المتداول: صورة تظهر، وفقا للمزاعم، "زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني بعد مقتله"، خلال المعارك التي شهدتها شمال سوريا أخيرا.
الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح.
الحقيقة: الصورة تمّ التلاعب بها. والصورة الاصلية قديمة، اذ تعود آثارها الى ايلول 2015. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
عذرا على قساوة المشهد.
الصورة تظهر رجلا فتح عينيه، بينما غطى الغبار لحيته. وقد انتشرت أخيرا في حسابات، عربية وانكليزية، مرفقة بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "صورة متداولة للإرهابي الجولاني بعدما استهدفه الطيران السوري والروسي".
حقيقة الصورة
الا ان هذا الادعاء خاطئ.
لماذا؟
لان البحث العكسي، بواسطة محرك Tineye، يوصلنا أولا الى الصورة الاصلية منشورة في مدونة في 29 تموز 2017. ويظهر فيها رجل فتح عينيه وفمه، بينما غطى الدم انفه، وملأ الغبار شعره ولحيته... من دون اي تفاصيل عنه.
وبمزيد من البحث، نعثر على الصورة منشورة في موقع "اسلام تايمز العربية"، في 5 ايلول 2015، بعنوان: "مقتل الإرهابي الأردني أبو القعقاع بقصف جوي على حمص". وذكر ان "اسم ابو القعقاع هو حازم منيزل أبو رمان، أحد قياديي تنظيم داعش، وانه قُتل في 5 أيلول، عقب قصف جوي نفذّه الجيش العربي السوري على مواقع داعش في مدينة القريتين بريف حمص الشرقي".
ومع انه لم يمكن التأكد من المعلومات المتداولة بشأن الصورة، الا ان نشرها عام 2015 يعني انها ليست صورة الجولاني بعد مقتله المزعوم.
وبإجراء مقارنة بينها (ادناه الى اليمين) وبين الصورة المتناقلة (الى اليسار)، يتبين ان تلاعبا رقميا طال وجه الرجل فيها، ليبدو انه يشبه زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني.
صورة للجولاني ملتقطة في 12 آذار 2024، خلال مؤتمر صحافي في منطقة معبر باب الهوى شمال سوريا (أ ف ب).
الجولاني قائد الهجوم
مع وصول قوات المعارضة السورية إلى مدينة حلب، عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، نشرت قنوات الاتصال الخاصة بالمعارضة صوراً لرجل ملتحٍ يرتدي ملابس عسكرية يدير الهجوم. هذا الرجل هو أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام، وفقا لتقرير لـ"بي. بي.سي".
ومع اقتحام قواته لحلب، عاد الجولاني ليكون مصدر نقاشات وجدل داخل سوريا وخارجها، بخاصة أنه يتولى قيادة جماعة مصنفة كمنظمة إرهابية من دول غربية وإسلامية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبصفته رئيساً لجماعة هيئة تحرير الشام الجهادية، يقود أبو محمد الجولاني الجماعة المتمردة الرئيسية في شمال غرب سوريا، ويسيطر على مناطق شاسعة في محافظة إدلب وأجزاء من حلب واللاذقية وحماة المجاورة.
وبعد انتشار معلومات أخيرا تفيد بمقتله، قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن إن كل تلك الأخبار لا أساس لها، وفقا لتقارير اعلامية. وأضاف في تصريحات لقناة "العربية" الأحد أن "غارات عدة طالت مواقع متعددة في إدلب، لكنها كانت بعيدة عن مقر الجولاني، وفق ما أفادت مصادر مطلعة".
وقد شنّت دمشق وحليفتها موسكو خلال الساعات الأخيرة غارات جوية دامية على مناطق سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا، مع سعي النظام لاستعادة مناطق استحوذت عليها هيئة تحرير الشام ومجموعات حليفة لها في هجوم واسع بدأته الأسبوع الماضي، على ما أوردت وكالة "فرانس برس".
واعتبر الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تلقّى دعما متجددا من حليفتيه روسيا وإيران، أن الهجوم، وهو الأوسع منذ أعوام، هو محاولة "لإعادة رسم خريطة" المنطقة. بينما قالت تركيا المتواجدة عسكريا في شمال سوريا والداعمة لفصائل مسلّحة، أن الهجوم ليس "تدخلا أجنبيا".
وبدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل حليفة لها، هجوما واسعا الأربعاء الماضي، أسفر عن خروج حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، بالكامل عن سيطرة القوات الحكومية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011.
وقُتل 11 مدنيا على الأقل بينهم خمسة أطفال اليوم الإثنين من جراء غارات نفذها الطيران الروسي والسوري على محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معاقل المعارضة، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد بأن الغارات استهدفت "مناطق عدة، بينها مدينة إدلب ومخيم للنازحين شمالها"، ما أسفر عن مقتل "11 مدنيا بينهم خمسة أطفال وسيدتان وإصابة العشرات بجروح".
تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الصورة المتناقلة تظهر "زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني بعد مقتله"، خلال المعارك التي شهدتها شمال سوريا أخيرا. في الواقع، الصورة تم التلاعب بها. والصورة الاصلية قديمة، اذ تعود آثارها الى ايلول 2015.