النهار

النهار

بعد عام على 7 أكتوبر... خسائر فادحة تعصف بالاقتصاد الإسرائيلي
المصدر: النهار
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة وجبهتها الشمالية مع لبنان، تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة أثرت بشكل مباشر على مؤشرات الاقتصاد الكلي، مما دفع بالتصنيفات الائتمانية الدولية إلى تخفيضات متتالية وحذرت من تداعيات أعمق قد تواجه البلاد على المدى الطويل.
بعد عام على 7 أكتوبر... خسائر فادحة تعصف بالاقتصاد الإسرائيلي
خسائر الاقتصاد الاسرائيلي
A+   A-

باولا عطية 

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة وجبهتها الشمالية مع لبنان، تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة أثرت بشكل مباشر على مؤشرات الاقتصاد الكلي، مما دفع بالتصنيفات الائتمانية الدولية إلى تخفيضات متتالية وحذرت من تداعيات أعمق قد تواجه البلاد على المدى الطويل.

ارتفاع الدين والعجز والتضخم

تأثر الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بشكل حاد بسبب هذه الحرب. فقد انكمش الاقتصاد بنسبة 1.1% في الربع الأول من عام 2024، وتبعته نسبة انكماش إضافية بلغت 1.4% في الربع الثاني. هذه الانكماشات دفعت "بنك إسرائيل" إلى خفض توقعاته لنمو الاقتصاد في عام 2024 من 2.8% إلى 1.5% فقط. كما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 1.5%، بعدما كانت التوقعات تشير إلى 4%. بحلول عام 2025، تقدر تكلفة الحرب بحوالي 67 مليار دولار.

ارتفع الدين العام الإسرائيلي ليصل إلى 70% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل حوالي 370 مليار دولار، في حين أن احتياطات النقد الأجنبي تبلغ حوالي 200 مليار دولار فقط. هذا الفارق الكبير بين الدين والاحتياطات النقدية يزيد من هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي ويهدد الاستقرار المالي.

مع تصاعد وتيرة الحرب، ارتفع معدل التضخم السنوي في إسرائيل ليصل إلى 3.6% في آب (أغسطس) 2024 مقارنة بـ3.2% في تمّوز (يوليو). وقد أدى هذا الارتفاع إلى تفاقم الضغوط على المواطنين، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات نتيجة التضخم المتزايد، مما ساهم في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين.

بلغ عجز الموازنة الإسرائيلية 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وهو أعلى مستوى منذ عقود، حيث تجاوز الإنفاق العسكري الإسرائيلي حاجز الـ100 مليار دولار. وفي ليلة واحدة فقط من التصدي لهجمات إيرانية بالصواريخ والمسيرات، بلغت تكلفة الدفاع الإسرائيلي حوالي 1.35 مليار دولار، وفقًا لما صرح به مسؤولون عسكريون. هذا الإنفاق الهائل يعكس الضغوط المالية التي تواجهها إسرائيل نتيجة الحرب على جبهتين.

تخفيض التصنيفات الائتمانية

توالت تخفيضات التصنيفات الائتمانية من وكالات دولية كبرى نتيجة المخاطر الأمنية وتداعيات الحرب. في آب (أغسطس) 2024، خفضت وكالة فيتش تصنيف إسرائيل من "A+" إلى "A"، مشيرة إلى تأثير الحرب المستمرة في غزة والتوترات الجيوسياسية المتزايدة. كما قامت وكالة موديز بتخفيض تصنيف إسرائيل بمقدار درجتين من A2 إلى Baa1، مما يعكس جدارة ائتمانية ضعيفة ومخاطر عالية تحيط بالاقتصاد الإسرائيلي. وكالة ستاندرد آند بورز كذلك خفضت تصنيفها لإسرائيل من "A+" إلى "A"، مع توقعات مستقبلية سلبية، وهو ما يزيد من تعقيد قدرة إسرائيل على الاقتراض بتكاليف معقولة في المستقبل.  وإلى ذلك، ارتفعت تكلفة التأمين ضد مخاطر التعثر في سداد الديون السيادية الإسرائيلية إلى أعلى مستوى في نحو 12 عاما.

القطاعات الأكثر تضررا

شهد قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل تراجعًا حادًا في الاستثمارات، حيث انخفضت بنسبة 30% خلال فترة الحرب، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست". وتزامن هذا الانخفاض مع تراجع مكانة إسرائيل في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا، حيث هبطت من المركز السابع إلى المركز التاسع في مؤشر "تورتويز ميديا" الدولي. كما أن نسبة كبيرة من الشركات الناشئة والتكنولوجية التي جمعت تمويلات كبيرة خلال هذه الفترة، نقلت مقراتها خارج إسرائيل بسبب تزايد المخاطر.

تكبد قطاع السياحة في إسرائيل خسائر تقدر بحوالي 5.25 مليار دولار خلال عام من الحرب، وذلك نتيجة تراجع السياح الأجانب وتوقف النشاط السياحي في العديد من المناطق التي تأثرت بالتصعيد العسكري.

إلى جانب قطاع التكنولوجيا، والسياحة، شهدت قطاعات أخرى مثل البناء والزراعة أزمات كبيرة. تعليق تصاريح عمل أكثر من 200 ألف فلسطيني أدى إلى نقص كبير في اليد العاملة في تلك القطاعات، مما زاد من الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد جزئيًا على هذه الأيدي العاملة.