في سياق المنشورات المحمّلة بمبالغات حول الحضارة المصريّة القديمة، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صورة لمجسّم خشبيّ يشبه الطائرة ادّعوا أنّه قطعة أثريّة من زمن المصريين القدماء تكشف امتلاكهم "فهماً سرياً" لمبدأ الطيران. إلا أن الادّعاء خطأ. فالصورة ليست حقيقية. أما "طائر سقارة" فهو مجسّم مصريّ قديم لطائر عاديّ، ولا شأن له بعلوم الطيران.
يضمّ المنشور صورة لما يبدو أنّها طائرة خشبيّة صغيرة. وجاء في التعليق المرفق "أنظر إلى طائر سقارة الذي اكتُشف في مقبرة مصرية"، وهو مجسّم عثر عليه في العام 1898 في مقبرة في سقارة بمحافظة الجيزة ضمن نماذج أخرى لطيور من الحضارة المصريّة القديمة.
وأحالت المنشورات ما سمّته بـ"الطائر الغامض" على "فهمٍ سريّ امتلكه المصريّون القدماء للطيران".
حظيت الصورة بمئات المشاركات من صفحات مصريّة عدّة على غرار عشرات المنشورات المتداولة خلال السنوات الماضية والمحمّلة بمبالغات وأخبار خياليّة عن الحضارة المصريّة القديمة وأمجادها.
صحيح أنّ الحضارة المصريّة القديمة شهدت تطوّراً علمياً كبيراً ما زالت آثار البناء والتخطيط العمراني إضافة إلى النقوش شاهدة عليه إلى اليوم، لكنّ مروّجي الأخبار المضلّلة لا يكتفون بعرض هذه الحقائق، بل يلقون أخباراً غير حقيقيّة عن التاريخ القديم من بينها صورة الطائر المزعومة.
فما حقيقتها؟
يمكن ملاحظة علامة مائيّة على الصورة المتداولة تشير إلى أنّها مولّدة باستخدام الذكاء الاصطناعي مع اسم الصفحة التي نشرتها.
وبالفعل يمكن العثور على الصورة منشورة في الصفحة المذكورة حيث يمكن مشاهدة صورٍ أخرى مولّدة بالذكاء الاصطناعيّ مستوحاة من الحضارة المصريّة القديمة، ما يشير إلى أنّها غير حقيقيّة وليست لـ"طائر سقارة".
ويظهر الاختلاف بين الصورة المولّدة بالذكاء الاصطناعي وصورة التقطها مراسل فرانس برس لـ"طائر سقارة" الحقيقيّ، المعروض في المتحف المصريّ في وسط القاهرة.
وتقول أمينة المتحف المصريّ في ميدان التحرير داليا محمّد في حديث لخدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس إن الصورة المتداولة على مواقع التواصل "لا علاقة لها بنموذج الطائر الخشبي الموجود بالفعل داخل المتحف والذي يحمل اسم طائر سقارة".
وتضيف أن هذه الصورة شبيهة بـ"منشورات تستخدم صوراً مضلّلة للادعاء بأنّ المصريين القدماء صنعوا طائرات وطاروا بها، أو وصلوا بها إلى القمر".
أما المجسّم الحقيقي لطائر سقارة فهو "موجود حاليًا في مدخل القاعة رقم 22 في المتحف وهو مصنوع من خشب الجميز، وعرض أجنحته يبلغ 18 سم، والطول الكلي للقطعة مع الذيل يبلغ 14 سم".
وبحسب الخبيرة "طائر سقارة" قطعة "فريدة من نوعها بالفعل وتعبّر عن عبقرية الفنان المصري القديم الذي صنعها، إذ تختلف عن باقي هياكل الطيور التي عثر عليها في مصر القديمة، لأنها بلا أرجل، وتتميز باستقامة الأجنحة والمؤخرة، لكنّها في النهاية قطعة تجسد طائراً من وجهة نظر صانعها المصري القديم".
خدمة تقصي صحة الأخبار، وكالة فرانس برس