النهار

بعد سنة على حرب غزة.. اقتصادات دول الطوق في خطر!
تتجاوز تداعيات الحرب في غزة حدود القطاع، لتلحق أضراراً اقتصادية فادحة بمنطقة الشرق الأوسط، وتزيد من معاناة شعوبها وسط تدهور اقتصادي غير مسبوق
بعد سنة على حرب غزة.. اقتصادات دول الطوق في خطر!
حي مدمّر في غزة (أ.ف.ب)
A+   A-

بعد عام على 7 أكتوبر، تتصاعد الحرب في غزة، وتتزايد معها تداعياتها التي تتجاوز حدود القطاع إلى منطقة الشرق الأوسط برمتها، خصوصاً بعد اتساع رقعتها لتطال خطوط النقل البحري في البحر الأحمر، تاركة آثاراً سلبية على اقتصادات المنطقة.

 

وبحسب دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بداية هذا العام، توقع أن ترتفع التكلفة الاقتصادية للحرب الإسرائيلية على غزة وعلى الدول العربية المجاورة كالأردن ومصر ولبنان، إلى ما لا يقل عن 10 مليارات دولار في عام 2024، أي ما يعادل 2.3 في المئة من الناتج المحلي لهذه الدول، وتدفع أكثر من 230 ألف شخص إلى براثن الفقر. 

 

إلا أن هذه الأرقام بُنيت على توقع انتهاء الحرب في خلال 6 أشهر، أي في النصف الأول من عام 2024، بحسب المحللة المالية ماري سالم، التي قالت لـ"النهار": "مع امتداد الحرب، متوقع أن تتضاعف هذه الأرقام، خصوصاً أنها جاءت في ظلّ ظروف اقتصادية هشّة في لبنان والأردن ومصر"، لافتاً إلى أن "إسرائيل هي الخاسر الأكبر، بينما تقاس خسارة الفلسطينيين الكبرى بالأرض والبشر".

 

فلسطين

أفاد البنك الدولي أن الأراضي الفلسطينية تواجه "سقوطاً اقتصادياً حراً" بعد 11 شهراً من الصراع في الشرق الأوسط، وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة.

 

ارتفع التضخم في غزة إلى 250% نتيجة التصعيد المستمر منذ عام. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأراضي الفلسطينية بنسبة 35% في الربع الأول من عام 2024، وهو أكبر انكماش اقتصادي تشهده المنطقة. شهد اقتصاد غزة انكماشاً بنسبة 86%، مما قلّص حصته في الاقتصاد الفلسطيني من 17% إلى أقل من 5%. أما الضفة الغربية فقد شهدت انكماشاً بنسبة 25% في نفس الفترة، مع تراجع قطاعات التجارة، الخدمات، البناء، والتصنيع.

 

على الصعيد الإنساني، نزح 1.9 مليون شخص، والملاجئ مكتظة، بينما تعاني المناطق من نقص حاد في الغذاء والماء والوقود والمعدات الطبية، مما أدى إلى انتشار انعدام الأمن الغذائي وظروف شبيهة بالمجاعة. وتوقّع التقرير أن تصل فجوة التمويل لدى السلطة الفلسطينية إلى 1.86 مليار دولار في 2024.

 

بلغ معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية 50% في 2024، وهو أعلى معدل تم تسجيله على الإطلاق. بلغ معدل البطالة في الضفة الغربية 35% نتيجة فقدان الوظائف في إسرائيل والمستعمرات وتأثر الاقتصاد المحلي.

 

اسرائيل

كان متوقعاً أن تصل تكلفة الحرب في حال انتهائها في الربع الأول من 2024 (أي في أول 3 أشهر) إلى 56 مليار دولار، فيما تخطت الحرب حتى الآن النصف الأول من 2024. وإلى ذلك وصل إجمالي الدَّين العام الإسرائيلي حتى نهاية 2023 إلى 304 مليارات دولار.

 

وبحسب سالم، تعمل المنطقة اليوم (لبنان، الأردن، مصر، إسرائيل، فلسطين) بنحو 16% فقط من طاقتها الانتاجية، وهو ما يتسبب بتدهور حاد في الاقتصاد بشكل مباشر. ومتوقع أن يخسر النشاط الاقتصادي الإسرائيلي قرابة 400 مليار دولار في السنوات العشرة المقبلة، لا تنتج من تكاليف الحرب فحسب، فإن 90% من الصدمات الاقتصادية تنتج من تراجع الاستثمارات والنمو الإنتاجي، فالتصدير انخفض بحدود 18.3%، والاستيراد تراجع 42%، وقد يرتفع الدين مقابل الناتج المحلي إلى حدود 72% في 2025، نتيجة التمويل المالي للحرب، خصوصاً أن تكلفتها سترتفع إلى 76 مليار دولار، إن استمرت الحرب حتى عام 2025، علماً أن إعادة البناء في إسرائيل ستصعب تسديد الدين في وقت استحقاقه، وستضطر إسرائيل إلى إعادة جدولته.

