قال مسؤولان أميركيان إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن قد أذن بتزويد أوكرانيا بألغام أرضية مضادة للأفراد، وهي خطوة من شأنها تعزيز دفاعات كييف ضد تقدم القوات الروسية وفق ما أوردت صحيفة "واشنطن بوست".
وقالت الصحيفة إنّ هذه الخطوة تأتي في أعقاب تصريح البيت الأبيض الأخير بالسماح لأوكرانيا باستخدام نظام صاروخي قوي بعيد المدى لضرب روسيا - وهو جزء من مجموعة من الإجراءات العاجلة التي تتخذها إدارة بايدن لمساعدة كييف في جهودها الحربية المتعثرة.
وقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنّ موسكو سترد على الضربات الصاروخية الأخيرة من منظومة الصواريخ التكتيكية للجيش، أو ما يُعرف اختصارًا بـ”أتاسمز“. كما أن شحن الألغام الأرضية المضادة للأفراد إلى أوكرانيا قد يكون مثيرًا للجدل أيضًا، فقد وقّعت أكثر من 160 دولة على معاهدة دولية تحظر استخدامها، مشيرة إلى أن هذه الأسلحة العشوائية يمكن أن تسبب ضررًا دائمًا للمدنيين. لكن كييف سعت للحصول عليها منذ غزو روسيا، ونشرت قوات الكرملين الألغام الأرضية المضادة للأفراد بشكل حر على الخطوط الأمامية، مما يعيق تقدم أوكرانيا في سعيها لاستعادة أراضيها.
قال مسؤولون إن إدارة بايدن تشعر بقلق عميق إزاء الهجمات الروسية على الخطوط الأمامية لأوكرانيا في الأسابيع الأخيرة وترى حاجة ملحة لإضعاف هذا التقدم. ويعتقد البنتاغون أن توفير الألغام من بين أكثر الخطوات المفيدة التي يمكن لإدارة بايدن القيام بها للمساعدة في إبطاء الهجوم الروسي، بحسب المسؤولين.
وقال أحد المسؤولين إن هذا النوع من الألغام الأرضية المضادة للأفراد ”غير ثابت“، ما يعني أن الألغام تدمر نفسها ذاتيًا أو تفقد شحنة البطارية لتجعلها غير نشطة، ما يقلل من الخطر على المدنيين. وقال المسؤول إن صناع السياسة الأوكرانيين التزموا بعدم نشر الألغام في المناطق المكتظة بالسكان. وقال خبراء الرقابة على الأسلحة إنه حتى الألغام غير الثابتة تشكل خطراً على السلامة.
كان بايدن مترددًا في تزويد أوكرانيا بالألغام في مواجهة المخاوف داخل إدارته ومن مجموعة واسعة من المناهضين الذين يقولون إن الخطر على المدنيين مرتفع بشكل غير مقبول. لكن التقدم الذي أحرزته روسيا في ساحة المعركة في الأشهر الأخيرة أجبر البيت الأبيض على إيجاد طرق جديدة لمساعدة كييف، خاصة بعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي تعهد بتوجيه الصراع نحو نهاية سريعة.
وقال أحد المسؤولين إن استخدام الألغام سيقتصر على الأراضي الأوكرانية، مع التركيز المتوقع على شرق أوكرانيا.
وأحرزت القوات الروسية تقدمًا كبيرًا في منطقة دونيتسك، وفي الأشهر الأخيرة اكتسبت أراضٍ بأسرع معدل منذ عام 2022.
لا تعد روسيا ولا الولايات المتحدة أحد الأطراف الـ 164 في اتفاقية أوتاوا، المعروفة أيضًا باسم معاهدة حظر الألغام، التي تحظر نشر ونقل الألغام الأرضية المضادة للأفراد. وقد أعاد بايدن في عام 2022 إحياء سياسة من عهد أوباما تحظر نقل واستخدام الألغام الأرضية الأميركية المضادة للأفراد خارج شبه الجزيرة الكورية.
ورحب أحد المسؤولين الأوكرانيين بأي تغيير في السياسة على الرغم من المخاطر المحتملة التي قد تترتب على نشر هذه الأسلحة على نطاق واسع.
لكن بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان قالوا إن قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا -وهي من الدول الموقعة على معاهدة حظر الألغام- بالألغام الأرضية المضادة للأفراد هو علامة سوداء ضد واشنطن.
قالت ماري ويرهام، نائبة مدير قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في منظمة "هيومن رايتس ووتش": ”إنه تطور صادم ومدمر“، وقالت إنه "حتى الألغام غير الدائمة تحمل مخاطر على المدنيين، وتتطلب جهود تنظيف معقدة ولا يمكن دائمًا إبطال مفعولها بشكل موثوق".
وكانت إدارة ترامب في عام 2020 قد عكست سياسة عهد أوباما، مشيرة إلى الحاجة إلى الاستخدام الاستراتيجي للألغام لمواجهة الخصوم مثل روسيا والصين، مما أثار إدانة قوية من المدافعين عن الحد من التسلح.
وقال بايدن، بصفته مرشحًا رئاسيًا، ردًا على قرار ترامب: ”سيعرض المزيد من المدنيين لخطر الإصابة بالألغام غير المنفجرة، وهو غير ضروري من منظور عسكري“، واصفًا إياه بـ”المتهور“.