النهار

البطالة العربية: تحديات متفاقمة تستدعي حلولاً سريعة
المصدر: النهار
تعدّ معدلات البطالة والفقر من أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول العربية اليوم. ففي ظلّ التحديات الاقتصادية، والصراعات السياسية، وتراجع التنمية المستدامة، تبرز مشكلة البطالة والفقر بشكل ملحوظ. وتعتمد معدلات البطالة على العديد من العوامل المتداخلة، بما في ذلك هيكلية الاقتصاد، ومدى تنوعه، وقدرته على استيعاب العمالة المتزايدة.
البطالة العربية: تحديات متفاقمة تستدعي حلولاً سريعة
البطالة في الدول العربية_120223.jpg
A+   A-

باولا عطية 

 

تعدّ معدلات البطالة والفقر من أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول العربية اليوم. ففي ظلّ التحديات الاقتصادية، والصراعات السياسية، وتراجع التنمية المستدامة، تبرز مشكلة البطالة والفقر بشكل ملحوظ. وتعتمد معدلات البطالة على العديد من العوامل المتداخلة، بما في ذلك هيكلية الاقتصاد، ومدى تنوعه، وقدرته على استيعاب العمالة المتزايدة.

 

نسب متفاوتة

وفق آخر الإحصائيات الصادرة عن موقع "تريدينغ إيكونوميكس" الاقتصادي في آذار (مارس) 2024، سجلت معدلات البطالة تفاوتًا كبيرًا بين الدول العربية، حيث تأتي قطر في أدنى المعدلات بنسبة 0.1%، فيما تتصدر فلسطين القائمة بنسبة 35.2%. وهذا التفاوت يشير إلى اختلافات واضحة في سياسات العمل والاستقرار الاقتصادي بين الدول.

 

فيما يلي معدلات البطالة في عدد من الدول العربية من الأدنى إلى الأعلى:

1. قطر: 0.1%

2. عمان: 1.5%

3. الكويت: 2.1%

4. الإمارات: 2.95%

5. السعودية: 3.5%

6. البحرين: 5.5%

7. جزر القمر: 5.7%

8. مصر: 6.5%

9. موريتانيا: 10.63%

10. لبنان: 11.7%

11. الجزائر: 11.8%

12. المغرب: 13.1%

13. سوريا: 13.5%

14. العراق: 15.6%

15. تونس: 16%

16. اليمن: 17.53%

17. ليبيا: 18.5%

18. السودان: 20.8%

19. الأردن: 21.4%

20. جيبوتي: 27.9%

21. فلسطين: 35.2%

 

فجوات وظيفية

يتوقع تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية أن يبقى معدل البطالة في المنطقة مرتفعاً عند 9.8% في عام 2024، أي في أعلى من مستويات ما قبل جائحة كوفيد، وهذا يعكس عوامل مختلفة تؤثر في أسواق العمل في المنطقة، مثل التجزئة وعدم الاستقرار السياسي والصراعات والأزمات الاقتصادية وضعف القطاع الخاص والضغوط الديموغرافية. ويلفت التقرير إلى انقسام في دول الخليج العربي بين المواطنين والمهاجرين، وبين القطاعين العام والخاص.

وفي عام 2023، قدرت منظمة العمل الدولية أن 17,5 مليون شخص في المنطقة يريدون العمل، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على وظيفة، ما أدى إلى معدل فجوة وظائف بنسبة 23.7%. ويوضح الدكتور خالد رمضان، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، لـ "النهار" أن معدلات البطالة بين الشباب في العديد من الدول العربية "وصلت إلى مستوى حرج للغاية، فهي أسوأ من سنوات ما قبل جائحة كورونا"، ويرى في ذلك "انتكاسة كبيرة لجهود التوظيف في هذه الدول، باستثناء دول الخليج المنتعشة على مستوى النمو وسوق العمل، وبالتالي يسجل الخليج أكبر انخفاض في البطالة بين الشباب العربي، بل إن سوق العمل الخليجية تستقطب ملايين الشباب العرب بشكل متزايد، رغم تتابع موجات توطين الوظائف في الدول الخليجية، ودعوات بعض المواطنين الخليجيين لترحيل بعض الوافدين، من منطلق أن المواطن أولى بالوظيفة من المقيم، خصوصاً إذا كان مؤهلاً في سوق العمل".