 

مصر

أضعفت الحرب على غزة اقتصاد مصر بشكل كبير، حيث وصل سعر الجنيه إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 70 جنيهاً مقابل الدولار في كانون الثاني (يناير) 2024، في السوق الموازية. وهذا دفع الحكومة إلى عقد صفقة بيع مدينة رأس الحكمة، تزامناً مع اتفاق جديد مع صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي، للحصول على قروض جديدة، مقابل خفض قيمة الجنيه.

ووفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول "الآثار الاجتماعية والاقتصادية المحتملة لحرب غزة على مصر"، تراجعت إيرادات السياحة بنسبة 20% بين تشرين الأول (أكتوبر) 2023 وآذار (مارس) 2024. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن قناة السويس فقدت أكثر من 50 إلى 60 % من إيراداتها خلال نحو 8 أشهر الماضية، مقدرًا الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وأظهر تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن بين 20 و40% من الحجوزات في البحر الأحمر ألغيت، في كل من شرم الشيخ وطابا ودهب ونويبع، كما ألغي 30 إلى 50% من حجوزات الفنادق والرحلات النيلية لعام 2024. 

 

الأردن

كشفت أحدث البيانات، الصادرة عن وزارة السياحة والآثار الأردنية، تراجع أعداد السياح الوافدين إلى الأردن بنسبة 7.2% في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وهذا يعني تأثيراً مباشراً على إيرادات الخزينة التي يشكل قطاع السياحة منها نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي (4,8 مليارات دينار سنوياً).

 

ومع هذه التطورات، تتقلص قدرة الصناعات الأردنية على المنافسة، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين عبر ميناء العقبة على البحر الأحمر، المنفذ المائي الوحيد للأردن. ومتوقع أن يؤدي ذلك إلى خلق بيئة استثمارية سلبية تؤدي إلى خفض مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 25 إلى 17%، بحسب توقعات الخبراء.

 

لبنان

بحسب تقديرات البنك الدولي بلغت قيمة الأضرار والخسائر في قطاعا الإسكان والبنية التحتية في لبنان 750 مليون دولار.  فيما تضرر القطاع السياحي بنسبة 90% منذ اندلاع الحرب.

وأضرت الحرب أيضاً بالقطاع الزراعي الذي خسر حتى الآن بين 3 إلى 4 مليارات دولار.

كما انخفضت أعمال شركات السياحة والسفر أكثر من 90%، وسجّل الموسم السياحي خسائر تفوق 3 مليارات دولار، مع انخفاض نسبة إشغال الفنادق إلى ما دون 20%. كما تراجع عدد السيارات المؤجرة في لبنان حتى الأول من آب (أغسطس) من نحو 25 ألف سيارة إلى نحو 8 آلاف سيارة فقط.

وسجلت الرحلات الجوية التجارية لشركات الطيران الوطنية والعربية والأجنبية التي استخدمت مطار رفيق الحريري الدولي خلال تموز (يوليو) انخفاضاً بنسبة 13.44% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.

 

دول الخليج

لم تضرر دول الخليج العربي كثيراً حتى الآن، وهي على الأرجح لن تتضرر كثيراً، خصوصاً الدول التي تمكنت من تنويع اقتصاداتها، ولم تعد تعتمد على النفط مصدراً أساسياً للتمويل، كالسعودية والإمارات. لكن أمن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، وفي الخليج العربي، يبقى ضرورياً جداً لدوام الرخاء والاستقرار الإقليمي. ولا شك في أن دول الخليج ستكرس جهودها لضمان أمن المنطقة، وتستمر في تعزيز أمنها واقتصاداتها.  كذلك، لم يتضرر اقتصاد العراق، ولا السياحة في تونس أو المغرب.

وتقول محللة الأسواق المالية: "عندما نتحدث عن أضرار الحرب، لا يمكن تحديد الخسائر المباشرة بالأرقام، ولا يمكن حصرها بقطاع معيّن أو دول معيّنة، فالأضرار تمتدّ لتطال شركات كبرى ومنها شركات السفر العالمية التي ألغت عدداً من رحلاتها، وشركات التأمين التي تكبّدت تكاليف عالية".

وتختم قائلةً: "يبقى احتمال إحصاء الخسائر الفعلية على المستوى المحلي والعالمي مرهوناً بانتهاء الحرب".

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium