تشكّل "محور المقاومة" الذي تقوده إيران على أساس العداء لإسرائيل، وهو تحالف من حكومات وفصائل عسكرية لا تاريخ محددا لنشأته، بل هو عبارة عن تيار تبلور مع السنين، وكثّف منذ نحو عام هجماته على الدولة العبرية بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وأشاد أركان المحور خلال الساعات الماضية بالهجوم الصاروخي الذي نفّذته الثلاثاء غيران على إسرائيل. وتعتبر الجمهورية الإسلامية أبرز من يموّل ويدرّب ويدعم هذا المحور المعادي أيضا للولايات المتحدة.
من هم أعضاء المحور؟
تقود الجمهورية الإسلامية المحور من خلال دعمها المتواصل لثلة من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في الشرق الأوسط، منذ الثورة الإسلامية في العام 1979.
يُعدّ "حزب الله" اللبناني الذي اغتالت إسرائيل أمينه العام حسن نصرالله الأسبوع الماضي، الطرف الأبرز في "محور المقاومة". ونشـأ المحور بُعيد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في العام 1982 إبان الحرب الأهلية التي شهدها لبنان من 1975 حتى 1990.
قاتل "حزب الله" القوات الإسرائيلية التي احتلت جنوب لبنان حتى خروجها في العام 2000. ووسّع حجم ونوعية ترسانته منذ آخر حرب شاملة مع إسرائيل في العام 2006.
كذلك تنضوي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المنبثقة من جماعة الإخوان المسلمين والتي تأسست في العام 1987 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ضمن المحور. وتسيطر حماس على قطاع غزة منذ العام 2007.
وتقرّبت الحركة الفلسطينية التي شنّت هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل، في السنوات الأخيرة من طهران بعد برودة في العلاقات بسبب النزاع السوري، إذ أخذ الطرفان موقفين متناقضين من طرفي النزاع، ودعمت حماس المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد، السنية بغالبيتها، بينما وقفت إيران الشيعية الى جانب النظام السوري الذي تحكمه الأقلية العلوية في سوريا.
إلا أن "حماس" عادت لتكون حليفا رئيسيا لإيران في الأراضي الفلسطينية.
ومن أطراف المحور، اليمنيون الحوثيون المنتمون إلى الأقلية الزيدية. ونشأت "حركة أنصار الله" التي تمثلهم في صعدة في التسعينات على خلفية تهميش للأقلية المذكورة، وتلقوا تدريبا وتسليحا من إيران إلى أن سيطروا في تموز/يوليو 2014، على مساحات واسعة من اليمن.
ويضمّ المحور أيضا مجموعات أخرى على غرار فصائل شيعية عراقية تأسّست بعد الغزو الأميركي لبلاد الرافدين عام 2003.
وأصبحت تلك الفصائل جزءا من القوات الأمنية العراقية، وهي تعارض جهارا إسرائيل والولايات المتحدة التي لا تزال تحتفظ بقوات لها في العراق كجزء من تحالفها العسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتشكّل سوريا بزعامة بشار الأسد جزءا من "محور المقاومة". وتؤوي سوريا عددا من الفصائل المدعومة من إيران، من بينها "لواء فاطميون" الأفغاني و"زينبيون" الباكستاني.
تحالف عسكري عززته حرب غزة
بدأت هذا التحالف عمله الحربي المشترك مع بداية الحرب السورية في العام 2011، عندما تدخلت إيران وحزب الله لدعم نظام الرئيس بشار الأسد.
كما شهد صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في العام 2014 دعم إيران وحزب الله للفصائل في كلا البلدين كجزء من تحالف مناهض للجهاديين.
لكن بداية الحرب في غزة العام الماضي، عززت التنسيق العملياتي بين أعضاء المحور في إطار استراتيجية أطلقوا عليها "وحدة الجبهات" سعيا لمحاصرة إسرائيل بهجمات من دول عدة.
ويتبادل حزب الله إطلاق النار مع إسرائيل بشكل يومي تقريبا منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وطغى الصراع بين الطرفين مؤخرا على حرب غزة مع تكثيف إسرائيل هجماتها على لبنان وإعلانها بدء عملية برية "محدودة"، إثر اغتيال نصرالله.
ويتبنى الحوثيون بانتظام تنفيذ ضربات صاروخية عدة تجاه إسرائيل، ويهاجمون سفنا يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن منذ تشرين الثاني/نوفمبر.
وشكّلت الفصائل الشيعية في العراق تحالفا باسم "المقاومة الإسلامية في العراق" في أعقاب حرب غزة. وأعلن التحالف مسؤوليته عن استهداف إسرائيل بطائرات مسيّرة وصواريخ.
ونفّذت إيران منذ بدء الحرب في غزة هجومين صاروخيين مباشرين ضد إسرائيل، الأول في نسيان/أبريل الماضي والثاني امس الثلاثاء.
"الأول في التاريخ"
يُعد الدعم الإيراني أحد العناصر الرئيسية التي تربط المحور ببعضه.
ويقول الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن أرشين أديب مقدم لوكالة فرانس برس "المستويات العسكرية والأمنية للسلطة في إيران تعمل كسلسلة إمداد لوجستية وتنظيمية للمحور".
وترى الخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن "محور المقاومة" يشترك أيضا في أيديولوجيا سياسية.
وتقول لفرانس برس "سبب وجود محور المقاومة كان دائما مقاومة إسرائيل والهيمنة الأميركية" في المنطقة.
وتلفت إلى أن اعضاءه "يشتركون في هوية وخطاب مناهضين للإمبريالية والصهيونية. هذا تحالف سياسي قوي وأيديولوجي، ولكنه نشط أيضا في زمن الحرب".
وتتابع سعد "إنه تحالف غير مسبوق، الأول في التاريخ الذي يتكوّن من جهات فاعلة من الدولة وغير الدولة ولكن الجهات الفاعلة غير الحكومية تقوم بمعظم القتال".
وتعتبر أن هدف أعضاء المحور المتمثل بتفكيك إسرائيل ليس أيديولوجيا بحتا، ولكنه يستند أيضا إلى السعي الى تأمين الأمن وسط التهديدات الإسرائيلية.