يُشكل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ منصة هامة وركيزة أساسية لبحث آخر المستجدات على صعيد التحديات البيئية والتغيرات المناخية، فضلاً عن دوره الحيوي في تقييم التقدم المحرز في تحقيق الأهداف البيئية، بما يسهم في تعزيز الالتزام الدولي نحو تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحقيق الحياد الكربوني.
وتتضاعف أهمية مؤتمر المناخ في ضوء تسارع وتيرة الأحداث والتحديات المناخية، لبحث فرص تعزيز حلقات التواصل بين الدول المتقدمة والنامية، ومن أجل وضع سياسات ومعايير عالمية للحد من التأثيرات السلبية للاحتباس الحراري، ومناقشة قضايا حيوية تتعلق بالتمويل المناخي، التكنولوجيا النظيفة، الزراعة المستدامة، وتحقيق التنمية المستدامة، بهدف الوصول إلى حلول عملية وتعاون دولي فعّال لمكافحة تغير المناخ.
ويعقد العديد من الدول آمال عريضة على فعاليات الدورة الـ29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29)، المقرر عقدها في أذربيجان، في الفترة من 11 إلى 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، في وضع مزيد من السياسات البيئية العالمية وتسريع العمل من أجل معالجة أزمة المناخ وبحث تحديات التمويل.
قضايا رئيسية
وفي ضوء التطورات الأخيرة على صعيد أزمات المناخ، يتوقع عدد من الخبراء في تصريحات لـ"النهار" أن تفرض 4 قضايا رئيسية وجودها على ساحة المناقشات خلال فعاليات الدورة الحالية والتي تقام تحت " شعار "الاستثمار في كوكب صالح للعيش للجميع".
أضاف الخبراء أن تلك القضايا تتمثل في المشاكل والتحديات التمويلية التي تواجه سبل مواجهة التحديات المناخية، بحث تطبيق سياسات إلزامية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
بالإضافة إلى تعزيز أوجه الشراكات الداعمة نحو التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وأخيراً استعراض عدد من تجارب الدول النامية فيما يتعلق بمشروعات قابلة وجاذبة للتمويلات المختلفة.
وتعقيباً على ذلك، يؤكد الدكتور سمير طنطاوي، استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة وعضو الهيئة الدولية لتغير المناخ في تصريحات لـ"النهار العربي" أن الدورة الحالية من المؤتمر تأتي في ظل تحديات دولية واضطرابات سياسية تتمثل في صراعات إقليمية وحروب مما يزيد من حالة الترقب تجاه ما ستسفر عنه نتائج هذه الدورة.
أضاف أن الدورة الحالية تشهد عدد من القضايا المرتقبة أبرزها ترقب الدول النامية التي تطمح في التوصل لقرار بشأن التمويل المناخي وتحديد هدف كمي واضح المصادر والأرقام، وهو ما يصطدم بالتحديات وتعرض اقتصاديات بعض الدول المؤثرة لعراقيل يتمثل بعضها في تمويل حروب ودعم أطراف على حساب أطراف أخرى.
وأشار إلى أن الدول النامية تتطلع أيضاً إلى تفعيل كامل لصندوق الخسائر والأضرار وبحث آلية الاستفادة من مصادر تمويله، فضلاً عن تسليط الضوء على مدى قدرة الدول النامية على صياغة مشروعات قابلة وجاذبة للتمويل.
توقعات ومستهدفات
هذا ويتيح مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) المئات من الفعاليات على هامش المؤتمر، وفرص للحوار بين ناشطين وعلماء وجماعات ضغط ناشطة في مجال مكافحة تغير المناخ وكبار مسؤولي القطاع المصرفي.
وتأمل قمة هذا العام في التوصل إلى عدد من الاتفاقيات الهامة، ترتبط بالتعهد بمزيد من المساعدات المالية للدول المتضررة بالفعل من كوارث مناخية مكلفة، والتوصل إلى اتفاقات فنية تستند إلى ما تم إنجازه في مؤتمرات القمة السابقة.
وفي السياق ذاته، يعتبر الدكتور تحسين شعلة، الخبير في التكنولوجيا الحيوية البيئية، لـ"النهار" الدورة الـ29 من المؤتمر الأكثر تأثيرًا وتحديًا بين قمم المناخ السابقة، لاسيما في ظل عدم قدرة المجتمع الدولي حتى الآن من الحد من الأنشطة الضارة واستمرار الفوضى المناخية والكوارث الناجمة عنها.
أضاف أن فعاليات القمة الحالية تتطلب التركيز على عدة قضايا ممثلة في تمكين الدول من اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة التغيرات المناخية وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ضرورة بحث إطار العمل على تأمين تريليونات الدولارات للدول النامية لمساعدتها في التكيف مع آثار تغير المناخ والتخفيف من انبعاثات الكربون.
أشار إلى أن القضايا تتضمن أيضاً ضرورة التوصل إلى خطة مشتركة لمواجهة تغير المناخ، مع التركيز على منع ارتفاع درجات الحرارة العالمية ومساعدة المتضررين على التكيف وإعادة بناء حياتهم، بالإضافة إلى تقييم تقدم الدول في مواجهة تغير المناخ ومناقشة القضايا المتعلقة بإصلاح الهيكل المالي الدولي التي تم تناولها في قمة المستقبل السابقة.
وأوضح أن ملف التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري والتحول الكامل إلى الطاقة الجديدة والمتجددة يعتبر من القضايا الهامة الواجب تسليط الضوء عليها والمعقدة التي ستواجه تحديات كبيرة خلال المناقشات، خاصة من الدول التي يعتمد اقتصادها بشكل كامل على الوقود الأحفوري.