النهار

بعلبك - الهرمل في عين العاصفة والضائقة الاقتصادية... الحاج حسن يطالب الأمم المتحدة برفض الحصار البري
لينا اسماعيل
المصدر: "النهار"
بعلبك - الهرمل في عين العاصفة والضائقة الاقتصادية... الحاج حسن يطالب الأمم المتحدة برفض الحصار البري
بعلبك.
A+   A-

تنعكس ويلات الحرب على كل القطاعات، ولا سيما منها القطاعات الإنتاجية في البلاد، وتالياً تشتدّ وطأتها في منطقة بعلبك – الهرمل التي تشهد تباطؤاً اقتصادياً مقلقاً، إذ قفز معدل البطالة في سرعة إلى 44%، ما يضع السكان في دوّامة الضائقة المعيشية.

أبناء هذه المحافظة يتجرعون اليوم مرارة الخوف من فقدان الأمن الغذائي والدوائي والاستشفائي، ناهيك بشبح الشح في المحروقات الذي قد يحرمهم حرية التنقل بين مناطقهم، ويقيهم برد الشتاء الذي يدقّ الأبواب.

 

تحت وطأة الضغوط الحربية الناجمة عن غارات الطيران الإسرائيلي، تواجه المعابر غير الشرعية في البقاع الشمالي، وهي شريانه البري، تحديات جسيمة تلامس حدود الصمود. فهي المتنفس الوحيد لمرور البضائع الغذائية والطبية والمحروقات من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني. وقد تزايدت مخاوفهم بعد تضرّر إحدى قوافل الإغاثة بغارة إسرائيلية استهدفت مؤسّسة لبيع ألواح الطاقة الشمسية في بلدة العين، إذ صودف مرورها قرب موقع الغارة، متوجهة نحو رأس بعلبك برفقة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومحافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر.

 

 

فيما أدى استهداف الطريق الدولية بعلبك - رياق اليوم ، إلى قطعها لأكثر من ساعتين.

لذلك، بدأ الأهالي إلى جانب النازحين من بيروت والجنوب، يشعرون بقلق عميق حيال فقدان بعض المقوّمات الأساسية أو تراجع كمياتها تراجعاً ملحوظاً، ولا سيما منها حليب الأطفال وأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. ويعزون ذلك إلى قطع الطرق واستهداف قوافل المساعدات  الغذائية التي بدأت بالوصول إلى المحافظة من جهة، واحتكار بعض التجار للأغذية من أجل بيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة من جهة أخرى.

 

الحاج حسن

ويرى وزير الزراعة عباس الحاج حسن في تصريح لـ"النهار" أن "استهداف العدو الإسرائيلي لهذه المناطق والمعابر يعتبر حصاراً برياً مطلقاً على لبنان وعلى المدنيين وعلى القطاع الزراعي وعلى الأمن الغذائي اللبناني، بحيث إن قطع الطرق يؤثر تأثيراً كبيراً على القطاع الاقتصادي الوطني اللبناني أولاً، وعلى القطاع الزراعي ثانياً من استيراد وتصدير، إضافة إلى أن الطريق الدولية هي الشريان الطبيعي الحقيقي الذي يربط لبنان بالدول العربية. وعليه، نطالب عبر "النهار" الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والهيئات الأممية بأن تقف وقفة رافضة لهذا الأمر، والمطلوب اليوم وقف النار الفوري ووقف حمام الدماء التي تسيل كل يوم  في لبنان جراء استهداف العدو الإسرائيلي المدنيين في سائر المناطق اللبنانية".

 

ويلفت إلى أن الحرب "أثّرت كثيراً على القطاع الزراعي، إذ نزح عشرات ألوف المزارعين من الجنوب والبقاع الأوسط والشمالي والغربي، في اتجاه المناطق الآمنة بين مزدوجين، وعليه، كان لهذا الأمر تأثير وسيوثر سلباً على القطاع الزراعي والأمن الغذائي".

 

 

ويضيف: "اليوم نعتبر أننا في مرحلة دقيقة جداً، وتالياً نعمل بكل طاقتنا وجهدنا مع الفرق العاملة على الأرض، أكان الهيئات الأممية أو اللجنة الوزارية، أو رئاسة الحكومة ودولة الرئيس نبيه بري، لوضع حدّ لتخفيف هذه الأزمة المتأتية من خلال الضربات الإسرائيلية في البقاع وباقي السهول الجنوبية".

 

خشية سائقي القوافل

ويعبّر أحد سائقي شاحنات القوافل الإغاثية لـ"النهار"، عن مخاوفه من استهداف القوافل على رغم التطمينات التي تقدمها الجهات الدولية، ومرافقة الصليب الأحمر اللبناني، بقوله: "لم يُظهر الجيش الإسرائيلي أي رحمة حيال الأطفال الأبرياء أو الطواقم الطبية، أو قوات اليونيفيل في الجنوب، فكيف يمكن أن يتعاطف معنا؟ إن ما شهدناه اليوم يزيد من قلقنا وخوفنا العميق".

 

نسبة النزوح 70%؟

ويشير رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة إلى "تفاوت نسبة النزوح من القرى والبلدات، والتي سجّلت في متوسطها نحو 70% بين السكان الذين توزعوا بين قرى الاتحاد وبلداته وخارج المحافظة، غير أنه لايزال حوالة 30% من الأهالي متشبثين بمنازلهم، على رغم المخاطر اليومية المحدقة بهم. وإن المؤسسات الغذائية والأفران والصيدليات ومحطات الوقود والمحال التجارية عموماً، تتحدى العدوان وتفتح أبوابها جزئياً وتختلف نسبة الإقفال والفتح بحسب ظروف الاعتداءات اليومية، وأهلنا متجاوبون ويسعون إلى تأمين المواد الغذائية اللازمة في مؤسساتهم ومحالهم للناس".

 

غير أنه يوضح "أن النشاط الزراعي أصيب بنكسة كبيرة طبعاً بسبب العدوان، إذ تعرّض الكثير من المحاصيل الزراعية للتلف واليباس بسبب عدم ريها والاهتمام بها ونزوح غالبية اليد العاملة الزراعية. كذلك يعاني مربو المواشي خسائر فادحة جراء تلف الحليب لعدم تمكنهم من بيعه بسبب توقف معامل الأجبان والألبان المحلية عن العمل وصعوبة إيصال الإنتاج إلى خارج المنطقة".

 

ارتفاع أكلاف النقل

ويؤكد رئيس بلدية القاع بشير مطر في اتصال مع "النهار" أن الغارات التي تستهدف جوانب الطرق والبلدات التي تعبرها الطرق الدولية، "تؤثر سلباً على قدرة المزارعين على تصريف إنتاجهم، بحيث يضطرون إلى دفع أكلاف نقل مرتفعة تفوق قيمة السلع نفسها.

 

ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى تحديات كبيرة أمام التجار في إيصال البضائع من بيروت وزحلة، خصوصاً أن المنطقة تستهلك حالياً كميات كبيرة بسبب أزمة النزوح".

 

 ويلفت في هذا الصدد إلى "تعقيد الأمور مع مراقبة الأسعار نتيجة ارتفاع أكلاف النقل، ما يخلق حالة من الارتباك، وخصوصاً مع الشائعات التي تدفع الأهالي للتوجه نحو التخزين، ما يزيد الأسعار ويهدّد استقرار السوق".

 

إن المساعدات الدولية التي تُقدم اليوم للمنطقة لا تستطيع أن تبدّد مخاوف المواطنين من انعدام الأمن الغذائي والحاجات الصحية، خصوصاً أن الدولة تفتقر إلى القدرة على تأمين هذه المساعدات وإيصالها إليهم إذا جرى فصل محافظة بعلبك - الهرمل عن بيروت وضواحيها، وقد وفد إليها بحسب الإحصاءات الرسمية حوالي 12.398 نازحاً (2.885 أسرة تضم 1.055 طفلاً و1.176 امرأة)، ولا يمكن إغفال أعداد النازحين الذين يعيشون داخل المنازل والذين يُقدّر عددهم بالآلاف.

اقرأ في النهار Premium