النهار

الأزمة الأسوأ على قطاع المطاعم... صمود موقت أم إقفال تام!
كارلا سماحة
المصدر: "النهار"
الأزمة الأسوأ على قطاع المطاعم... صمود موقت أم إقفال تام!
مطاعم مقفلة في بيروت.
A+   A-

يعاني قطاع المطاعم في لبنان من شلل كبير منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد، واستهداف العاصمة بيروت ومناطق لبنانية مختلفة. كان هذا القطاع يحاول الصمود والنهوض مجدداً بعد سلسلة الأزمات التي عصفت بلبنان، بدءاً من ثورة 17 تشرين الثاني 2019، إلى جائحة كورونا، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، فأتت الحرب لتعيد عقارب الساعة إلى الوراء ولتقلب الأمور رأساً على عقب.

مطاعم بيروت فارغة

تجول في وسط بيروت، الذي كان يعجّ برواد السهر والمطاعم والملاهي، فتجده اليوم صامتاً، يناجي الأمل والحلم في الصمود، على وقع مطاعم مغلقة وأخرى باتت مشلولة، لكنها تبقي أبوابها مفتوحة بالرغم من الخسائر، علّ الغيمة السوداء تمرّ قريباً.

 

تحدثت "النهار" إلى مديري بعض المطاعم في العاصمة، الذين ينتظرون "الزبون من غيمة"، على حد تعبير أحدهم، فبدت نظراتهم قاتمة إلى واقع ومستقبل هذا القطاع.

 

يقول غسان، مدير مطعم le petit cafe في بيروت، إن "هذه المنطقة في ميناء الحصن قبل الحرب كانت معروفة جداً، وكانت تعجّ دائماً بالزبائن، أما بعد الحرب فتغيرت كل المعايير، إذ تراجعت الحركة بنسبة تفوق الـ 90 في المئة من جهة؛ وأنواع الزبائن تغيّرت مع سفر عدد كبير من اللبنانيين أو انتقالهم إلى مناطق أكثر أمناً بعيداً عن بيروت".


 


 

من جهتها، قالت مديرة أحد المطاعم في الجميزة (فضّلت عدم ذكر اسمها) إن "الأصوات التي تُسمع في هذه المنطقة قوية جداً، والحركة تأثرت كثيراً، وهذا ما دفع عدداً كبيراً من المطاعم إلى إغلاق أبوابها في الجميزة؛ وبعض هذه المطاعم كانت قد فتحت أبوابها منذ أقلّ من عام فقط". وتمنّت أن يتحسّن الوضع قريباً كي يبقوا صامدين.

 

أما مايا (مديرة مطعم boho في الأشرفية) فاعتبرت أن "الوضع لم يعد يحتمل، ولم نعد نستطيع الصمود لفترة أكثر من شهرين، بسبب التكاليف المرتفعة في الإيجارات ورواتب الموظفين وغيرها، وهذا ما سينهك هذا القطاع في الفترة المقبلة".

 

"المشهد وحده يكفي"

 

 

 

عام 2023، شهد هذا القطاع نمواً ملحوظاً، حين افتُتح أكثر من 300 مطعم ومقهى. ومع بدء الحرب، وفتح "حزب الله" جبهة إسناد غزة، بدأ قطاع المطاعم والقطاع السياحي بمجمله يتكبّد خسائر فادحة مع تراجع الحركة بنسبة 90 في المئة.

 

في هذا الإطار، حاولت "النهار" الاتصال بالأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي لأخذ تعليقه على واقع القطاع السياحي اليوم على وقع الحرب المستمرة، إلا أنّه فضّل عدم التعليق، واكتفى بالقول بحزن شديد "ما في شي نحكي بقى قدام اللي عم يصير، المشهد لحاله بيكفي".

 

 

 

وعن واقع قطاع المطاعم، أوضحت مايا نون، عضو مجلس إدارة نقابة أصحاب المطاعم، أن "العام 2023 شهد نهوضاً وازدهاراً في هذا القطاع، كما أن عدداً من المطاعم قرر فتح أبوابه مجدداً بعد الإقفال إثر انفجار مرفأ بيروت وبعد جائحة كورونا، ولكن منذ بدء حرب إسناد جبهة غزة في الثامن من تشرين الأول لاحظنا جموداً في بعض البلدات، وتراجعاً في المبيع بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40 في المئة، حتى في المناطق السياحية المهمة مثل البترون وجبيل وغيرها".

 

وتابعت في حديث لـ"النهار" أن "أول ضربة شُنّت على الضاحية أدت الى شلل مباشر في قطاع المطاعم، خصوصاً أن عدداً كبيراً جداً من الذين كانوا في لبنان قد غادروا بسرعة متخوّفين من تأزّم الوضع، ومن فرضيّة إقفال مطار بيروت الدولي، كما أنّ آخرين غادروا بيروت على اعتبار أنها لم تعد آمنة. وحدها محالّ السناك والدليفري لا تزال تعمل إلى حدّ ما لتلبية طلبات النازحين واللبنانيين الذين يخافون التجوال".

 

وقالت نون إن "الكارثة الحقيقية على هذا القطاع حلّت في شهري أيلول وتشرين الأول، حين أغلقت أبواب أكثر من 70 في المئة من المطاعم في بيروت، منها بشكل نهائيّ، ومنها بشكل موقت، ريثما تهدأ الأوضاع؛ وقررت بعض المطاعم الصمود لفترة وجيزة. لكنه من غير المعلوم إلى متى ستصمد، خصوصاً مع وجود مصاريف ثابتة تُدفع شهرياً كالإيجارات والرواتب ومستلزمات المطعم اليومية".

 

 

 

ومع انتشار مشاهد لكثافة الزبائن في مطاعم المتن الساحلي وأعاليها وكسروان وجبيل، أوضحت نون بأن "هذا لا يعدّ مؤشراً على الإطلاق لواقع هذا القطاع ولوضع البلد ككل، فقطاع المطاعم في لبنان تراجع بنسبة عالية جداً، كما تراجعت القدرة الشرائية، والخوف اليوم مستمرّ، خصوصاً إذا طالت الحرب، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، ونسف موسم الأعياد".

 

 

ومن الانعكاسات السلبية على القطاع المطعميّ أيضاً ازدياد الطلب في الآونة الأخيرة على الرحلات لمغادرة لبنان، إذ غادر الكثير من اللبنانيين ومن الرعايا إلى الخارج، من الذين كانوا يساهمون بتحفيز الحركة السياحية وقطاع المطاعم، فيما الطائرات العائدة تكون في أغلب الأحيان شبه فارغة، ولا تتعدى نسبة إشغال الطائرة الـ10 في المئة.

هذا الفراغ الذي يملأ كل شيء نتيجة تراكم الأزمات، يثق اللبنانيون بأنه سيزول، وبأن القطاعات كافة ستعود إلى النهوض مجدّداً؛ فبيروت "ست الدنيا"، بالرغم من الحروب والأزمات، وهي تهتزّ ولا تقع، ومعها لبنان كله.

 

 

 

 

 

 

 

 

اقرأ في النهار Premium