نشرت حسابات على موقع التدوينات القصيرة إكس (تويتر سابقا) مقطع فيديو بمزاعم أنه "لغارات جوية مشتركة روسية- سورية تستهدف مواقع الإرهابيين في إدلب". الا ان هذا الزعم مضلل تماما. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
فمع اتساع دائرة المعارك في شمال سوريا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة حلب ومناطق في إدلب، نشرت حسابات على موقع إكس فيديو يُظهر إطلاق قذائف بشكل مكثف وانفجارات ليلا. وكتبت تعليقا (من دون تدخل): "عاجل- غارات جوية مكثفة من الطائرات الروسية والسورية على مواقع الإرهابيين في إدلب والمناطق المحيطة بها".
يأتي تداول هذا الفيديو بعدما أفادت مصادر في الجيش السوري بأنّ طائرات روسيّة وسورية قصفت مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة اليوم، في اليوم الثاني من القصف المكثّف في شمال سوريا بهدف صد هجوم المعارضة التي اجتاحت مدينة حلب.
كذلك قصفت طائرات روسيّة وسورية، أمس السبت 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، بلدات أخرى في محافظة إدلب، التي سقطت بالكامل تحت سيطرة المعارضة في أعقاب هجوم مباغت شنته المعارضة، ويعد الأكثر جرأة منذ سنوات خلال الحرب الأهلية التي شهدت توقف القتال عند خطوطها الأمامية إلى حدّ كبير منذ عام 2020.
حقيقة الفيديو
ولكن بعد تفكيك الفيديو إلى صور، عبر أداة InVid، اتضح ان المقطع يعود إلى 13 آب (أغسطس) 2019، ولا علاقة له بالمعارك الدائرة حاليا في شمال سوريا.
وقد نشرته يومذاك إحدى الصفحات على موقع فايسبوك وكتبت معه تعليقا (من دون تدخل): "فيديو يظهر لحظات للقصف الهيستري والجنوني على الهبيط من القوات الروسية والإيرانية والسورية، تصوير ليلي".
كذلك، نشرته صفحة وكالة ANA PRESS العربي في الفايسبوك وصفحة أخرى، في 20 آب (أغسطس) 2019، مع تعليق (من دون تدخل): "وكالة روسية توثق القصف العنيف والمستمر لمدينة خان شيخون قبل ان تقتحمها قوات الأسد"، وايضا "هذا ما يفعله الأسد وبوتين في إدلب- خان شيخون".
ونعثر ايضا على الفيديو منشورا في مواقع اخبارية عدة وحسابات في التاريخ ذاته، بكونه "يظهر غارات الأسد على خان شيخون السورية".
مساء الاثنين 19 آب 2019، أحرزت قوات النظام السوري مزيدا من التقدم في مدينة خان شيخون بإدلب، حيث باتت تسيطر على أكثر من نصف المدينة، الامر الذي عرقل وصول رتل التعزيزات التركي الذي أرسلته أنقرة من بلوغ وجهته، وفقا لما ذكرت تقارير اعلامية.
وكانت قوات النظام السوري بدأت منذ 8 آب 2019 عملية عسكرية للسيطرة على الريف الجنوبي لإدلب، لانتزاعها من "هيئة تحرير الشام" المسيطرة عليها منذ 2014.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الإثنين، بتقدم قوات النظام في خان شيخون، اذ باتت تسيطر على أكثر من نصف المدينة، مشيرا إلى أنها قطعت أيضا الطريق الدولي الذي يربط ريف إدلب الجنوبي بالريف الشمالي لحماه، حيث توجد أكبر نقاط المراقبة التركية في بلدة مورك.
والاربعاء 21 منه، سيطرت قوات النظام على مدينة خان شيخون الاستراتيجية في شمال غرب سوريا. كذلك، استعادت مناطق في محيطها، لتغلق بذلك كل المنافذ أمام نقطة مراقبة للقوات التركية، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقُتل الأربعاء من جراء المعارك، وفقا للمرصد، 21 مقاتلاً من الفصائل، بينهم 18 جهادياً، فضلاً عن عشرة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وأسفر القصف الجوي السوري والروسي المستمر الأربعاء عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفل، في قرية البشيرية في الريف الجنوبي الغربي لإدلب.
تحولات استراتيجية في الميدان السوري
وتشهد حاليا سوريا تطورات متسارعة على المستوى العسكري الميداني، وذلك بعدما اجتاحت قوات المعارضة مدينة حلب شرق محافظة إدلب، ليل الجمعة 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار في أكبر تحدٍّ للرئيس بشار الأسد منذ سنوات.
وتواصل فصائل المعارضة السورية التي تجتمع تحت إطار غرفة عمليات مشتركة تحمل عنوان "الفتح المبين"، معاركها وتقدّمها في سياق عملية "ردع العدوان"، التي أطلقتها قبل أيام ضد الجيش السوري، وتمكّنت خلالها من السيطرة على مناطق واسعة في حلب، إدلب، والتقدّم في ريف حماة.
وهذه الفصائل هي:
- هيئة تحرير الشام: كانت تُعرف سابقاً باسم "جبهة النصرة"، هي الفصيل الأقوى ضمن هذه الفصائل، أطلقت غرفة العمليات المذكورة عام 2019. تضم فصائل وألوية عسكرية عدّة، بينها "لواء الحق"، "جبهة فتح الشام"، "جبهة أنصار الدين" و"جيش السنة".
مرّت الهيئة بمراحل عديدة، فكانت "جبهة النصرة" سابقاً وحليفة لتنظيم "داعش"، من ثم انفصلت عنه وأعلنت ولاءها لتنظيم "القاعدة" لتنفصل عنه في ما بعد.
يتزعّمها أبو محمد الجولاني، وعدد عناصرها غير دقيق. ففيما تنقل شبكة "بي بي سي" عن تقرير لمجلس الأمن التابع إن عدد العناصر هو 10 آلاف، يُشير خبراء إلى أن الرقم غير دقيق في ظل صعوبة الإحصاء، وتقول بعض التقارير إن عدد العناصر يفوق الـ20 ألفاً، وتمتلك أسلحة كثيرة، بينها مضادات الدبابات.
- الجبهة الوطنية للتحرير: تأسست عام 2018، وهي ضمن الفصائل الكبيرة أيضاً، وعبارة عن تحالف لعدد من المجموعات المسلّحة التي كانت تنتمي سابقاً للجيش السوري الحر، كجبهة "تحرير سوريا"، "ألوية صقور الشام"، "تجمع دمشق" و"كتائب نور الدين زنكي".
- حركة أحرار الشام: فصيل إسلامي مسلّح، انطلق مع بدايات الحرب السورية، يتركّز في شمال سوريا، وبخاصة في محافظتي حلب وإدلب، وخاض معارك عديدة ضد الجيش السوري، أبرزها معركة الرقّة.
- الجيش الوطني السوري: عبارة عن تحالف لفصائل كانت تنضوي تحت الجيش السوري الحر، مقرّب من تركيا التي دعمته بالأسلحة والذخيرة والمال والتدريب، وفق ما تنقل شبكة "بي بي سي".
- جيش العزة: فصيل من فصائل الجيش السوري الحر، ينشط في شمال سوريا، وبالتحديد في شمال ريف حماه، بالإضافة إلى اللاذقية. ويتزعّم الرائد جميل الصالح جيش العزّة. بدأ تحت مسمى لواء شهداء اللطامنة بداية العام 2012، ليتحول تجمع العزة في 2013، ومن ثم جيش العزة في نهاية 2015.
استطاع "جيش العزّة" الابتعاد عن كل الخلافات بين الفصائل، فكان على مسافة واحدة من الجميع، وحافظ على هدفه في إسقاط النظام مما أكسبه حاضنة شعبية كبيرة.
الخلاصة: الفيديو المتداول قديم، اذ يعود إلى آب 2019. ويصوّر قصفا روسيا- سوريا حينها لمدينة خان شيخون في إدلب، وفقا لما تم تداوله.