يضيف رمضان: "ضعف النظام التعليمي في معظم الدول العربية، وعدم توافق مهارات الخريجين مع سوق العمل، أدى إلى تفاقم معدلات البطالة في المنطقة العربية"، لافتاً إلى أن معظم مناهج الجامعات العربية تفتقد المرونة المطلوبة لمواكبة سوق العمل، "وفي ظل ازدياد بطالة خريجي الجامعات العربية، فإن التحدي الرئيسي يكمن في سد الفجوة بين ما ندرسه، وما نحتاجه"، مشيراً إلى أن "أزمة اللاجئين في المنطقة العربية تشكل تهديداً خطيراً لسوق العمل، حيث يتطلب الأمر إيجاد وظائف إضافية لهؤلاء اللاجئين".

وفي حين تعتبر سوريا أكبر مَصدر للاجئين في العالم، فإن لبنان والأردن من الدول الرئيسية المتلقية للاجئين، حيث يستضيفان أكبر عدد منهم بالنسبة إلى عدد السكان في العالم. ويواجه اللاجئون صعوبات في العثور على وظائف في البلدان المضيفة، فينافسون المواطنين على العمل، ويلجأ كثيرون إلى العمل غير النظامي.

 

رفعت يدها

بحسب رمضان، تجذرت إشكالية البطالة العربية على مدى عقود، "فأدت إلى زيادة الاعتماد على العمالة المؤقتة، مع اتساع الفجوة بين عدد الخريجين وعدد الوظائف المتاحة، نتيجة الأزمات الاقتصادية المتراكمة، ورفع الكثير من الحكومات يدها عن مسألة توظيف الخريجين، بمعنى أن الحكومة تعلم في المدارس والجامعات لكنها ليست ملزمة بالتوظيف، وبالتالي تم رفع التكليف الحكومي عن العديد من الوظائف، حتى في بعض التخصصات العملية"، وهذه برأيه رسالة واضحة من الحكومات تؤكد ضرورة توجه الشباب المحروم من الوظيفة الحكومية إلى القطاع الخاص أو إلى إطلاق مشروعات خاصة. ويطالب رمضان الدول "برسم خطط واضحة وسهلة التطبيق، واتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتمويلها".

إلى ذلك، يعمل أكثر من نصف العمال في وظائف غير نظامية وغير آمنة، من دون حماية اجتماعية ومن دون العديد من المزايا الأخرى. وفي عام 2023، أثر الفقر على 7,1 ملايين عامل، أو 12.6% من إجمالي القوى العاملة، بحسب تقرير منظمة العمل الدولية.

من جهة أخرى، يعدّ الاعتماد على الاقتصادات الريعية وضعف التنوع الاقتصادي من أبرز أسباب تفاقم معدلات البطالة في الدول العربية، إذ تعتمد بعض الدول على صادرات النفط والغاز، ما يجعل اقتصاداتها عرضة لتقلبات أسعار النفط. وهذا الوضع يؤثر سلبًا على قدرة الدول على خلق فرص عمل جديدة، ويزيد من هشاشة أسواق العمل.

 

حلول ممكنة

للتغلب على هذه التحديات، على الدول العربية اتخاذ خطوات فاعلة تشمل:

أولاً، تنويع الاقتصاد، من خلال تعزيز الصناعات التحويلية، والاستثمار في القطاعات غير النفطية مثل التكنولوجيا والزراعة والخدمات المالية. وهو ما بدأت بعض الدول في تطبيقه كالسعودية في "رؤية 2030"، والإمارات في رؤية "نحن الإمارات 2031".

ثانياً، تطوير التعليم بتحسين أنظمته وتوفير التدريب المهني الذي يتناسب مع احتياجات سوق العمل الحديث لتعزيز فرص التوظيف. 

ثالثاً، تحفيز العمل اللائق بتعزيز السياسات التي تدعم استحداث فرص عمل لائقة تتمتع بالأمان الاجتماعي، لضمان بيئة عمل مستقرة ومنتجة. 

رابعاً، تطبيق سياسات الاقتصاد الأخضر، فالاستثمار في هذا الاقتصاد يساهم في استحداث فرص عمل جديدة، كما يدعم التنمية المستدامة. 

خامساً، إصلاح سوق العمل بتحسين التوسط بين العرض والطلب، من خلال تحسين المعلومات عن فرص العمل المتاحة، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية.

 

اقرأ في النهار Premium