النهار

بوتين لا يحمل في هذه الصورة عملة البريكس بل ورقة نقديّة رمزيّة تحاكيها FactCheck#
هالة حمصي
المصدر: النهار
بوتين لا يحمل في هذه الصورة عملة البريكس بل ورقة نقديّة رمزيّة تحاكيها FactCheck#
الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (اكس).
A+   A-

المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحمل عملة بريكس التي من الممكن ان تحل محل الدولار الاميركي". 

 

الا أنّ هذا الزعم خاطئ. 

 

الحقيقة: الصورة تظهر بوتين يحمل ورقة نقدية رمزية تحاكي عملة لمجموعة بريكس، اي ان هذه الورقة ليست عملة حقيقية. FactCheck#

 

"النّهار" دقّقت من أجلكم

 

تظهر الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاملا بين أصابعه ورقة صغيرة ملونة، بينما كان واقفا بين اشخاص مبتسما. وقد تكثف التشارك فيها خلال الساعات الماضية عبر حسابات ارفقتها بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "الرئيس بوتين يحمل عملة البريكس التي من الممكن أن تحل محل الدولار". 

 

 

ورقة رمزية

الا ان هذه المزاعم غير صحيحة، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.

 

فالبحث العكسي يوصلنا الى الصورة منشورة، مع مجموعة أخرى من الصور، في الموقع المخصص لقمة بريكس، مع شرح انها تظهر "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد اجتماع موسع لرؤساء الوفود المشاركة في قمة بريكس الـ16 في قازان بجمهورية تترستان في روسيا، في 23 تشرين الاول 2024".

 

ولم يذكر الشرح اي تفاصيل عن الورقة التي كان بوتين يحملها بين أصابعه في الصورة.  

 

 

الا اننا نعثر على الجواب في مواقع اخبارية ووكالات أنباء، لا سيما روسية، نشرت الصورة، مع شرح ان بوتين كان يحمل بيده  "ورقة نقدية رمزية تحاكي عملة مجموعة بريكس". وهذا يعني، اذاً، ان هذه الورقة الرمزية ليست عملة حقيقية. 

 

ونقلت المواقع عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله إن "الرئيس بوتين إطلع على الورقة في قمة المجموعة". 

 

وأضاف: "الرئيس الروسي، بعد مشاهدته الورقة الرمزية، عرضها مبتسما على الوزراء في الحكومة الروسية وسلمها إلى رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا، التي أبدت عدم اعجابها بها".

 

ورأى بيسكوف أن هذه الورقة  تحمل معنى رمزيا يشير إلى "العمل المشترك الذي يتم تنفيذه في إطار بريكس"، مشيرا إلى أن "جهة روسية، إما غرفة التجارة والصناعة، إما شخص آخر، هي التي طبعت الورقة الرمزية".

 

الورقة النقدية المتداولة قديمة

ومع انه لم يمكن العثور على صورة تظهر بوضوح الورقة التي حملها بوتين في الصورة، فقد توصّل التفتيش عن صورة تناقلتها حسابات بكونها الورقة، الى انها قديمة، اذ تعود آثارها الى ايلول 2023.

 

 

وقد اصدرت السفارة الروسية في جنوب أفريقيا يومذاك توضيحا بشأنها، نفت فيه اي علاقة لها بها او بتوزيعها على دول مجموعة بريكس، خلال قمة بريكس 2023 في جوهانسبرغ، وفقا لما أوردت وكالة "ريا نوفوستي".  

 

وقالت السفارة: "في 1 ايلول 2023، أقيم احتفال بروتوكولي (عشاء) في بريتوريا نظمته سفارة الإمارات العربية المتحدة بمناسبة انضمام أعضاء جدد إلى مجموعة بريكس. وخلال الامسية، تم تقديم ورقة نقدية تذكارية لمجموعة بريكس، أصدرتها دار الطباعة JSC Kirzhachskaya عشية قمة بريكس الـ15 في جوهانسبرغ". واشارت الى أن "إصدار ورقة نقدية تذكارية لمجموعة بريكس مبادرة خاصة لا تعكس قرارات دول المجموعة". 

 

 

ووفقا لما ذكرت وكالة "سبتونيك"، فقد تمت طباعة ما مجموعه 1000 ورقة نقدية من هذا النوع في مدينة كيرزهاتش Kirzhach في منطقة فلاديمير الروسية. وتم إصدار الورقة النقدية في الفترة التي سبقت قمة بريكس 2023 في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا.

