الرباط: كريم السعدي
أصدرت محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ، اليوم الجمعة، قرارًا لصالح انفصاليي جبهة البوليساريو، بإبطال اتفاقين تجاريين مبرمين بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.
يعود هذان الاتفاقان لعام 2019، ويتعلقان بالصيد والزراعة. وقد أبرما، حسب قرار المحكمة، في "تجاهل لمبادئ تقرير المصير" لما أسمته "الشعب الصحراوي".
لكن المحكمة اعتبرت أنه حتى لو تم استطلاع آراء سكان الصحراء، المستعمرة الإسبانية السابقة التي استرجعها المغرب عام 1975 بواسطة المسيرة الخضراء السلمية، التي سيجري في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل تخليد ذكراها الخمسين في المغرب، فإن ذلك لم يكن ليعني موافقتهم.
وكان من الممكن الأخذ بهذه الموافقة لو كان تطبيق هذين الاتفاقين قد أعطى "فوائد محددة وملموسة وجوهرية"، وهو ما لم يتحقق، وفق ما أفادت به المحكمة.
نتيجة لذلك، تم رفض طلبات إلغاء قرار المحكمة الأوروبية المتخذ في المحكمة الابتدائية عام 2021، حيث كانت المحكمة قد ألغت آنذاك الاتفاقين التجاريين المبرمين بين الاتحاد والمغرب.
تجدر الإشارة إلى أن قرار المحكمة الصادر الجمعة ليس له أي عواقب على المدى القصير، إذ أن مدة اتفاق الصيد انتهت في تموز (يوليو) 2023، فيما مددت المحكمة لمدة سنة اعتبارًا من الجمعة تطبيق الاتفاق المتعلق بالمنتجات الزراعية.
وفي قرار آخر، طلبت محكمة العدل الأوروبية أن تذكر العلامات التجارية للبطيخ الأصفر (الشمام) والطماطم التي يتم إنتاجها في منطقة الصحراء ، وليس المغرب كبلد المنشأ.
وكانت الكونفدرالية الفلاحية الفرنسية ، وهي نقابة زراعية، قد طلبت من فرنسا حظر استيراد البطيخ الأصفر والطماطم التي تزرع في أراضي الصحراء الغربية المغربية وتحمل علامة تجارية تشير إلى أن مصدرها المغرب.
ووافقت المحكمة على ذلك، معتبرة أنه في هذه الحالة يجب ذكر "الصحراء الغربية" وليس المغرب.
ويرى مراقبون أن قرار المحكمة الأوروبية سيخلق واقعًا جديدًا داخل منظومة الاتحاد الأوروبي بالتقاطع مع هذين الاتفاقين ، وذلك ضمن منظومة أوسع لاتفاق الشراكة المتقدمة بين الرباط وبروكسل ، إذ أن المتضرر الرئيسي في نظرهم ليس المغرب، بل إسبانيا وفرنسا، وبدرجة أقل دول أوروبية جنوبية أخرى. ذلك أن النتيجة ستكون سلبية بدرجات مؤثرة على قطاع الصيد البحري في البلدين، كما سيكون لها تأثير على جزء من منظومة تزويد أسواق هذه الدول بالمنتجات الزراعية المغربية.
ويسود اعتقاد واسع في الرباط أن قرار المحكمة الأوروبية يمنح المغرب حرية أكبر لتعزيز شراكاته مع أسواق خارجية مهمة مثل روسيا والصين وبريطانيا وأميركا وكندا.
أما سياسيا، فإن قرار المحكمة الأوروبية يعيد الأجواء إلى ما كانت عليه في سنة 2015، حين اتخذت المحكمة ذاتها قرارًا ابتدائيًا سلبيًا بشأن الاتفاقية المبرمة مع المغرب. لكن الفارق الكبير هو أن السياق السياسي المحيط بقضية الصحراء في 2024 يختلف تمامًا عن ذاك الذي كان سائدا في تلك الفترة ، حيث حقق المغرب اختراقات كبيرة، من بينها اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء واتخاذ إسبانيا وفرنسا ودول أوروبية اخرى مواقف مساندة لوحدة التراب المغربي.