تربط الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك ودونالد ترامب علاقة معقدة ومفيدة لكلا الطرفين، تتسم بتداخل المصالح وتبادل الدعم السياسي والاقتصادي. هذه العلاقة أصبحت أكثر وضوحًا مع فوز ترامب بانتخابات الرئاسة وارتفاع أسهم شركة تسلا بنسبة 14.2% إلى 287 دولارات في العقود الآجلة على مؤشر ناسداك، في تداولات ما قبل جلسات التداول، مما يعكس ثقة المستثمرين في تزايد قوة العلاقة بين ماسك وترامب وتأثيرها على مصالح تسلا ومشروعاتها المستقبلية.
أحد أبرز الأسباب التي تجعل ماسك يستفيد من فوز ترامب هو إمكانية الدعم المباشر وغير المباشر لقطاع السيارات الكهربائية الذي تقوده تسلا. رغم أن ترامب قد أعرب عن تردد حيال دعمه المباشر للسيارات الكهربائية، إلا أن سياسته التي تشمل فرض رسوم جمركية مرتفعة على السيارات الكهربائية الصينية تفتح لتسلا مجالًا كبيرًا للنمو داخل السوق الأميركي. هذه الخطوة تقلل من المنافسة الخارجية، وتدعم الشركة في تثبيت مكانتها في السوق.
من جهته شرح استراتيجي الأسواق المالية، جاد حريري، في حديثه لـ"النهار" أنّ "إيلون ماسك يعدّ من أكبر الداعمين لحملة دونالد ترامب الانتخابية، وذلك لأسباب اقتصادية وسياسية. حيث يعتمد كل رئيس على توجه اقتصادي معين، وترامب يتبنى سياسات اقتصادية تشمل خفض الضرائب ورفع التعريفات الجمركية، حيث فرض رسومًا على العديد من السلع المستوردة خصوصا الصينية منها، مما يعزز الصناعة والإنتاج المحليين بشكل إيجابي".
وبما أن ترامب لديه طموحات لإعادة الولايات المتحدة إلى سباق تكنولوجيا الفضاء، الذي تأخرت فيه منذ عام 1992، حيث أن الصين وروسيا قادتا هذا السباق، وأصبحت الولايات المتحدة في حاجة ماسة للعودة. هنا، يظهر ماسك كشريك مثالي من خلال شركته سبيس إكس، التي تعد في طليعة الشركات الخاصة في قطاع الفضاء. من المتوقع أن يُقدّر سعر سبيس إكس بين 60 و80 مليار دولار، وربما أكثر من 100 مليار دولار في السنوات المقبلة. هذا الدعم المستمر من الحكومة الأميركية لأبحاث الفضاء والعودة إلى السباق قد يمنح ماسك فرصًا غير مسبوقة للتوسع وتحقيق نجاحات جديدة مع سبيس إكس، مما يعزز أيضًا ثقة المستثمرين في تسلا كمؤشر على رؤية ماسك البعيدة.
مشروعات تسلا المستقبلية وتعزيز الاستقرار الماليبالإضافة إلى المشروعات الحالية، لدى تسلا خطط لتنفيذ مشروعات مبتكرة مثل تطوير الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة، وهي تطورات تعزز مكانة الشركة في السوق على المدى المتوسط والطويل. مع تخفيض تسلا لتكاليف الإنتاج، وهو تحدٍ كان يشكل عائقًا أمام ربحية الشركة، يبدو أن الشركة أصبحت أكثر استقرارًا في الأسواق، مما يجعلها قادرة على الاستفادة من سياسات ترامب الداعمة.
ولفت حريري إلى "أننا نرى حاليًا، توجهاً كبيراً نحو النفط والسيارات الكهربائية وكل ما يتعلق بالطاقة النظيفة، التي تعتبر مشروع المستقبل الأساسي. فيما ماسك، الذي يلعب دورًا كبيرًا في إنتاج السيارات الكهربائية، يستفيد من سياسات ترامب الاقتصادية. فخفض الضرائب يزيد من أرباح الأثرياء، كما أن رفع التعريفات الجمركية يشجع على مبيعات المنتجات المحلية، مثل سيارات تسلا، مما يقلل من الإقبال على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين".
وعن قانون خفض التضخم، الذي تم إقراره عام 2022، والذي يهدف إلى تقديم إعانات لشركات مثل جنرال موتورز وفورد، التي تُعد من كبار المنافسين لتسلا قال حريري "يبدو أن هناك اتفاقاً بين ترامب وماسك يقضي بإلغاء هذه الإعانات، مما يصب في مصلحة تسلا ويزيد من مبيعاتها وإنتاجها للسيارات الكهربائية، لتتفوق بذلك على شركات مثل جنرال موتورز وفورد. وبالفعل، عند انتخاب ترامب، قفزت أسهم تسلا بنحو 14%".
دور ماسك المحتمل في الإدارة الأميركية الثانية لترامبكشف ترامب عن خطط لتعيين ماسك كرئيس للجنة كفاءة حكومية تهدف إلى الحد من الهدر في الإنفاق الفيدرالي، وهي مبادرة طرحها ماسك نفسه، وتلقى عليها دعمًا كبيرًا من ترامب. هذا الدور يُعزز من نفوذ ماسك في الساحة السياسية الأميركية، ويمنحه فرصة للمساهمة في رسم السياسات التي تؤثر على قطاع التكنولوجيا والابتكار. وإذا ما تحقق هذا التعاون، قد يتمكن ماسك من توسيع نفوذه ليصبح لاعبًا مؤثرًا على مستوى السياسة وصنع القرار، بما يخدم مصالحه الاقتصادية والشخصية.
من الناحية السياسية، يُعتقد أن ماسك يسعى لتعزيز مكانته داخل الأوساط الجمهورية، بحسب حريري، الذي اعتبر أن ّ "دعم ماسك لحملة ترامب يعتمد بشكل كبير على الأهداف الرئيسية، مثل خفض الضرائب ورفع التعريفات الجمركية وإلغاء قانون خفض التضخم. إذا تحققت هذه التوجهات، فمن المتوقع أن تجني استثمارات ماسك في حملة ترامب ثمارها خلال أيام أو أسابيع".
يبدو أن العلاقة بين ماسك وترامب تتجاوز مجرد الدعم السياسي، إلى شراكة محتملة تؤثر على مسار التكنولوجيا والسياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة. فوز ترامب يشكل فرصة مهمة لماسك لتعزيز مشروعاته، سواء في قطاع السيارات الكهربائية أو الفضاء، فضلًا عن توسيع دوره كمؤثر في السياسة الأميركية، مما قد يفتح آفاقًا جديدة لشركاته.