندما تقبل على فتح شركة أو نشاط جديد في السعودية، تجد مساحة السوق واسعة ومعدلات نمو السوق كبيرة إلى جانب المزايا الضريبية التنافسية.
وهناك مثل يقول "حُسن السوق ولا حُسن البضاعة". اليوم، معدلات نمو الاقتصاد السعودي كبيرة، وتتوقع وزارة المالية السعودية أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 3.7 % بنهاية عام 2024، لترتفع إلى 4.6% في 2025.
ما سبب خروج الشركات الناشئة من مصر بعد مرحلة التأسيس؟استقرار العملة هو السبب الرئيسي اليوم لتفضيل رواد الأعمال والمستثمرين الأسوق الخليجية على السوق المصرية، إذ شهدنا في المرحلة الماضية انهياراً قياسياً لقيمة الجنيه المصري وعدم ثبات سعر الصرف، ما جعل الناس تتسابق لتوفير دخل بالعملة الأجنبية سواء الدولار أو اليورو أو الريال السعودي أو الدرهم الإماراتي، ليتمكن المستثمر من تحمّل تداعيات تعويم جديد أو تقلبات اقتصادية محتملة. كما نجد أن انقطاع الكهرباء المستمر في مصر سبب في هجرة شركات التكنولوجيا مثل سويفل (swvl) للنقل التشاركي، لكنه ليس السبب الرئيسي، لأن ما يهم شركات التكنولوجيا أكثر هو توفير مراكز البيانات المحمية القادرة على تحمّل الحوادث غير المتوقعة.
ما تقييمكم لسوق التكنولوجيا المالية في مصر؟في مصر أقوى شركات تكنولوجيا مالية في المنطقة، مثل فوري (Fawry)، ولدينا رواد أعمال ناجحين ومتألقين محلياً وإقليمياً، لكن حتى الآن لم يُصدر البنك المركزي رخصاً للبنوك الرقمية حتى يجري التوسع في شركات التكنولوجيا المالية، رغم أن أبّل باي (Apple Pay) حصلت على رخصة لمزاولة نشاط المدفوعات الرقمية، لكنها حتى الآن لم تعمل في مصر.
أتوقع أن تنتعش السوق المصرية بالشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، في ظل اهتمام حكومي بهذه الفئات من الاستثمار، وتنامي التكنولوجيا المالية وتطور الاتصالات في مصر.
ما هي الأسواق العربية الواعدة في مجال الشركات الناشئة؟بخلاف الإمارات والسعودية ومصر، أرشّح بقوة سوق سلطنة عُمان، لأنها لا تزال بكراً وفيها فرص استثمارية بمليارات الدولارات. كما يمتاز الاقتصاد العُماني بالاستقرار وثبات سعر الصرف، وهذه أهم نقطة يهتم بها المستثمر الأجنبي. ومن الأسواق الواعدة أيضاً السوق الكويتية.