 

واشارت الى أن طباعة الورقة تمت بمبادرة من يفغيني فيودوروف Yevgeny Fyodorov، مؤسس شركة Kirzhach Typography JSC ومالكها. وكانت الورقة بمثابة هدية لقمة بريكس كعلامة على "الدعم الصادق" لمسار التعاون العالمي والتعددية القطبية، وفقا لما يدعو إليه أعضاء بريكس.

 

وأشاد فيودوروف بيوري يرماكوف Yury Yermakov، مصمم الورقة النقدية، والذي "ساهم في تطوير أكثر من 10 عملات لدول مختلفة".

 

وتحمل الورقة، على جهتها الأمامية، أعلام الدول المؤسسة لمجموعة بريكس (روسيا، الصين، الهند، البرازيل، وجنوب أفريقيا)، بينما تظهر على جهتها الخلفية أعلام الأعضاء الجدد واسماؤهم (مصر، إثيوبيا، إيران، والإمارات العربية المتحدة)، إضافة إلى شركاء محتملين للمجموعة. و"جميع الرسوم على الورقة مصنوعة يدويا".

 

خطوة سابقة لأوانها 

وفي وقت استحوذت صورة بوتين حاملا الورقة النقدية الرمزية على اهتمام واسع، فقد استبق القمة، بالقول، الجمعة 18 منه، إن طرح عملة موحدة لمجموعة بريكس خطوة سابقة لأوانها في الوقت الحالي، لأنها تتطلب مستوى عاليا من التكامل بين الدول الأعضاء.

وأوضح أن دول بريكس يتعين عليها أن تتخذ خطوات تدريجية، مضيفا أن روسيا تعتزم تدعيم البنك الجديد التابع للمجموعة، وفقا لما أوردت وكالة "رويترز". 

 

ووفقا لمحللين، "قد تكون عملة بريكس الورقية ممكنة، لكنها عملية تستغرق سنوات من التحضير، اذ تتطلّب إنشاء بنك مركزي جديد واتفاقاً بين الدول الأعضاء في بريكس على التخلص التدريجي من عملاتها السيادية الخاصة بها. ومن المرجح أن تحتاج أيضاً إلى دعم صندوق النقد الدولي لتكون العملة ناجحة على الصعيد الدولي، وهو ما ترفضه المجموعة في الأصل، إذ إنها تتهم الصندوق بأنه أداة تعمل لمصلحة الغرب..."، على ما جاء في تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط".

 

إعلان قازان

ومجموعة بريكس تجمّع يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وقد انطلقت عام 2006، واجتمعت البرازيل وروسيا والهند والصين في قمة بريكس الأولى عام 2009. وانضمت إليها جنوب أفريقيا بعد عام. وتوسعت المجموعة لتشمل، الى جانب أعضائها، مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات. 

 

وفي 22 تشرين الاول 2024، افتتحت المجموعة قمّتها في مدينة قازان، عاصمة جمهورية تترستان في روسيا ، بمشاركة نحو 20 من قادة الدول. ومن الملفات الرئيسية التي كانت مطروحة على جدول أعمالها، مقترح بوتين إنشاء نظام دفع خاص لبريكس، يفترض أن يكون منافسا لنظام سويفت، الشبكة المالية العالمية التي استُبعدت منها روسيا عام 2022، إضافة إلى النزاع المتصاعد في الشرق الأوسط، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس". 

 

وقد استمرت القمة حتى 24 منه. وأصدرت إعلان قازان، الذي أكدت فيه المجموعة "الحاجة إلى إصلاح الهيكل المالي الدولي القائم في مسعى لمواجهة التحديات المالية العالمية، بينها حوكمة الاقتصاد العالمي لجعل الهيكل المالي الدولي أكثر شمولية وإنصافا"، على ما أوردت وكالة "رويترز".

 

ورحّبت "بمبادرة الجانب الروسي لإنشاء منصة لتداول الحبوب بين مجموعة بريكس مع إمكانية توسيعها لاحقا لتشمل قطاعات زراعية أخرى".

 

وقالت: "نعي المزايا واسعة النطاق التي تقدمها وسائل الدفع العابرة للحدود، التي تتسم بالسرعة والتكلفة المنخفضة والكفاءة والشفافية والأمان والشمولية، والتي تستند إلى مبدأ تقليل الحواجز التجارية وضمان الوصول غير التمييزي. ونرحب أيضا باستخدام العملات المحلية في المعاملات المالية بين دول بريكس وشركائها التجاريين".

 

وأعلنت انه "اتفقنا على مناقشة ودرس جدوى إنشاء بنية تحتية مستقلة للتسويات والإيداعات عبر الحدود تعرف باسم بريكس كلير، وهي مباردة تهدف إلى تكملة البنية الأساسية الحالية للسوق المالية فضلا عن تقديم خدمات إعادة التأمين بشكل مستقل في بريكس".

 

كذلك رحّبت المجموعة "بتركيز آلية التعاون بين البنوك في مجموعة بريكس على تيسير  الممارسات والأساليب المالية المبتكرة للمشاريع والبرامج وتوسيعها، بما في ذلك إيجاد آليات مقبولة للتمويل بالعملات المحلية". وأكدت "تعهدها الحفاظ على شبكة أمان مالية عالمية قوية وفعالة تعتمد في شكل أساسي على صندوق النقد الدولي (على أن يكون) قائما في جوهره على الحصص وممولا بشكل كاف".

 

اقرأ ايضا- بريكس پاي" الخطوة الأولى للخروج من سيطرة الدولار

 

ومع ان المجموعة رحّبت بالمقترح الذي قدمته روسيا في القمة بشأن تأسيس بورصة دولية جديدة للحبوب، الا ان تحويل ذلك المقترح واقعا قد يستغرق سنوات عدة. وقال إدوارد زرنين، رئيس اتحاد مصدري الحبوب الذي يصدر أعضاؤه 80 بالمئة من الحبوب الروسية، إنه استنادا إلى تجربة إنشاء بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة بريكس، فإن إطلاق البورصة المشتركة سيتطلب سنوات من العمل التحضيري.

 

وأشار إلى أن البورصة الجديدة المقترحة يتعين أن تكون لها صفة دولية لحمايتها من العقوبات الغربية المحتملة. وتابع: "اكتملت المرحلة الرئيسية من العملية، وتمّت الموافقة على مبادرة تأسيس البورصة على مستوى قادة دول بريكس".

 

من جهته، قال الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية الدكتور محمد موسى، في حديث لـ"النهار"، إنّ  "بورصة الحبوب هي في جوهرها أداة مالية قد تستخدمها روسيا ودول أعضاء بريكس للابتعاد عن الدولار، وتجنب العقوبات، وحماية سلعها المحلية. وقد تكون الحبوب مقدمّة تمهّد لسلع أخرى قد تضاف إلى البورصة مع الزمن". وأشار إلى أنها "قد تحتاج إلى بضع سنوات لتنجز، وإلى اجتماعات مكثّفة وفعاليات لوضع خطّة تنفيذ". 

 

"المدفوعات عبر الحدود لأنشطة التجارة بين دول بريكس تواجه مشكلات" 

وبانتهاء أعمال قمة بريكس، تواصلت المواقف، منها قول الرئيس بوتين، أمس الخميس، في مؤتمر صحافي، إن المدفوعات عبر الحدود لأنشطة التجارة بين دول بريكس تواجه مشاكل، لكن ليست هناك خطط لإنشاء نظام خاص، لأن البنية الأساسية الحالية كافية. وأكد أن "المسألة مهمة جدا اليوم. إحدى القضايا الرئيسية هي مشكلة التسويات المالية".


واشار الى أن نظام الرسائل المالية الحالي الذي أنشأه البنك المركزي الروسي، فضلا عن أنظمة مماثلة تديرها البنوك المركزية الأخرى في مجموعة بريكس، يمكن استخدامها لتسهيل المدفوعات المتبادلة بالعملات الوطنية. وقال: "لكننا لا نبتكر أي نظام مشترك منفصل في الوقت الراهن. ما لدينا بالفعل يكفي عموما".

 

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الصورة المتناقلة تظهر "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاملا بيده عملة البريكس التي من الممكن ان تحل محل الدولار الاميركي". في الحقيقة، الصورة تظهر بوتين يحمل ورقة نقدية رمزية تحاكي عملة مجموعة بريكس، اي ان هذه الورقة ليست عملة حقيقية. وقال بوتين إن "طرح عملة موحدة للمجموعة خطوة سابقة لأوانها في الوقت الحالي، لأنها تتطلب مستوى عاليا من التكامل بين الدول الأعضاء".


 

 

اقرأ في النهار Premium